«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مُخ روسيا الجديد.. من يفكر ل«بوتين»؟
نشر في الوفد يوم 28 - 12 - 2016

أليكساندر ديوجين يضع خريطة العالم بعد انهيار أفكار فرانسيس فوكوياما
يطلقون عليه اسم «راسبوتين» بسبب تأثيره على قرارات الرئيس فلاديمير بوتين
يدعو لعالم متعدد الأقطاب ويؤكد موت الليبرالية واستعادة روسيا لمساحة الاتحاد السوفيتى السابق
يرد الاعتبار لهويات البشر ضد صهرهم فى النموذج الغربى ويطالب بالتصدى ل«لعنة التكنولوجيا»
كانت مؤلفات الفيلسوف الأمريكى اليابانى فرانسيس فوكوياما، خاصة كتابه الشهير «نهاية التاريخ»، هى المؤسس الفكرى لنظام العولمة بعد انهيار الشيوعية وتفكك الاتحاد السوفيتى.
الآن وبعد فشل العولمة سياسياً وأخلاقياً واقتصادياً وانتخاب دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة وإعلانه «سياسة العزلة» وإعطاء الأولوية للشأن الداخلى الأمريكى بديلاً عن دور «شرطى العالم»، تثار تساؤلات عن شكل النظام العالمى الجديد، وموقع روسيا تحديداً فى هذا النظام، خاصة أنها تقطع خطوات فعلية سياسية وعسكرية على الأرض وتعقد تحالفات مع قوى دولية وإقليمية فيما يبدو محاولة لاستعادة مجدها السابق عبر زحزحة القوى الغربية الأمريكية عن التحكم فى السياسة الدولية كلاعب منفرد ووحيد. فمن الذى يرسم الأفق الفكرى لسياسة روسيا الجديدة، وما أبرز ملامحها؟ من الذى يخطط ل«الكرملين»؟ من الذى يشكل «مخ» فلاديمير بوتين؟
يعتبر إعلان فوز الرئيس الأمريكى الجديد دونالد ترامب، فاصلاً بين زمنين وسياستين، خاصة أنه لا ينتمى إلى «قيادات العولمة العالمية» والذى يتمثل فى رؤساء دول أوروبا الغربية وكندا وعلى رأسهم الولايات المتحدة بالطبع، فيما هو معروف فى الأدبيات السياسية باسم «المثلث الأنجلو ساكسونى أو الأنجلو أمريكان».
لقد كانت هيلارى كلينتون هى مرشحة «فريق العولمة»، أما دونالد ترامب فقد كان مرشح التيار الجديد أو ما يطلق عليه «الشعبوى القومى» فى مقابل «النخبوى العولمى».
المتابعة الدقيقة لمعركة انتخابات الولايات المتحدة، تكشف أن المشهد الروسى كان متلازماً معها، من خلال المساندة الإعلامية الروسية لصالح ترامب، ليس هذا فحسب بل وإشراف الرئيس الروسى فلاديمير بوتين عليها بتوجيهات مباشرة منه، مما دفع العقول المفكرة والمخططة للسياسة الأمريكية داخلياً وخارجياً، إلى البحث عن قوة الدفع الكامنة وراء الإدارة الروسية، وأبعاد ما توصلت إليه الخطط الروسية وأفكارها تجاه أمريكا، خاصة أن روسيا أطلت من تحت أنقاض الاتحاد السوفيتى القديم، ليس فقط برأسها بل بكامل جسدها وعزيمتها القديمة.
يرى خبراء عديدون أن العقل المدبر والمفكر للرئيس فلاديمير بوتين ودائرته المقربة هو الفيلسوف والخبير الجيوسياسى الروسى أليكساندر ديوجين الذى يطلق البعض عليه لقب «راسبوتين بوتين» نسبة إلى الكاهن راسبوتين الملهم للإمبراطورة الروسية ألكساندرا.
أليكساندر ديوجين هو صاحب «النظرية السياسية الرابعة» أو «الأيديولوجيا الرابعة»، وهى نظرية تؤسس لما بعد الليبرالية، بمعنى أن يتحرر العالم من القطبية الأحادية والقيادة المنفردة للولايات المتحدة ومعسكرها الأنجلو أمريكانى الذى يعتمد على الليبرالية ومبادئها التى تتركز حول التحرر من سلطة العقل والدين والمؤسسات الدينية وحتى من سلطة الدولة والجماعة الأكبر عدداً وحجماً.
وتنادى «الأيديولوجيا الرابعة» التى يدعو لها أليكساندر ديوجين إلى الانتقال نحو عالم جديد متعدد الأقطاب يستند إلى الترتيب الهرمى للعلاقات والشخصيات، كما يرد الاعتبار للدين والنظام والنسق الاجتماعى والعادات والتقاليد وتجعل من تاريخ كل أمة مراجعاً ذات خصوصية، تتكوّن من خلالها «هوية الإنسان» بناء على انتمائه لكل المقومات السابقة، فضلاً عن انتمائه لمنطقة بعينها، على عكس الليبرالية التى يعتبر ديوجين أنها تحرر الإنسان من هويته الخاصة، لتقوم بصهره فى الهوية العالمية ذات المفاهيم والأهداف والأنساق الاستهلاكية والنفعية المشتركة، مما يعنى فى النهاية أنها تحّول الإنسان من مواطن ينتمى إلى جماعة ودولة وثقافة معينة، إلى المواطن «العولمى» الذى ليس له بلد معين أو ثقافة أو حتى لغة معينة، وهو ما خلق فى وجهة نظر ديوجين كوارث الهجرات الواسعة والمكثفة إلى الدول الرائدة لثقافة العولمة والتى تقدم نموذج العالم المثالى، بينما تحتكر أية نماذج مغايرة لمعاييرها الأوروبية الغربية والأمريكية.
ويرى أليكساندر ديوجين أن العالم مر بثلاث مراحل أو أيديولوجيات تأثرت بها الشعوب وأثرت فى مصائرهم ممثلة فى الاشتراكية بعد الثورة البلشفية فى 1917، ثم الفاشية التى قادت أوروبا إلى التهلكة فى الحرب العالمية الثانية 1945، ثم الليبرالية منذ 1991 عقب تفكيك الاتحاد السوفيتى.
ويوضح «ديوجين» أن تحرر الليبرالية من كل السلطات، حيث تجعل كل شىء اختيارياً وقابلاً للتغيير بداية من الاقتصاد والأنظمة السياسية وحتى الجنس البشرى، والذى يصل إلى حد تغيير الجنس كما يحدث الآن فى دعم المجتمعات الليبرالية للتحول الجنسى، هو ما يعزز فكرة التفرد أو الفردية والانسلاخ من مفهوم الجماعة أياً كانت، ومن هنا يتم خلق العدو الذى تحاول الليبرالية الانتصار عليه دائماً.
ويضرب «ديوجين» أمثلة على جرائم المعسكر الليبرالى وآليات تفكيره، بأحداث 11 سبتمبر وتبرير احتلال أفغانستان، وتحرير المجتمعات من أنظمتها غير الليبرالية عبر «تسييلها» مثلما حدث فى العراق وإسقاط نظام صدام حسين، أو فى ليبيا وإسقاط معمر القذافى.
ويقول «ديوجين» إن الليبرالية تعتبر مناصرة الأقليات وتغذية انشقاقها هدفاً لها كما يحدث حالياً فى سوريا واليمن، ولا تتركها للاندماج فى الجماعة أى مجتمعاتها الأوسع كما كان الحال فى الأيديولوجيا الاشتراكية الجماعية أو الفاشية القومية، ومن هنا يعتبر أنه لابد من وجود عدو دائم لليبرالية تكون فى حالة حرب دائمة معه بشرط ألا يكون على مستوى القوة والإمكانات التى تمكنه من هزيمتها، كما يحدث الآن فى حربها ضد الجماعات الإسلامية المسلحة أو حربها ضد الإرهاب.
ويرى أليكساندر ديوجين أن الحرب مستمرة بين النخبة من قيادات العالم الأنجلو أمريكانى التى تتبنى الليبرالية برامجها ضد العدو الآخر المعادى لها وهو يتمثل فى روسيا الآن، بإمكاناتها القارية الأوروبية والآسيوية والعالمية التى يمكن أن تحدث انقساماً فى حلف الناتو الذى يعتبر من قواعد الليبرالية الأمنية لدول الأنجلو أمريكان وبالتحديد يضمن أمن أمريكا، مما يجعل المجموعة الغربية فى حالة عداء ضد روسيا بسبب توجهها إلى المعسكر الآخر، مدفوعة برغبتها فى استمرار الليبرالية وليس انهيارها كما هو مقرر وحتمى.
إلا أن أليكساندر ديوجين يؤكد انهيار النظام الليبرالى حتمياً، حيث عندما يعود الإنسان لحالة العدمية التى يتحرر فيها من المقومات والعوامل التى يكتمل من خلالها تكوينه العقلى والوجدانى والجسمانى، يصبح كالمخلوق المنعدم الذى ليس له فائدة، وذلك على المستوى الفلسفى والفكرى، أما على المستوى العملى والعالمى يرى ديوجين أن الأزمات الاقتصادية التى ألمت بالعالم فى عام 2000 و2008، تعطى أدلة حقيقية على فشل النموذج الليبرالى.
ويشير الفيلسوف الروسى إلى عجز النظام الليبرالى العالمى من خلال ما نشهده عبر الانهيارات السياسية لكيانات الدول العربية بعد الربيع العربى، والكوارث الاجتماعية التى تتمثل فى الهجرات غير الشرعية والنزوح الجماعى الذى يتعدى ملايين البشر إلى دول العالم الليبرالى والفشل فى استيعابهم، بالإضافة إلى انتشار المجاعات وغيرها وعجز المؤسسات الدولية أمثال الأمم المتحدة وكياناتها عن سد هذه الفجوات والمآسى المرعبة، بالإضافة إلى عجز التكنولوجيا التى تعبر حدود القوميات عن تقديم الحلول للإنسان من خلال الذكاء الاصطناعى، حيث يرى أن التكنولوجيا أذلت الإنسان وجعلته أسيراً لها، ومن ثم عليه التحرر منها والعودة للابتكار والتفكير اعتماداً على عقله البشرى.
ويرى ديوجين فى نظريته السياسية وأيدولوجيته العالمية الرابعة أو «ما بعد الليبرالية»، أن روسيا هى الدولة ذات المقومات السياسية والجغرافية والتاريخية التى يمكنها من القيام بدور بديل للقوى الغربية الأمريكية، فعلى سبيل المثال قام بتأييد سيطرة روسيا على جورجيا وبعدها جزيرة القرم، حيث يعتبر أن هذه الدول بما فيها أذربيجان وأوزبكستان وأوكرانيا لم يكن لها وجود فى خريطة العالم، وتم اختلاقها بعد انهيار الاتحاد السوفيتى وإقامة أنظمة سياسية ومؤسسات لها.
ويرى الفيلسوف المقرب من دوائر الحكم الروسية أن حق روسيا فى هذه الدول نابع من طبيعتها الجغرافية الممتدة كإمبراطورية طيلة تاريخها، ومقوماتها الثقافية التى تستوعب قارتي أوروبا وآسيا مجتمعتين، ومن هنا يطرح فكرة اتحاد «أورو آسيوى» على الرئيس بوتين، مع عدم إهدار أو تذويب الكيانات الآسيوية أمثال الصين والهند أو الأوروبية أمثال دول أوروبا الشرقية مثل بولندا وليتوانيا ولاتفيا وغيرها.
ويقول إن دول أوروبا وآسيا اللتين يمكن ضمهما إلى الاتحاد الأوروآسيوى لهما من الخصوصية والإمكانات بداية من النسق الاجتماعى والقيمى والدينى والقانونى والترتيب الهرمى، الذى يؤهل كلاً منها أن تكون لها قيادة متميزة فى الاتحاد، ومن هنا يتم خلق القيادة أو القطبية المتعددة وليس الأحادية أو الحكومة التى تحكم العالم كما هو الحال الآن والمتمثل فى معسكر دول النخبة الليبرالية «الأنجلوأمريكان».
ويقول ديوجين إن انتصار دونالد ترامب يمثل النقلة الجديدة للعصور الوسطى، التى كانت تحتفظ فيها كل دولة ومنطقة بهويتها، حيث يعتبره ذا طبيعة مختلفة، فهو يجمع بين كل المتناقضات: إنه تلقائى ومفكر وعاطفى وخشن فى نفس الوقت، معتبراً أنه سيحرر العالم من العصرية أو الحداثة التى جلبت للعالم كل المصاعب والمآسى الذى يعيشها الآن.
ولكن فى نفس الوقت يرجع ديوجين نصر ترامب إلى فضل روسيا والرئيس بوتين الذى استقى معظم أفكاره من كتاب ديوجين المعروف باسم «نشأة الجيوسياسية»، وهو ما فعله بوتين عن طريق إشعال فتيل الحركات الانفصالية وبث الانقسامات فى المجتمع الأمريكى بين أصحاب العرقيات والديانات والانتماءات الإثنية المختلفة، وهو ما ظهر جلياً قبل العملية الانتخابية وبعدها والمظاهرات التى اجتاحت البلاد وطالبت بانفصال كاليفورنيا عن الولايات المتحدة، بالإضافة إلى شق الصف الأوروبى والأمريكى وتقليب ألمانيا وفرنسا على حليفتهم الأمريكية، وهو ما ظهر أيضاً فى المظاهرات التى قادتها بعض المدن الألمانية ضد اتفاقية التجارة الحرة بين الولايات المتحدة وألمانيا.
«ديوجين» فى سطور
أليكساندر جيلوفيتش ديوجين، كاتب وفيلسوف وخبير سياسى واقتصادى واجتماعى روسى، ولد فى موسكو فى السابع من يناير عام 1962، ينتمى إلى عائلة من العاملين فى القطاع العسكرى المخابراتى فى عهد الاتحاد السوفيتى السابق.
يعد ديوجين من العلماء المجتهدين فى تعليم أنفسهم مختلف فروع العلوم الاجتماعية، حيث علم نفسه عشر لغات، من أبرزها الإنجليزية والإيطالية والألمانية والفرنسية، والتى كانت بمثابة النواة التى ساعدته فى قراءة التراث الأوروبى من أفكار وأشعار وتاريخ منذ القرون الوسطى وصولاً إلى عصر النهضة الأوروبية.
صاحب فكر محافظ ووطنى ويميل إلى النزعات التوسعية للدولة الروسية، ويؤمن بفكرة الإمبراطورية الروسية لدرجة أنه ساهم فى طرح أفكار حول سياسات روسيا الخارجية، والتى كان لها أثر واضح فى القرار الروسى فى إعادة ضم جورجيا وجزيرة القرم إلى الاتحاد الفيدرالى الروسى، بالإضافة إلى تأييده الكامل لاجتياح الجيش الروسى لأوكرانيا، الذى يؤمن بأنها وباقى دول وسط آسيا التى تكونت بعد تفكيك الاتحاد السوفيتى لم يكن لها وجود، وروسيا هى صاحبة الحق التاريخى فى أراضيها، وهى أفكار يرى البعض أنها تقترب من «الفاشية».
تأخر فى حصوله على مؤهلاته الدراسية بسبب تعرضه للفصل من معهد الطيران فى بداية شبابه، ثم حصل على مؤهل عال فى الاقتصاد والإدارة عام 1999، ثم قام بعمل دراسات عليا فى العلوم الاجتماعية والسياسية حتى تأهل لدراسات ما قبل الدكتوراه.
له أكثر من 30 كتاباً، إلا أن هناك بعض من مؤلفاته تعتبر نقاط انطلاق فى حياته على مستوى روسيا والعالم، من بينها «نشأة الجيوسياسية»، والنظرية السياسية الرابعة، وهو الكتاب الذى أسس فيه لنظرية ما بعد الليبرالية، وهى المرحلة التى لابد أن يعيد فيها العالم استعادة هوياته الوطنية والدينية والاجتماعية والجغرافية والقومية، على عكس الليبرالية التى قامت بإلغاء هذه الهويات والاندماج فى الهوية العولمية، التى تنصهر فيها الهويات الأخرى.
أسس نظريته التى تتجسد فى الاتحاد «اليوروآسيوى» الذى حوّله إلى حركة سياسية وحزب يجمع فيه الشباب من العديد من دول آسيا وأوروبا وحتى تركيا، والتى كان من المقرر لها أن تضم بعض دول الشرق الأوسط أيضاً، وكانت هذه الحركة ملهمة للرئيس الروسى فلاديمير بوتين حتى الآن، وفكرتها تتلخص فى تجميع دول آسيا وأوروبا الشرقية تحت اللواء والقيادة الروسية، ولكن تتواجد هذه الدول فى الاتحاد بما يحفظ لكل دولة مركزها وقيادتها وخصوصيتها الثقافية والدينية والاجتماعية، وبذلك يصبح الاتحاد متعدد الأقطاب فى قابل ومواجهة أحادية القطبية وانفراد معسكر الأنجلو أمريكان بقيادة وإدارة شئون العالم.
رسخ ديوجين طوال مشواره السياسى الذى انتمى فيه لعدة أحزاب سياسية من أبرزها الحزب الاشتراكى فى الاتحاد الروسى، الذى نشر من خلاله الأفكار القومية والتى اعتبرها وطنية مخلصة، ونادى بإنشاء المؤسسات الإعلامية الوطنية التى تدافع عن المصالح القومية والأمنية لروسيا وليس العكس، كما انضم للحركة أو الجبهة البلشفية، والتى تطورت فيها أدواره حتى بات من الدائرة المقربة للرئيس فلاديمير بوتين فيما بعد، حتى أصبح يبرر لبوتين كل تحركاته وقراراته على النحو الإيجابى دائماً، وكان له بعض الجمل الشهيرة مثل «بوتين هو كل شىء وفى كل مكان، بوتين هو الأبدى ولا ينتهى أبداً».
رغم إيمانه العميق ببوتين، شهدت الأيام والسنوات فترات من الصعود والهبوط فى علاقتهما إلا أن دوجين ظل من أقوى المؤثرين على الظاهرة البوتينية فى إدارة روسيا فى الداخل والخارج.
كان ديوجين حتى النصف الأول من الثمانينات ملحداً، رغم إيمانه بالقيم الدينية والاجتماعية والأخلاقية، التى يعتبرها أعمدة أساسية فى المجتمع، ثم اعتنق التوجه الأرثوذكسى المسيحى الروسى فيما بعد.
يهتم بالعمل الصحفى ومؤسسات المجتمع المدنى ودورها فى التحولات السياسية فى البلدان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.