تعد دكتورة رشا قلج، مديرة مؤسسة «ميرك» الدولية الخيرية وخريجة كلية الصيدلة جامعة الإسكندرية، نموذجا مشرفا للمرأة المصرية الناجحة التى استطاعت من خلال عملها فى مجال الأدوية تقديم تصور شامل لخدمة المجتمعات الأفريقية فى المجال الطبى، ونجحت بمجهود فردى فى إجراء دراسات وبحوث اجتماعية لأهم المشاكل الاجتماعية والطبية التى تعوق التنمية بالقارة السوداء، حيث كانت فكرتها ترتكز على العنصر البشرى الذى هو أساس التنمية، من خلال تدريب شباب الأطباء الأفارقة فى التخصصات غير المتوافرة فى بلادهم ليكونوا النواة الأولى لحل المشكلات الصحية فى بلادهم، كما تمكنت من إقناع عدد كبير من السيدات الأوليات لأكثر من 15 دولة أفريقية بدعم حملتها «أكثر من مجرد أم» فى مجال الصحة الإنجابية وعلاج العقم عند المرأة، كما أقنعت «فاتيما مادابيو» السيدة الأولى لسيراليون بتمثيل دور «جاكلين».. وهى المرأة الكينية التى قطع زوجها أطرافها عقابا لها على عدم الإنجاب.. وكان هذا الحوار مع الدكتورة رشا: ................................................................ بداية.. كيف تم اختيارك مديرة تنفيذية لمؤسسة «ميرك» الدولية؟ تخرجت فى كلية الصيدلة جامعة الإسكندرية وعملت مديرة تسويق لإحدى الشركات الدولية فى مجال الأدوية منذ تخرجى وحتى 2012 بدبى، ثم حصلت على درجة الماجستير فى المسئولية الاجتماعية للشركات الدولية ودورها فى تنمية المجتمع. فى هذا الوقت كانت عندى فكرة لخدمة المجتمعات الإفريقية التى تعانى من مشاكل صحية واجتماعية كبيرة، ومن ثم طلبت مقابلة رئيس مجلس إدارة شركة «ميرك» الألمانية للأدوية، البروفيسور فرانك شنانجنبرج، والذى كان لديه اهتمام كبير بمشاكل الدول الإفريقية، وقدمت له تصورا كاملا لبناء القطاع الصحى بالعديد من الدول من خلال دراسة كاملة رصدت بها كل احتياجات هذه الدول فى القطاع الطبى بإفريقيا التى تعانى من نقص كبير فى الأطباء والمراكز الطبية المتخصصة، ووضعت نظاما كاملا لإدارة هذا الملف بكفاءة، بما فيه التكلفة المطلوبة، وبأى الدول نبدأ، فتبنى الفكرة، وكان ذلك فى 2012، وبعد نجاح التجربة أصدر قرارا فى 2015 بإنشاء مؤسسة دولية لها صندوق خاص، وتم اختيارى لتولى المسئولية، وهى أول مؤسسة خيرية للشركة بعد أكثر من 350 عاما. حدثينى عن أهداف المؤسسة.. وما هى مجالات عملها؟ تهدف مؤسسة «ميرك» الخيرية إلى تطوير الجهاز الصحى للدول الإفريقية والدول النامية وتدريب شباب الأطباء بكافة الدول الإفريقية والنامية على التخصصات الطبية غير المتوافرة، والمعنية بالأمراض غير المعدية، وعلى رأسها السرطان والسكرى وضغط الدم والأوعية الدموية والصحة الإنجابية والخصوبة، مع التركيز على إفريقيا لصعوبة مشاكلها، والاهتمام بالبحث العلمى كداعم أساسى فى إيجاد علاجات جديدة لتلك الأمراض، كما ندعم الأعمال التى تمكّن المرأة والشباب فى المجالات المختلفة من تعلم الطب والعلوم من خلال تقديم منح مجانية، ونحاول رفع وصمة العار عن السيدات اللاتى لديهن عقم، خاصة وأن 25 بالمائة من السيدات فى سن الزواج لديهن عقم متعلق بالأمراض التى لا تعالج فى الوقت المناسب. وبالفعل بدأنا تدريب الأطباء الأفارقة من أكثر من 35 دولة إفريقية مختلفة و إرسالهم فى مصر والهند منذ 2017 ما نوعية الدعم الذى تقدمه مؤسسة ميرك الخيرية للدول الإفريقية؟ نحن لا نعطى دعما ماليا لأى دولة، ولكن ما نقوم به هو تدريب الأطباء حتى يصبحوا على كفاءة عالية فى علاج الأمراض المتوطنة فى الدول الإفريقية، فنحن نركز على الثروة البشرية لأنها عماد أى تقدم فى كافة المجالات وللأسف هى مهملة فى القارة السوداء. نحن - على عكس المؤسسات الأخرى التى تدعم بالأموال أو الأدوية التى قد لا توجه فى مكانها - نتبنى شباب الأطباء بشكل كامل بداية من اختيارهم وتدريبهم الطبى والإكلينيكى إلى أن يصبحوا على مستوى مهنى مرتفع ولديهم تفاصيل ومعلومات تمكنهم من إحداث تغيير كامل فى بلادهم. وماذا عن الكيفية التى يتم بها اختيار شباب الأطباء فى هذه الدول؟ يتم الاختيار عن طريق التنسيق مع وزارات الصحة فى الدول الإفريقية والنامية لكل بلد، ولكن بشروط منها أن لا يقل سن الطبيب عن 40عاما ويكون لديه الاستعداد للتعلم من جديد وخدمة بلاده والاستمرارية، وكذلك أن يعملوا فى بلادهم ولا يسافرون إلى الخارج، ويتم ذلك من خلال عقد لضمان الاستفادة من هؤلاء الشباب لحل المشاكل الصحية فى بلادهم، خاصة وان تدريب الأطباء بهذه الكيفية مكلف جدا. هل هناك تجاوب من المجتمع الإفريقى؟ المجتمعات بالقارة الإفريقية ترحب بكل من يمد لهم يد العون خاصة من يقوم بدور حقيقى فى هذا المجال ويهتم بتدريب العامل البشرى ليقوم بدوره فى حل مشكلات بلاده، وبالفعل هناك تحسن واضح، ولكن لكى يحدث تغيير كامل نحتاج إلى بعض الوقت، فنحن نركز على التدريب واستخدام كل سبل التوعية التى تناسب كل مجتمع من أجل إحداث تغيير حقيقى فى مواجهة مشاكل المجتمع.. وإن شاء الله خلال خمس سنوات سيكون هناك مردود كبير لما نقوم به من أعمال داخل القارة. وماذا عن مشروعات المؤسسة فى مجال الصحة الإنجابية؟ فى إطار جهود مؤسسة «ميرك» الخيرية لإزالة الوصمة الاجتماعية المرتبطة بالعقم ونشر الوعى الصحى لدى المجتمعات والدول الإفريقية تجاه قضايا الصحة الإنجابية دشنت المؤسسة حملتها التى تحمل اسم «أكثر من مجرد أم»، والتى بدأت منذ عام 2015 وانتشرت الحملة بدعم من زوجات رؤساء القارة الإفريقية، وازداد تأثيرها بعد مشكلة السيدة «جاكلين مويندى»؛ المرأة الكينية التى بتر زوجها أطرافها لعدم إنجابها، والتى كانت بمثابة تجسيد حى للمأساة التى تعيشها المرأة التى تصاب بالعقم. كما نعمل على تنظيم علاج العقم، ونضع مع الحكومات قواعد التبنى التى ليست لها قوانين فى إفريقيا بمساعدة الدول التى لديها قوانين، كذلك تدريب الأطباء المتخصصين فى علاج العقم ومشاكله، ونستخدم الفن والميديا كوسائل فعالة فى تغيير الثقافة تجاه المرأة فى إفريقيا. كيف أقنعتِ 15 سيدة أولى بإفريقيا للمشاركة فى دعم حملة «أكثر من مجرد أم»؟ كانت البداية بجمهورية إفريقيا الوسطى، وهى بلد به مشكلات داخلية كبيرة نتيجة للصراعات الداخلية التى أثرت بشكل كبير على القطاع الصحى والرعاية. قمت بالتواصل مع السيدة الأولى لبحث الحلول اللازمة، وبعد أن تأكدت هى من جدوى وأهمية البرنامج قامت بدعمنا للعمل على حل هذه المشاكل. وقد نجاحنا هناك وجعل لنا رصيدا من المصداقية عندما قمنا بالتواصل مع زوجات رؤساء الدول الأخرى فانضمت إلينا حوالى خمس عشرة سيدة أولى من سيدات إفريقيا ليصبحن سفيرات الحملة لدى بلادهن، ويمثلن بوروندى وجامبيا وبتسوانا ووسط أفريقيا وغانا وسيراليون وأوغندا والسنغال وغينيا وتشاد وزامبيا. أعلنتِ عن قيام سيدة سيراليون الأولى بتمثيل دور فى فيلم من إنتاج «ميرك» يحكى مأساة الكينية جاكلين.. حدثينا عن هذه التجربة. سيدة سيراليون الأولى «فاتيما مادابيو» قبل أن تكون سيدة أولى هى حاصلة على جائزة أفضل ممثلة فى إفريقيا، كما حازت على لقب ملكة جمال أفريقيا، وعندما عرضت عليها فكرة إنتاج فيلم يحكى مأساة المرأة الإفريقية رحبت بالفكرة ووعدتنا بالتطوع لتمثيل دور جاكلين التى بتر زوجها أطرافها لعدم إنجابها، وكان ذلك فى نوفمبر الماضى. ما قصة تلك المرأة الكينية.. وكيف ساعدتموها؟ أثناء حفل زفافى أرسل لى فريق العمل صور جاكلين، المرأة الكينية التى قطع زوجها ذراعيها عقابا لعدم إنجابها، فكانت صدمة بالنسبة لى وتأثرت جدا لما تعانيه المرأة فى بعض البلدان الإفريقية، وصممت على مساعدتها وعدم الانتظار بعد الحفل فقمت بتجهيز الأوراق اللازمة لمساعدتها فى الحصول على يدين بديلتين لاستخدامهما فى حياتها الطبيعية، ومن هنا بدأ الاهتمام بإزالة الوصمة والحفاظ على سلامة المزيد من النساء فى القارة.