مستشار الرئيس الفلسطيني: أمريكا وإسرائيل أصبحتا معزولتين على الساحة الدولية    "صبحي" يهنئ "المصارعة" بتأهل كيشو إلي الأولمبياد للمرة الثانية على التوالي    مصرع وإصابة 3 أطفال خلال 3 حوادث متفرقة في بورسعيد    «حماة وطن» يدشن مركز الأمل للأعمال والحرف اليدوية في الإسماعيلية    فرص للسفر إلى اليونان.. اتفاق لاستقدام 5000 عامل مصري بمجال الزراعة    انطلاق الجلسة الختامية للقاء بطاركة الكنائس الأرثوذكسية الشرقية    مرسوم أميري كويتي بحل مجلس الأمة في البلاد    اتحاد المحامين العرب يُشيد بجهود مصر لوقف إطلاق النار في غزة (فيديو)    طلبة «آداب القاهرة" يزورون موقع محطة الضبعة النووية    أخبار الأهلي : فريق كامل يغيب عن الأهلي أمام بلدية المحلة    بطولة العالم للإسكواش 2024.. تأهل مازن هشام ب 3 أشواط نظيفة    كيشو يكتسح بطل كازاخستان ويتأهل لأولمبياد باريس    شهادة من البنك الأهلي المصري تمنحك 5000 جنيه شهريا    محافظ الغربية يشدد على تكثيف الحملات التفتيشية على الأسواق    إصابة 4 أشخاص حريق مطعم بالفيوم ونقلهم للمستشفى    عاجل: موعد إعلان أرقام جلوس الثانوية العامة 2024.. طرق وخطوات الحصول عليها    مادلين طبر تكشف تطورات حالتها الصحية    لماذا سمي التنمر بهذا الاسم؟.. داعية اسلامي يجيب «فيديو»    آداب حلوان توجه تعليمات مهمة لطلاب الفرقة الثالثة قبل بدء الامتحانات    "سويلم": الترتيب لإنشاء متحف ل "الري" بمبنى الوزارة في العاصمة الإدارية    في زمن التحوّلات.. لبنان يواجه تحديات في الشراكة الداخليّة ودوره بالمنطقة    تفاصيل هجوم روسيا على شرقي أوكرانيا.. وكييف تخلي بلدات في المنطقة    مباشر سلة - الزمالك (17)-(20) الأهلي.. ثالث مباريات نصف نهائي الدوري    نجوى كرم تحيي حفلا في السويد 23 يونيو    «قومي حقوق الإنسان» يشارك في إطلاق الدورة الثانية من مهرجان إيزيس الدولي    نقاد: «السرب» يوثق ملحمة وطنية مهمة بأعلى التقنيات الفنية.. وأكد قدرة مصر على الثأر لأبنائها    عاجل.. رضا سليم يتواصل مع الشيبي لحل أزمة حسين الشحات.. ولاعب بيراميدز يحدد شروطه    تؤدي لمرض خطير.. حسام موافي يحذر من خطورة وجود دم في البراز    حسام موافي يكشف أخطر أنواع ثقب القلب    شاهد أول فيديو.. «النقل» تستعرض المحطات الخمسة الجديدة للخط الثالث لمترو الأنفاق    مصرع فتاة خنقًا في ظروف غامضة ببني سويف    د.آمال عثمان تكتب: المتحف المصري الكبير الأحق بعرض «نفرتيتي» و«حجر رشيد» و«الزودياك»    مصرع طالب سقط من القطار بسوهاج    5 نصائح مهمة للمقبلين على أداء الحج.. يتحدث عنها المفتي    المفتي يحسم الجدل بشأن حكم إيداع الأموال في البنوك (فيديو)    الأسهم الأوروبية تغلق عند مستويات قياسية جديدة    حماس: تعاملنا بكل مسؤولية وإيجابية لتسهيل الوصول لاتفاق يحقق وقف دائم لإطلاق النار    فضائل شهر ذي القعدة ولماذا سُمي بهذا الاسم.. 4 معلومات مهمة يكشف عنها الأزهر للفتوى    بالصور.. الشرقية تحتفي بذكرى الدكتور عبد الحليم محمود    أسعار شقق جنة بمشروع بيت الوطن للمصريين في الخارج    واجبنا تجاه المنافع المشتركة والأماكن العامة، الأوقاف تحدد موضوع خطبة الجمعة القادمة    نائب رئيس جامعة الزقازيق يشهد فعاليات المؤتمر الطلابي السنوي الثالثة    الجيزاوي يتفقد مستشفى بنها الجامعي للاطمئنان على الخدمة الصحية    بعد زواجه من الإعلامية لينا طهطاوي.. معلومات لا تعرفها عن البلوجر محمد فرج    للتخلص من دهون البطن.. تعرف ما ينبغي تناوله    «دراسة صادمة».. تناول الأطعمة المعبأة والوجبات الخفيفة يزيد خطر الوفاة    السيطرة على حريق شقة سكنية بمنطقة الوراق    "علم فلسطين في جامعة جورج واشنطن".. كيف دعم طلاب الغرب أهل غزة؟    وزارة البيئة تناقش مع بعثة البنك الدولي المواصفات الفنية للمركبات الكهربائية    محافظة الأقصر يناقش مع وفد من الرعاية الصحية سير أعمال منظومة التأمين الصحي الشامل    مفتي الجمهورية: الفكر المتطرف من أكبر تحديات عملية بناء الوعي الرشيد    أحمد عيد: صعود غزل المحلة للممتاز يفوق فرحتي بالمشاركة في كأس القارات    حملة بحي شرق القاهرة للتأكد من التزام المخابز بالأسعار الجديدة    دعاء الجمعة للمتوفي .. «اللهم أنزله منزلا مباركا وأنت خير المنزلين»    رد فعل محمد عادل إمام بعد قرار إعادة عرض فيلم "زهايمر" بالسعودية    شخص يطلق النار على شرطيين اثنين بقسم شرطة في فرنسا    لمواليد 10 مايو.. ماذا تقول لك نصيحة خبيرة الأبراج في 2024؟    نهائي الكونفدرالية.. تعرف على سلاح جوميز للفوز أمام نهضة بركان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



البوتينية (1): مشروع روسيا بوتين
نشر في الأهرام اليومي يوم 12 - 01 - 2019

من أكثر الشخصيات السياسية المعاصرة التى تتعرض سياساتها وممارساتها للتحليل والتقييم الرئيس الروسى فلاديمير بوتين، فهناك على الأقل ما يقرب من خمسين كتابا كبيرا عن بوتين روسيا صدرت فى العقد الأخير. لعل من أهم ما توافقت عليه هو أننا بصدد نموذج فى الحكم السياسى يمكن وصفه بالبوتينية...فما هى ملامحها، وما مستقبلها، وما أثرها على العالم؟...
تراوحت هذه الكتب فى تقييمها لبوتين ما بين مؤيد ومعارض. إلا أن الأكثرية اتفقت على دوره فى أنه أقام روسيا من عثرة تاريخية، فى ضوء رؤية حاكمة ومحكمة. ما أهل هذه التجربة أن تنسب إلى بوتين وأن توصف بالبوتينية.
بإيجاز يمكن توصيف البوتينية بأنها استعادة روسيا الإمبراطورية بالرغم من الضعف الشديد لروسيا، التى وصفها البعض بالحضيض. وهى الفكرة التى أسست لها الوثيقة التى أعدتها نخبة من المثقفين عام 1999 تحت رعاية جيرمان جريف الذى أصبح وزيرا للتطوير الاقتصادى وأصبحت الدليل الحاكم لبوتين فى حملته الانتخابية آنذاك. وقد جاء فى مستهل الوثيقة: إن روسيا تمر بأعظم أزمة فى تاريخها وأن كافة مواردها ومقدراتها السياسية والاقتصادية والأخلاقية ينبغى حشدها لتمكين البلد الموحد من التغلب عليها. البلاد بحاجة إلى شعور جديد بالمسئولية، إلى مشروع روسيا الجديدة. هذا المشروع الروسى الجديد ينبغى له أن يشكل الأساس لسياسة الدولة وأساسا للتضامن بين الروسيين؛ (راجع وولتر لاكوير، مؤسس دورية Survey؛ فى كتابه البوتينية: روسيا ومستقبلها مع الغرب 2015، ترجمه فؤاد زعرور فى 2016).
وبلغة أخرى، يمكن اعتبار البوتينية محاولة للانتقال ولنقل للإنقاذ من حالة الدولة الفاشلة إلى وضعية الدولة القوية. دولة يقترب عدد سكانها من ال 150 مليون نسمة. حيث يقع 70% منهم ما بين عمر ال15 وال60عاما، يعيشون على مساحة مترامية الأطراف، تعد الأكبر فى العالم (18 ألف كم مربع)، وتقع بين قارتى أوروبا وآسيا...ولكن الدولة الجديدة لا يمكن أن تنطلق فقط من خلال: تعبئة الموارد الطبيعية الوفيرة فى الحالة الروسية، والمسئولية فقط. فالأمر يحتاج إلى مقومات ذات طبيعة دافعة وملهمة.
لذا أنعش بوتين الفكرة الإمبراطورية لدى المواطن الروسى. خاصة أن هناك فكرة تقارب العقيدة فى الوجدان والذاكرة الروسيين مفادها: لا معنى لروسيا بدون امبراطورية. وهو ما عمل على إحيائه بوتين فى سبيل إنجاح عملية التحول. وقد عمل بوتين على إحياء الامبراطورية الروسية استنادا إلى ثلاثة مقومات رئيسية هي: أولا: القومية السلافية. وثانيا: الثقافة الأرثوذكسية. ثالثا: الوطنية الروسية. ووفق هذه المقومات يتم التحرك الروسى باستثمار موقعها الجغرافى وقدراتها السياسية فى قارتى أوروبا وآسيا ومن ثم الانطلاق إلى العالم.
وقد نجح بوتين فى تفعيل مشروعه. ما كرسه، فى كثير من الأدبيات، قيصرا جديدا على الإمبراطورية الروسية القومية البازغة والتى تحاول أن تستعير من الماضى افضل ما فى الامبراطوريتين القيصرية والشيوعية، خاصة التى تصب فى اتجاه تقوية دعائم الدولة وأجهزتها من جهة، وتعظيم تقدمها فى شتى المجالات من جهة أخرى. (راجع القيصر الجديد New Tsar؛ لستيفن لى مايرز 2015).
وتبلورت مهمة بوتين التاريخية فيما يلي: أولا: بلورة الدعم الشعبى حول الإصلاح الاقتصادى خاصة الطبقة الوسطى. كذلك توحيد النخبة. ثانيا: المواجهة الحاسمة لكل من اغتنى بشكل فاحش متلاعبا بالقوانين. ثالثا: دعم الشركات التى راعت الصالح العام. رابعا: إصلاح النظام المالى. خامسا: رفع القدرة التكنولوجية والعسكرية. سادسا: الدخول فى تحالفات اقتصادية وأمنية ذات توظيفات واضحة. سابعا: الحضور الدولى المتراوح فى شتى المجالات.ومثلت العناصر السبعة تصحيحا للأخطاء الأساسية للسياسات الاقتصادية الارتجالية التى وقعت فيها روسيا ما بعد تفكيك الاتحاد السوفيتى أى روسيا نهاية التسعينيات التى تمثلت بالتركيز على الخصخصة أكثر من المنافسة، وعلى إعادة هيكلة المشروعات القائمة أكثر من خلق مشروعات ووظائف جديدة، وعلى تحويل الملكية إلى القطاع الخاص لخلق لوبى يدافع عن المشروعات الخاصة لمنع العودة إلى الشيوعية، والدفع إلى إنشاء مؤسسات تحكم السوق بدلا من التنافس، وتحرير الأسعار من دون تفكيك الاحتكارات السوفياتية. (بحسب جوزيف استيجليتز. كما يمكن مراجعة أحمد سيد حسين فى دور القيادة السياسية فى إعادة بناء الدولة: روسيا فى عهد بوتين 2015).
ولاشك أن الروسيين استجابوا للمشروع القيصرى الجديد بما حمله من تصويبات. ولكنها لم تكن استجابة مطلقة أو غير مشروطة. ذلك لأنه ركز على بناء قوة الإمبراطورية الصاعدة على حساب الكثير من الاحتياجات المواطنية الحياتية. كذلك اتباع عملية ديمقراطية وظيفية . لذا وصفها الصحفى المعروف بن جودا بالإمبراطورية الهشة Fragile Empire (2013). حيث يشرح كيف أن الروسيين قد وقعوا فى علاقة مشاعرية متناقضة من الحب والكراهية، والدعم والرفض لبوتين. فمن جهة نجح فى أن يستعيد مكانة روسيا الإقليمية والدولية: اقتصاديا، وعسكريا، وتكنولوجيا، ومنعها من الانهيار. ومن جهة ثانية استطاع أن يقوم ببلورة صيغة روسية لرأسمالية الدولة التى تدير اقتصادا سوقيا. إلا أنه من جهة ثالثة: لم يستطع تقوية المجتمع الروسى وشفاءه من كثير من الأمراض.
لمزيد من مقالات سمير مرقس


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.