فى بداية كل عام، تصدر وزارة التعليم بمختلف دول العالم تقارير عن حال التعليم فى عام مضى، وخططها للعام القادم، وعادة تكون هناك عناصر مشتركة فى هذه التقارير، وأخرى خاصة بكل بلد على حدة. على سبيل المثال اهتمت استراليا بمرحلة ما قبل المدرسة والفئات المهمشة، بينما أضافت انجلترا فى تقريرها جزءا خاصا بتعليم ذوى الاحتياجات الخاصة، واهتمت اليابان بإعداد الطالب لسوق العمل، وتأهيل المعلم بالمهارات المطلوبة لتحقيق هذا الهدف، مع تضمين التكنولوجيا الآلية كالروبوت كوسيط لتوصيل التعليم. واتفقت هذه التقارير جميعها على محور تكنولوجيا التعليم والمعلومات كجزء أساسى فى سياساتها التعليمية الحالية والمستقبلية. وتضمن هذا المحور عناصر مشتركة بلورت دورها فى العملية التعليمية، ومنها تغير مفهوم تكنولوجيا التعليم، فلم يعد قاصرا على توظيفها لاستخدام الطالب فقط، بل توسع ليشمل مساعدة أولياء الأمور فى تعليم أولادهم، وإثراء مهارات المعلم ودعم استخدامه لها. واختلفت كل بلد فى آليات تطبيق هذا التحول الرقمى التكنولوجى فى نظم التعليم، واتخذت إجراءات متنوعة، ومنها: -تطوير شبكة اتصالات رقمية واسعة النطاق خاصة بخدمات التعليم، وأخرى مخصصة للمناطق النائية، لضمان توصيل خدمات التعلم الرقمى إليها. -إتاحة المعلومات الرقمية، وضمان جودتها للطالب والمعلم وولى الأمر، ويشمل ذلك المحتوى التعليمى والتقويم، ومتابعة آداء الطالب، والأنشطة التعليمية، على أن يكون ذلك بصورة مقننة تشرف عليها وزارة التعليم، وتكون معممة على نطاق قومى، مع ضمان توفير البنية التحتية الملائمة لذلك. -التدريب على المهارات المرتبطة بالتعلم الإلكترونى والتى يطلق عليها مهارات ما حول التعلم كالتعامل مع المعلومات والأجهزة الرقمية، والبحث عن المعلومات وتقييمها وتأمينها. - إقرار المناهج الداعمة للتعلم الرقمى، كالمواطنة الرقمية، والتربية من أجل السلام، واللغة الأجنبية، وعلوم الحاسب والإنترنت، وقانون التعاملات الرقمية، والتكنولوجيا الخضراء. -تبنى ما يعرف بمجموعات الدعم وهى فرق منتقاة من الطلاب والمعلمين وذوى الخبرة يتم تشكيلها داخل المؤسسات التعليمية لتذليل العقبات التى قد تنتج عن نقص الموارد أو المهارات، وتعوق تعلم الطلاب أو استخدام الوسائط الرقمية. -تبنى فكرة رعاة التعليم من الهيئات والمؤسسات القومية التى تدعم فلسفة التعليم الوطنية بالإمكانات المادية والبشرية، كبناء المدارس وتجهيزها، وتدريب المعلمين، ونشر الوعى المجتمعى فيما يتعلق بتوظيف التكنولوجيا الرقمية فى التعليم، ومحو الأمية التكنولوجية. -المدارس التجريبية التى يتم من خلالها الدفع بالاستراتيجيات الجديدة للحكم على مدى قابليتها للتطبيق والنجاح قبل تعميمها ونشرها، واستغلال هذه المدارس كقوة دعم إيجابية لإقناع المعارضين. هذه الإجراءات فى مجملها هى محاولات منظمة تهدف إلى توطين التكنولوجيا الرقمية فى المجتمع وفى النظام التعليمى، فتتحول الأجهزة الإلكترونية التى اعتاد الطالب وولى الأمر والمعلم استخدامها فى غالبية الأمر كأداة تواصل وترفيه، إلى نافذة للتعلم والتواصل والمتابعة. ------------------------------- أستاذ تكنولوجيا التعليم - جامعة عين شمس لمزيد من مقالات د. حنان الشاعر