► العلماء: التهرب ليس حلا.. ولابد من إصدارات وافية للتربية السليمة «أين الله؟ ومن خلقه.. وأين توجد الجنة والنار؟ هل يرانا الله؟ كيف.. وكيف سيعاقبنا على أفعالنا؟».. أسئلة كثيرة ومختلفة يوجهها الأطفال بفطرتهم إلى الوالدين فى محاولة للفهم ورغبة فى المعرفة والاستكشاف. الإجابة ليست خافية عن أى مسلم بالغ، لكن الحديث مع الأبناء فى الطفولة أمر يختلف كثيرا عن غيره، لذا يتعرض كثير من الآباء والأمهات للحرج من أسئلة أبنائهم العقائدية، ولا يدرون ماذا يفعلون هل: التجاهل؟ أم الرد بأى إجابة بصرف النظر عن مدى صحتها؟! علماء الدين والنفس حذروا من تجاهل أسئلة الأطفال أو الرد بإجابات غير صحيحة، وأكدوا أنه لابد أن تكون الإجابة واضحة ومحددة وقريبة إلى مدارك الأطفال وأن تتناسب الأدلة وسبل الإقناع مع عقولهم وتفكيرهم. يقول الدكتور محمد المهدى، أستاذ الطب النفسى بجامعة الأزهر: إن الطفل عقله أقرب للعقل الحسى ولم يصل إلى القدرة التجريدية، فهو لم يفهم الغيب، وبالتالى فهو يحتاج من الوالدين إلى إجابات توافق هذا العقل الحسي، فيجب عليهما إعطاء إجابات بسيطة قريبة للحقيقة، وحتى يصل الطفل إلى السن التجريدية يجب أن تكون إجاباتنا عن أسئلته واضحة، فعندما يسأل الطفل: أين ربنا؟ نقول له ربنا فى السماء وهو الذى يعطينا كل الخير فى حياتنا وهو من يبعث لنا الشمس لكى تنير حياتنا والقمر الذى ينير لنا الظلام.. فكل هذه الإجابات حسية تتوافق وتتناسب مع عقل الطفل وعندما يتوغل الطفل لكى يحصل على تفصيلات أكثر عن الله عز وجل يجب أن تكون إجاباتنا غير مخيفة أو مرعبة أو مزعجة له، ولا يجب أن نقول له (ربنا سيدخلك النار لو كذبت)، فلابد أن تكون صورة الله عند الطفل صورة مريحة وودودة وفيها الحب والعطاء والخير، وأن نبتعد عن أى صورة مهددة.. وعندما يكبر نعلمه الصفات الإلهية العظيمة فالله سبحانه هو الرحمن الرحيم، وعندها يكون قادرا على فهم كل جوانب عظمة الله، فلا يجب بأى حال من الأحوال أن يفهم الطفل أن الله كائن جبار يخيفه أو يرعبه. ويوضح الدكتور مختار مرزوق عبدالرحيم، العميد السابق لكلية أصول الدين بأسيوط: لأنه يجب علينا كآباء وأمهات أن نربى أبناءنا على خوف الله عز وجل وعلى توقيره وتعظيمه حق التوقير، ومراقبته عز وجل فى السر والعلن بأن نكون لهم قدوة لهم فى ذلك بسلوكنا وإبراز ما يرمز إلى الاعتقاد الدينى من أقوال وعبادات، والحرص على تدريب الأطفال على أداء العبادات شيئا فشيئا، خاصة الصلاة واصطحابهم لأدائها فى المسجد، ما أمكن ذلك، فإذا تربى الطفل على ذلك ستنشأ عنده العقيدة الصحيحة بالفطرة قبل ان تتلوث، ومن ثم يسهل إقناعه واستيعابه لإجابات أسئلته العقائدية، وأعظم تلك الأسئلة هو السؤال المباشر: أين الله؟ وهنا يكون الجواب التلقائى للطفل: ان الله سبحانه وتعالى فوق كل شيء، ولا مانع من الإشارة الى جهة السماء، لأنه قد صح فى الحديث أن امرأة جيء بها لكى تدخل فى الإسلام وكانت المرأة أعجمية، فسألها النبى صلى الله عليه وسلم أين الله؟ فأشارت إلى السماء، فقال لها: من أنا؟ فقالت: أنت رسول الله ش صلى الله عليه وسلم ، فقال للذى جاء بها وكان يريد إعتاقها أعتقها فإنها مؤمنة. وأوضح د. مختار مرزوق أنه ينبغى أن يكون الجواب هنا مطلقا دون التدخل فى تفصيلات العلماء حول مكان الله وغيرها من الأشياء التى يصعب على الطفل فهمها واستيعابها. ومن الممكن أن يرد على السؤال كيف يحاسب الله الناس جميعا يوم القيامة؟ فتكون الإجابة كما ورد فى أقوال سيدنا على رضى الله عنه وأرضاه: (يحاسبهم جميعا فى وقت واحد كما يرزقهم فى وقت واحد). وحينما يسأل الطفل: هل يعلم الله كل شيء عنا؟ فتكون الإجابة: نعم، فالله تعالى يقول فى كتابه الحكيم (وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ) إن كان فى سن تستوعب ذلك.. ومن الممكن أن نقرب المسألة للأطفال بأنه حين توضع كاميرات المراقبة فى مكان كبير فإنها تنقل كل شيء لحظة بلحظة، فما بالنا بمراقبة الله عز وجل للبشر.. وحينما يسأل الطفل: كيف يحاسبنى الله تعالى إذا ضربت أحدا أو شتمته؟ نقول له: نعم يحاسبنا الله لان هذا هو العدل أن يحاسب الظالم على ظلمه، لكن نقول له هناك طريقة حتى لا تحاسب وهى أن تذهب إلى من ضربته أو شتمته وتعتذر إليه فإن سامحك سيسامحك الله عز وجل، وبهذا نعلم الطفل العقيدة الصحيحة والأخلاق الحسنة فى وقت واحد. ويرى الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الشريعة بالأزهر، أن المجتمع ما زال يعانى عدم وجود إصدارات كافية وافية فى تربية الأبناء، وهذا خلل واضح وفاضح فى المجتمعات العربية، وذلك لعدم إلمام أو دراية الأسر بمبادئ العقيدة الإسلامية فيما يتصل بتعليم الأطفال أو الإجابة عن أسئلتهم فتكون الإجابة: إما خاطئة، وإما الصمت وعدم الرد على أسئلتهم وهو ما يزيد الحيرة.. لذا يجب العناية بإصدارات بحثية للأسرة عن تربية الأولاد من المنظور الإسلامى للإلمام بالأمور العقائدية أو العبادية الرئيسية، لأن فاقد الشيء لا يعطيه، كما أنه ليس كل ما يعلم يقال، فالولد يحتاج فى مراحل عمرية إلى إجابات تناسب مداركه، وعند السؤال: «أين الله؟» أرى أن تكون الإجابة بالحديث عن آثار أو طلاقة قدرة الله فى إبداع المخلوقات فيعطى للطفل ببساطة أن كل مخلوق له خالق وكل مصنوع له صانع، مع ذكر الأدلة المبسطة فى العوالم من مخلوقات الله عز وجل.. فإذا انتقل إلى عمر آخر تتغير الإجابة بما يتلاءم مع مداركه وفهمه، وأن تكون الإجابة من الفكر الأزهرى الوسطى دون جنوح إلى أفكار وتيارات، الأمر الذى يحتم وجود إصدارات متخصصة فى تربية الأبناء وتتضمن الرد الشافى على أسئلتهم العقائدية.