بمجرد أن تدخل أحد مكاتب أى وزارة أو مؤسسة أو شركة أو جامعة فى اليابان، تجد من يقدم لك كوبا من الشاى الأخضر أو ما يطلق عليه اليابانيون «أوتشا».والشاى الأخضر فى اليابان حكاية أكثر عمقا ومغزى من شرب الشاى الأحمر لدينا، خاصة طقوس الشاى التى يطلق عليها «سادو» أو «تشادو» أو فن تحضير وتقديم الشاي، وهى طقوس ترتبط ارتباطا عميقا بالعقيدة البوذية ومذهب «الزن» أحد أهم مذاهبها.وقد عرفت اليابان الشاى الأخضر فى القرن الثامن الميلادي، حيث نقله الكهنة والتجار والمغامرون اليابانيون الأوائل من الصين. ويعود الفضل فى ذلك للكاهن «إيساي» الذى ذهب إلى الصين وأمضى هناك سنوات يتعلم البوذية، وعندما عاد إلى اليابان نقل معه طقوس الشاى الأخضر إلى المعابد، ثم أصبح لحفلات الشاى شعبية كبيرة فى البلاط الإمبراطورى وطبقة المحاربين الساموراي، التى كانت تعد صفوة المجتمع اليابانى آنذاك. وقبل أن تتوحد اليابان كانت الحروب لا تتوقف بين حكام الأقاليم أو الشوجان، وفى محاولة منه لوقف تلك الحروب دعا الشوجان سين ريكيو معظم حكام الأقاليم الأخرى إلى حفل شاى فى أحد المعابد وكان شرطه الرئيسى هو ألا يدخل حاكم (شوجان) ومعه سيف أو لباس الحرب وأن ينقى قلبه من الأحقاد وأفكار العنف قبل أن يطهر جسده للمشاركة فى حفل طقوس الشاي، وألا يتحدث فى أى شيء سوى جمال الطبيعة وأدوات الشاى والمادة المصنوعة منها الخشب أنواعها ومناطق صناعتها.. ونجحت مبادرته فى الحد من الحروب بين الأقاليم لفترة، وهكذا تطورت طقوس الشاى الأخضر فى اليابان ليكون هدفها الأسمى سمو الروح والفكر والسلام والانسجام مع الطبيعة، هكذا يقول لنا أول أستاذ مصرى يتعلم «ثقافة» طقوس الشاى فى اليابان طارق السيد الذى شرح لنا فى منزل السفير ماساكى نوكى كيف تطورت طقوس وثقافة الشاى الأخضر فى اليابان، خاصة على يد مدرسة «أوراسينكى» التى افتتحت لها فرعا فى القاهرة. ولابد لمن يقدم طقوس الشاى الأخضر أن يرتدى «الكيمونو» الجوارب البيضاء والجلوس على «التاتامي» أو الحصير اليابانى التقليدي..ويتعين على الضيوف عدم ارتداء الملابس الزاهية، وإنما الهادئة والبسيطة، وكذلك عدم وضع العطور الفواحة لأنها قد تفسد طعم ورائحة الشاي. ولطالما استمتعت بشرب الشاى الأخضر فى اليابان، خاصة فى مطاعم «السوشى» أو السمك النيئ. لمزيد من مقالات منصور أبو العزم