فى حديث للدكتور حسام موافى الأستاذ بطب قصر العينى، قال إنه اشترى كتاباً أجنبياً يقع فى ألف صفحة عنوانه «الماء»، وقد دفعه الفضول العلمى إلى شرائه بما يعادل خمسمائة دولار أمريكى ويتساءل: ماذا كتب المؤلف عن الماء فى هذا العدد؟، وبعد ثلاثة أشهر فرغ من قراءة الكتاب الذى شرح مؤلفه 16 طريقة مختلفة تمكن الجسم من التخلص من كل كمية الماء التى يشربها الإنسان، إذ أن الجسم لا يخزن أى كمية من الماء، وتتم هذه العملية بكفاءة بمشاركة المخ والقلب والكلى والكبد، وأفاد أن اعتلال عضلة القلب تسبب أوراماً فى القدمين نتيجة تخزين الماء, فى حين أن تليف الكبد يسبب الاستسقاء بسبب اختزان الماء، كما أن الفشل الكلوى يؤدى إلى تورم الجسم لنفس السبب، وهو ما يتطلب التخلص من الماء ميكانيكياً (عمليات الغسيل الكلوى).. ثمة حقيقة مفادها أن هناك توازناً مائياً دقيقاً, بحيث يتخلص الجسم من كل كمية الماء التى دخلت إليه، وذلك عن طريق العرق والبول وبخار الماء فى عملية الزفير، ويحكى د. حسام موافى أنه عند انتهائه من قراءة الكتاب المذكور سمع أذان المغرب من مسجد يجاور منزله، فنزل لأداء الصلاة، وكانت دهشته شديدة عندما قرأ الإمام فى التلاوة «وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ» (الحجر22)، فلقد تأمل الآية، وتأكد أنها لخصت بإعجاز بالغ ما ضمه الكتاب ذو الألف صفحة بين دفتيه وهو أن جسم الإنسان لا يخزن الماء أبداً مادام هذا الجسم سليماً معافي. إن جزئ الماء بسيط من الناحية الكيماوية، فهو يتكون من ذرتين من الهيدروجين، وذرة واحدة من الأكسجين، ولكن لهذا الجزيء صفات فريدة من أهمها ما يلي: أولا: إن حياة جميع الكائنات الحية تستحيل فى عدم وجود الماء «.. وجعلنا من الماء كل شيء حى أفلا يؤمنون» (الأنبياء 30) لأن التفاعلات الحيوية الأيضية سواء المسئولة عن عمليات البناء Anabolism أو تلك المسئولة عن عمليات الهدم Catabolism من المستحيل أن تحدث فى غياب الماء. ثانيا: يحتوى جسم الإنسان على نحو 70% من وزنه ماء، كما يوجد الماء فى جميع الأغذية بما فيها الأغذية الجافة كالحبوب والبقوليات، وتحدد نسبة الماء فى الغذاء إمكانية تخزينه على درجة حرارة الغرفة دون أن يتلف أو يتدهور (علاقة عكسية). ثالثا: مع أن الماء هو «إكسير الحياة» بعد الهواء، فإن تخزينه فى الجسم يؤدى إلى حدوث تسمم، كما أن نقص الماء فى الجسم نتيجة للإسهال والقيء يؤدى إلى الجفاف الذى إذا لم يعالج أفضى إلى الموت. رابعا: يحتاج الإنسان البالغ إلى شرب ما لا يقل عن لترين من الماء (ثمانية أكواب) يوميا، وننوه إلى ضرورة أن يشرب المسنون هذه الكمية من الماء حتى مع عدم الشعور بالعطش، ذلك لأن مراكز الإحساس بالعطش الموجودة بالمخ تضعف مع تقدم السن.. إن احتياج الجسم للماء دون الحصول عليه يؤدى إلى إصابة الإنسان بالغيبوبة بل بالجلطات نتيجة لزيادة لزوجة الدم. خامسا: وفقا لكل النظريات الكيماوية فإن جزىء الماء كان ولابد أن يوجد على الحالة الغازية، بيد أن الحكمة الإلهية قد جعلته فى الصورة السائلة التى توائم احتياجات الكائنات الحية إليه، ويعزى ذلك إلى ارتباط جزيئات الماء بعضها ببعض بروابط خاصة تسمى «الروابط الهيدروجينية» (لاحظ أنه عند تسخين الماء فإن هذه الروابط تتكسر بالحرارة ويتحول الماء من الحالة السائلة إلى الحالة الغازية)، وسبحان الله العلى العظيم. د. محمد محمود يوسف عضو المجمع العلمى المصرى