بينما تستميت روسيا في الدفاع عن النظام السوري وتتدخل بسلاح الفيتو لمنع تمرير قرار يدين قمع النظام، تواجه حكومة فلاديمير بوتين حركة احتجاجية داخلية تتمدد وتصبح أكثر راديكالية مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية في الرابع من مارس/آذار، لكن السؤال الرئيس لم يعد ما إذا كان بوتين و"البوتينية" سيبقيان لأنهم بالتأكد لن ينجو، حسب ليون آرون الكاتب في مجلة فورين بوليسي الأميركية. وكانت مظاهرات خرجت في موسكو وعدد من المدن الروسية احتجاجا على ما وصفوه تزوير الانتخابات التشريعية التي جرت في سبتمبر/أيلول الماضي مطالبين بإعادتها. فحسب الكاتب فإن روسيا -بغض النظر عن نظامها السياسي المختل- تواجه مشاكل شديدة التعقيد في الاقتصاد والاجتماع والديموغرافيا والعرقية، من المستحيل حلها في عهد "متحجر من الاستبدادية الجديدة" أو ما يطلق عليها في روسيا "الديمقراطية السيادية"، وهذا ما فسره بعض أصدقاء الكاتب في روسيا بأنها "الكرسي الكهربائي" وهو الرئيس. وهذا التوصيف مرتبط بشكل وثيق "بالبوتينية" ناهيك عن الفساد الذي وصل إلى أعلى مستوياته في تاريخ روسيا الطويل وشل جميع مؤسسات الدولة الاقتصادية والاجتماعية. ويربط الكاتب ليون آرون بين النتيجة التي وصل إليها والحتمية التاريخية، فيعتبر أن الحراك أحدث اختراقا كبيرا نحو روسيا ما بعد حكم الاستبداد، ويضيف أن التحول الديمقراطي يشبه إلى حد كبير التحولات التي شهدتها دول جنوب أوروبا (اليونان والبرتغال وإسبانيا) في سبعينيات القرن الماضي ونمور آسيا (كوريا الجنوبية وتايوان) في ثمانينيات القرن الماضي. وبعد فترة من الإنجازات الاقتصادية توسعت بشكل كبير الطبقة الوسطى التي تمتعت بالحرية الشخصية والرأي، وطالبوا حتى بالحرية السياسية وأن يكون لها رأي في حكم البلاد، وهذا المخاض تعيشه روسيا اليوم.