ستعقد هذه القمة بين كوريا الشماليةوالولاياتالمتحدةالأمريكية يومى 27 و28 فبراير فى هانوى عاصمة فيتنام، أى بعد ثمانية أشهر من القمة التاريخية الأولى بين الرئيس الأمريكى ترامب والزعيم الكورى الشمالى كيم جونغ أون، بسنغافورة فى يونيو من العام الماضي، ولذلك فهى تحظى ببالغ الاهتمام حيث يتوقع أن تحرز هذه القمة تقدما ملحوظا فى مسألة نزع الأسلحة النووية لكوريا الشمالية واستقرار السلام فى شبه الجزيرة الكورية. القضية النووية الكورية الشمالية التى ظهرت على الساحة منذ ثلاثين عاما، والشكوك التى أثيرت عن سعى إيران لتطوير الأسلحة النووية، مما يرتبط ارتباطا مباشرا بسلام وأمن المجتمع الدولى، ونتيجة لفشل جهود المجتمع الدولى فى منع كوريا الشمالية من تطوير الصواريخ النووية فى اتفاقية جنيف عام 1994 والمفاوضات السداسية فى منتصف عام 2000، استمرت كوريا الشمالية فى تطوير قدراتها الصاروخية النووية. افتخرت كوريا الشمالية باكتمال بناء قواتها النووية من خلال تجاربها التى أجرتها سواء إن كانت التجربة النووية السادسة أو تجاربها ال15 لإطلاق صواريخ منها صواريخ باليستية عابرة للقارات (ICBM) فى أواخر 2017. وتبنى رئيس كوريا الجنوبية مون جيه إن، رؤية إستراتيجية لإرساء السلام بشبه جزيرة كوريا منذ توليه منصبه فى مايو عام 2017، فدعا الوفد الكورى الشمالى لدورة الألعاب الأوليمبية الشتوية فى مدينة بيونج تشانج التى أقيمت فى فبراير عام 2018 مما أدى إلى استئناف الحوار بين الكوريتين. من خلال قمة الكوريتين التى عقدت فى 27 أبريل والقمم الثلاث التالية بين الكوريتين وقمة كوريا الشماليةوالولاياتالمتحدةالأمريكية، تحقق تقدما كبيرا فى تهدئة التوترات العسكرية وتبادل التعاون بين الكوريتين مما كان بمنزلة القوة الدافعة فى استمرار التشاور لنزع الأسلحة النووية الكورية الشمالية وإرساء السلام. لقد كان هذا تغيرا هائلا خلال العام الماضي، مقارنة بعام 2017 الذى ساده التوتر الحاد والذى ذكره الرئيس الأمريكى ترامب نار وغضب. فإذا تم الوصول إلى اتفاق فعال ودقيق عن نزع الأسلحة النووية الكورية الشمالية، ستكون قمة كوريا الشماليةوأمريكا الأسبوع المقبل بمنزلة التغلب على الصراعات المستمرة منذ 70 عاما بين الكوريتين ونقطة تحول وخطوة على طريق إرساء السلام الدائم فى شبه الجزيرة الكورية . تواصلت الاجتماعات والمشاورات وبحث تسلسل إجراءات نزع الأسلحة النووية ومداها والتدابير المتعلقة بتطبيع العلاقات وتخفيف جزئى للعقوبات بين الطرفين سواء رفيعة المستوى أوعلى مستويات أخرى منذ عقد القمة الأولى بين كوريا الشماليةوأمريكا فى يونيو عام 2018. ويبذل الطرفان جهودا لتقارب وجهات النظر من خلال المفاوضات القادمة. وفى الآونة الأخيرة، هناك توقعات متفائلة بأن القمة ستحقق نتائج ملموسة من خلال لقاء وجها لوجه بين الرئيس ترامب والزعيم كيم جونغ أون بعد ثمانية أشهر من أول لقاء بينهما. على الرغم من اتخاذ كوريا الشمالية لإجراءات جزئية لنزع الأسلحة النووية مثل إغلاق موقع بونجي-رى للتجارب النووية وموقع تونغتشانغ-رى لتجارب محركات الصواريخ، إن كوريا الشمالية ينبغى أن تتفق على الإجراءات الحقيقية حتى تصل إلى التفكيك الكامل للأسلحة النووية والتعاون مع المجتمع الدولى للقضاء على شكوكه تجاهها. تلك الاجراءات هى تفكيك منشآت يونغبيون النووية لإنتاج البلوتونيوم وتفكيك منشآت تخصيب اليورانيوم و المواد النووية للتخلص النهائى من الأسلحة النووية. وقد أعرب الزعيم كيم جونغ أون عن استعداده لاتخاذ اجراءات تكميلية مثل الإغلاق النهائى لمنشأة يونغبيون النووية بمناسبة القمة الثالثة بين الكوريتين التى عقدت فى سبتمبر 2018، ونأمل أن يتحقق ما عبرت عنه كوريا الشمالية خلال قمتها مع الولاياتالمتحدة فى هانوى. إن كوريا الشمالية ستكون قادرة على تحقيق التنمية الاقتصادية وتحسين مستوى معيشة شعبها من خلال مساع جدية لنزع الأسلحة النووية ولتعزيز العلاقات بين الكوريتين وبين أمريكا، بل أيضا يمكن أن يرحيب المجتمع الدولى بكوريا الشمالية كعضو كريم فيه. حققنا استئناف الحوار مع طرف كوريا الشمالية، من خلال قرارات الرئيس الكورى الجنوبى مون جيه إن الجريئة والاستراتيجية، أيضا كوريا الجنوبية تستمر فى دور المشجع لتقدم العلاقة بين كوريا الشماليةوالولاياتالمتحدة. كما بذلت كوريا الجنوبية جهودها لتعزيز التواصل مع دول الجوار الصين واليابان وروسيا، ولدعم عملية السلام فى شبه الجزيرة الكورية مع أطراف المجتمع الدولى الأخرى كالاتحاد الأوروبى خلال الاجتماع الوزارى لشئون الشرق الأوسط فى يومى 13 و14 فبراير بوارسو ومؤتمر ميونخ للأمن فى 15 إلى 17 فبراير. إن رؤية وجهود الرئيس مون جيه ان، تتشابه مع القرارات الاستراتيجية والشجاعة للرئيس الأسبق أنور السادات، الذى وقع معاهدة سلام مع إسرائيل عام 1979 اتفاقية كامب ديفيد وهى حجر الاساس للاستقرار والسلام فى الشرق الأوسط، عندنا أمنيات قوية تثمر جهودنا عن نجاح قمة كوريا الشماليةوأمريكا وتتحقق الزيارة التارخية الأولى للزعيم الكورى الشمالى إلى كوريا الجنوبية، التى تعهدت بها كوريا الشمالية خلال القمة الثالثة فى سبتمبر 2018. الشعب الكورى الواحد الذى يمتد تاريخه الطويل من عهد بناء الهرم الأكبر، يتمنى أن يحرز سلاما دائما فى شبه الجزيرة الكورية من خلال مبادراته الخاصة والتنسيق الوثيق مع المجتمع الدولي، ويفتح طريقا للمساهمة فى استقرار وازدهار شمال شرق آسيا والعالم. سفير جمهورية كوريا لدى جمهورية مصر العربية لمزيد من مقالات يون يوتشول