لم تعد آثار الانفجار السكانى مقصورة على التداعيات الاقتصادية المترتبة عليه، ولكن على حزمة من الظواهر المتفاقمة ذات الطبقية الاجتماعية والثقافية كذلك، فالمسألة ليست هى قصور موارد البلد عن الوفاء باحتياجات الناس التى تزيد نتيجة تكاثر أعدادهم باضطراد، ولكنها امتدت إلى الآثار الاجتماعية المترتبة على الانفجار السكانى والمتمثلة فى «ترييف» المدن، حيث صارت زيادة أعداد المهاجرين من الريف للعمل فى العاصمة فى تزايد أوشك أن يغير تماما شكل الحياة الاجتماعية والثقافية التى نعرفها فى مدن نشأت لتحاكى أوروبا وترمز إلى معنى الدولة الحديثة فى مصر.. زمان كان الريف يبعث إلى العواصم بأجمل عناصره المتفوقة والقابلة للتطور ومنهم كان نجوم الأدب والفن والرياضة والعلوم، ولكنهم كانوا ينخرطون فى نظام المدينة وثقافتها ولا يخضعونها لمجتمعاتهم الأصلية.. الآن أصبحت الضرورة المادية والاقتصادية تفرض وضع حد لهذا التدهور الاجتماعى والثقافى المتكامل الأركان، وقد كتبت عن ضرورة وضع قواعد حازمة للهجرة من الريف إلى المدن والعمل فيها، وكذلك وضع حد لهذا الانفجار السكانى.. وقلت إن ربط زيادة السكان بمسألة دعم السلع صار واجبا بحيث يُرفع الدعم عن الأسرة التى يتجاوز عدد أبنائها طفلين، ولكن يبدو أن هذا لم يعد حلا مؤثرا الآن، وعليه فأنا أطرح ما هو أكثر جرأة من ذلك وهو التعقيم بعد إنجاب نفس العدد من الأبناء، وهو ما طبقته دول أخرى، ونوقش فى مصر دون أن يترجم إلى إجراء واقعى، وإذا كنا نطبق هذا الإجراء لمواجهة تكاثر حيوانات معينة فى المناطق السكانية كمثل ما قرره مجلس أمناء مدينة الشيخ زايد بالتعاون مع الاتحاد المصرى لجمعيات الرفق بالحيوان بدلا من القتل أو التسميم للقطط والكلاب، فلا أرى ما يمنع تطبيقه على مستوى ملف المسألة السكانية أيضا بحيث تمتنع زيادة أعداد السكان على النحو المروع الذى تشهده مصر الآن، وبالطبع سوف يرفع البعض مقولات دينية تحاصر قدرة البلد على تبنى ذلك الإجراء وإذا كان شيخ الأزهر أفتى أمام الرئيس السيسى بأن تحديد النسل ليس حراما وإذا كنا نسمح دينيا بوسائل منع الحمل فإن ذلك يفتح باباً واسعاً أمام التعقيم باعتباره الحل الحاسم الباقى. لمزيد من مقالات د. عمرو عبدالسميع