ماذا تعني كلمة شائعة ولماذا وجدت في المجتمعات المختلفة؟ ليس من السهل أن نضع تعريفا دقيقا لكلمة شائعة، فهي تحمل كثيرا من المعاني، ويري البعض أنها اصطلاح يطلق علي رأي موضوعي مطروح كي يؤمن به من يسمعه، وهي تنتقل من شخص إلي آخر عن طريق الكلمة الشفهية دون أن يتطلب ذلك مستوي من البرهان أو الدليل. وهي تتسم بصفة التناقض، فقد تبدأ علي شكل حملات هدامة أو تهب كريح عاصفة عاتية، وقد تكون مسالمة لا تحمل أكثر من تمنيات طيبة للمستقبل، أو مدمرة تحمل في طياتها كل معاني الحقد والكراهية والتخريب، وهي وباء اجتماعي وسلاح رهيب يصيب الإنسان ولا يستطيع أن يبتعد عنه أو يتخلص منه بسهولة. وتروج الشائعات عندما تكون للأحداث أهمية في حياة الأفراد، أو حينما لا ترد عليها أخبار قاطعة، أو عندما تكون الأخبار غامضة. وقد ينشأ هذا الغموض عندما يصل الخبر محرضا أو عندما تصل إلي الفرد أخبار متضاربة، أو إذا عجز عن فهم هذه الأخبار. ولما كان بعض أفراد المجتمع يحبون القصص التي يصنعونها ويرفضون الشك فيها، فإن إجاباتهم لما يشكون فيه ويرونه تكون دائما إيجابية وأكثر تفصيلا، مما يزيد من معقولية الشائعة. وفي هذه الحالة تنسب الشائعة إلي «مصدر موثوق». ومما لاشك أن الشائعات ذات خطورة قوية للمجتمع وهي وباء اجتماعي وظاهرة من الظواهر التي يجب علي كل الشعب أن يتكاتف في مقاومتها والقضاء عليها. ويرجع البعض أسباب ترديد الشائعات إلي انعدام المعلومات وندرة الأخبار بالنسبة إلي المجتمع، ومن هنا يطالب المجتمع بضرورة تزويده بجميع الأخبار التفصيلية والدقيقة الممكنة حتي يكون علي بينة مما يدور حوله من أحداث وأعمال تؤثر علي حياته ومستقبله. وانعدام الأخبار وحدها أو ندرتها ليس بكاف لترويج الشائعات وإنما هناك عوامل أخري لابد من وجودها لتهيئ الظروف للشائعة وترويجها. ومع ذلك فإننا نستطيع أن نؤكد أن هناك شرطين أساسيين يتصلان بإذاعة الشائعة وإرسالها، وهما الأهمية والغموض، ونعني هنا أهمية الموضوع بالنسبة للأفراد المعنيين وغموض الأدلة الخاصة بموضوعة الشائعة. وبوجه عام يمكن الاسترشاد بعدة نقاط في السيطرة علي الشائعات، وهى الثقة بالبلاغات الرسمية، إذ أنه إذا فقدت الجماهير الثقة في هذه البلاغات، فإن الشائعات تأخذ في الانتشار، عرض الحقائق علي أوسع نطاق، ويجب أن تستغل الصحافة والإذاعة والتليفزيون في تقديم أكثر ما يمكن من الأنباء، مع حذف التفاصيل. إن الناس تريد الحقائق فإذا لم يستطيعوا الحصول عليها فإنهم يتقبلون الشائعات، الثقة في القيادات أمر جوهري في مقاومة الشائعات، فقد يحس أفراد المجتمع أن ما يسمعونه ليس إلا أكاذيب غير صحيحة إذا ما كانت لديهم ثقة بقاداتهم، إن العقول الفارغة يمكن أن تقتنع بالأكاذيب ، لذا فإن العمل والانتاج وشغل الناس بما يعود عليهم بالنفع يساعد إلي حد كبير في مقاومة الشائعات، إن النجاح في كشف ما وراء الشائعة ومحاربة مروج الشائعات بكل وسيلة لهما دعامتان أساسيتان يرتكز عليهما تخطيط مقاومة الشائعات. لمزيد من مقالات د. حسين رمزى كاظم