ما أبعد الليلة عن البارحة فى قضية العمل، والعلاقة بين العمال وأصحاب الأعمال أو الرأسماليين. قبل نحو 180 عاماً، وجه كارل ماركس وفريدريك إنجلز نداء إلى عمال العالم ليتحدوا. جاء النداء فى نهاية الفصل الرابع فى البيان الشيوعى المشهور الصادر عام 1848. وكان تحرير العمال من الاستغلال أحد أهم محاور الفلسفة الماركسية، بناء على فكرة أن العمل هو الذى يخلق قيمة أى شيء. حلم مئات الملايين، على مدى عقود طويلة، بالتحرر من الاستغلال الذى يحرم العمال من القيمة الحقيقية لعملهم. لكن هذا الحلم أصبح ترفاً فى عالمنا الراهن. يبحث الملايين الآن عمن يستغلهم، فى الوقت الذى تزداد معدلات البطالة فى كل مكان بدرجات متفاوتة. ويقبل معظم العمال اليوم ما كان بعض أسلافهم يرفضونه من قبل. والمتوقع أن تزداد ظروف العمل صعوبة فى السنوات المقبلة، كلما ازدادت البطالة بما تمثله من ضغوط على الباحثين عن عمل، خاصة فى ظل التوسع السريع فى استخدام الروبوت للقيام بعدد متزايد من الأعمال. وهذا هو ما يشغل منظمة العمل الدولية الآن، وهى تستعد للاحتفال بالذكرى المئوية الأولى لتأسيسها. فقد أُنشئت عام 1919، فى إطار التحولات التى ترتبت على الحرب العالمية الأولى. ورغم الانتقادات التى تتعرض لها، فقد حققت نجاحاً معتبراً فى سعيها إلى تحسين ظروف العمل، وحماية حقوق العمال، بمقدار ما استطاعت. غير أن التحدى الجديد الذى يواجهها ربما يكون الأصعب فى تاريخها، وهو التراجع المتوقع فى الوظائف، وفرص العمل، نتيجة الاعتماد المتزايد على الروبوت. وتولى المنظمة هذا التحدى اهتماماً خاصاً فى تقريرها، الذى سيناقش فى اجتماعها السنوى فى يونيو المقبل. ومن أهم ما خلصت إليه اللجنة أن التقدم التكنولوجى السريع يساعد فى خلق وظائف جديدة، ولكن الأشخاص الذين سيفقدون وظائفهم نتيجة ازدياد الاعتماد على الروبوت قد لا يكونون مؤهلين للعمل فى هذه الوظائف، لأن مهارات اليوم لن تلائم وظائف الغد. ولذا يدعو التقرير إلى عقد اجتماعى جديد يتيح للعمال، والباحثين عن عمل، حصة عادلة فى مكاسب التقدم التكنولوجى، ويقلل الخسائر الاجتماعية المترتبة عليه. لمزيد من مقالات د. وحيد عبدالمجيد