«الثقافة» توصى بإيقاف العمل بقانون الحفاظ على التراث المعمارى!! يناير 2019 .. «هدم » وكالة العنبريين «الأثرية بالقاهرة !!» فبراير 2019 .. خبران استدعيا للذاكرة متوالية أحداث مسلسل إهدار تراث مصر العمراني، بدم بارد وبحمرة خجل لا تعرف طريقها لجهلاء يستهينون بقيمة ما يهدرون ، ولسماسرة أراض يقايضون تاريخ مصر وحكايات أهل المحروسة - وكأنهم يهوذا- بربع فضة..!! «الإسكندرية تخسر معركة المبانى التراثية.. هدم مبنى راقودة !!»..«هدم عقار مدكور باشا رغم تسجيله بقائمة المبانى ذات الطراز المعمارى المميز عام 2010..!!».. «الزراعة» تطرح 20 قطعة أرض للبيع بالمزاد منها قطعة أرض بحدائق انطونيادوس- يونيو 2018!!.. «المياه الجوفية تهدد قبة» رقية دودو يناير2019!! ..، وصولا للتوصية الغريبة التى خرجت بها لجنة الثقافة بالنواب بإيقاف العمل بقانون الحفاظ على التراث المعمارى ، وليس مراجعته أو تفعيله لإنقاذ ما تبقى من تراثنا المعماري، بحجة عدم فاعليته !!، وكأنما قررنا أن نرسل المريض للمشرحة بدلا من علاجه!! شعرت بغصة فى حلقى عندما خايلتنى صور اختزنها العقل. «استخرت الله وارتقيت السلم الحجرى لأدلف إلى بيت متواضع تشير الأرقام المحفورة على واجهته إلى أن تاريخ بنائه يعود للقرن السابع عشر . لم يكن فى البناء ما يختلف عن العديد من المبانى القديمة التى تحفل بها المدينة الصغيرة، ويستغلها سكانها مع مراعاة ألا تمس عمليات الترميم الطراز المعمارى للبناء، أو تتضمن إضافة أجهزة ظاهرة للمارة - كالتكييف - لم يعرفها أهل المدينة فى ذلك الزمن.. ما إن مررت أمام ألواح غطت جدران البيت المكون من حجرتين لا أكثر، حتى تحولت لشاشات ثلاثية الأبعاد، لتحوطنى من كل جانب صور حية للمدينة ولسكانها فى القرن التاسع عشر، و للمبانى وللأحياء التى تهدمت فى الحربين العالميتين..تراءت أمام عينى مجموعة من الصور العقلية لبيوت متواضعة وميادين، ولمجرد بصمة قدم لمجهول أحاطها سياج رقيق من النباتات، ولافتة تعلن أن الحجر يعود لحقبة ما فى تاريخ الإمبراطورية الرومانية !!» هناك يعيدون بناء الحدث، وأحيانا يختلقونه؛ لصياغة حالة تواصل وانتماء ، فما بالنا نصفى شهود تاريخنا!! هل تعاملنا مع آثارنا بحكمة المنطق الاقتصادى الذى يؤكد أن الوفرة تساوى رخص المنتج وإهدار قيمته؟! فالتوصية التى خرجت بها علينا لجنة ثقافة النواب، فى ظل مشكلة عدم تحديد الجهة المسئولة عن الحفاظ على تراثنا العمرانى المميز ومسلسل إخراج مبان من قائمة الآثار المسجلة للتخلص من تكلفة صيانتها وترميمها، والقضايا التى يقيمها ورثة ملاكها لهدم المبانى واستغلال أراضيها فى مشاريع استثمارية، مع استمرار الانتهاكات التى يتعرض لها تراثنا المعمارى من نهب وسرقة وعدم ترميم، كلها تؤكد أننا ندور فى حلقة مفرغة بتجاهلنا لأسبابها، وبالتالى سيظل اختيارنا الأبدى عدم الوصول لحلول حاسمة نهائية!!. وفقا لإحصائيات «جهاز التنسيق الحضاري» يبلغ عدد المبانى التراثية فى مصر نحو 6500 مبنى فى محافظات مصر، ومن المؤسف أن75% منه فى الفترة من 2011 إلى 2014!!، منها على سبيل المثال لا الحصر: بيت المهندس بسوق السلأن بعضيت محمد فريد بشبرا، وفيلات المعادى وعمارات أثرية بأحياء القاهرة المختلفة وفندق الكونتنيننتال، وهدم 36 مبنى تراثيا بالاسكندرية منها بيت لورانس داريل وفيلات «عبود باشا» و«شيكوريل» و«سباهي» و«جوستاف أجيون» و«أمبرون» وغيرها من مبان ذات طرز معمارية فريدة يعود تاريخ بنائها لبداية القرن الماضي..الغريب أن بعضها لم يتم إدراجه فى قائمة الآثار، والأغرب أن بعضا منها كان مسجلا ولكن تم حذفه!. وإذا كانت المساحة تضيق عن سرد قائمة تراثنا المهدر ، فإنها تستوعب طلب إحاطة حول التوصية المطروحة، التى سبقها طلب بهدم المبانى التى يزيد عمرها على 65 عاما بحجة حماية الأرواح ، علما بأن هذه البنايات أكثر صلابة وجمالا من أبراجنا العصرية!!.. عن مطالبة بتفعيل قانونى حماية التراث العمرانى وتعويض الملاك وتحديد الجهة المنوط بها تسجيلها وحمايتها و ترميمها ، والقضاء على مافيا استصدار تراخيص الهدم والبناء، حماية لذاكرة وتاريخ نتجاهل عواقب إهدارهما. لمزيد من مقالات سناء صليحة