بالرغم من الانتقادات الكثيرة التى لاتزال تلاحق العام الماضي، إلا أنه كان عاما إيجابيا بدرجة «ممتاز» بالنسبة للمرأة ولتمكينها سياسيا ومجتمعيا. حركة «مى توو» العالمية والمكاسب التى حققتها للمرأة تعد من أبرز الأمثلة على ما حمله العام الماضى للنساء، وما قد ينتظرها فى العام الجديد. فالحركة التى بدأت للمرة الأولى نهايات عام 2017 فى «هوليوود» لفضح ممارسات وسلوك الرجال المشين حيال السيدات داخل معقل صناعة السينما الأمريكية، تحولت سريعا إلى حركة اجتماعية واسعة، عبر موقع «تويتر» للتواصل الاجتماعى لفضح جميع أشكال المضايقات الجنسية التى تتعرض لها المرأة داخل محيط العمل باستخدام «هاشتاج مى توو»، مما تسبب فى موجة إقالات للمسئولين،كحكام بعض الولاياتالأمريكية، جزاء تصرفاتهم غير الأخلاقية، فيما فضل آخرون العزلة الاجتماعية والتوارى عن الأنظار بمنازلهم. الكونجرس الأمريكي، من جانبه، أصدر تشريعا عرف إعلاميا باسم تشريع «مى توو»،كان هدفه تغيير الطريقة التى يتم بها تعامل الأجهزة الأمنية مع شكاوى التحرش الجنسى لضمان سرعة البت بها، بعدما كانت تأخد عادة دورة كبيرة، ويتم تسويتها بدفع تعويضات يتم سدادها فى النهاية من الأموال الفيدرالية. وتمددت الحركة، التى اختارتها مجلة «تايم» الأمريكية فى بدايات ظهورها كشخصية العام لقدرتها على كسر حالة الصمت إزاء هذه الانتهاكات، عالميا بشكل كبير خلال العام الماضى لتصل إلى أمريكا اللاتينية وكندا وإفريقيا وحتى أقاصى الشرق حيث الهند، فأطلقت نجمات السينما الهندية «بوليوود» حركة مماثلة باستخدام ال«هاشتاج» ذاته. وكما كرة الثلج، تشجع الكثير من النساء لفضح هذه التجاوزات، وبدأت الاتهامات تتوالى حتى شملت شخصيات معروفة فى السينما والمسرح وكتاب مشهورين وصحفيين ورؤساء تحرير وحتى سياسيين بارزين مثل «إم.جى أكبر» نائب وزير الخارجية الهندي. نموذج مشرف آخر قدمته إثيوبيا عندما اختارت الدبلوماسية المخضرمة سهلى ورق زودى لتكون أول رئيسة سيدة للبلاد بعد الاستقالة المفاجئة للرئيس مولاتو، وأعقبت أديس أبابا ذلك القرار المفاجئ بآخر شمل تعيين السيدة ميازا أشينافى لتكون أول رئيسة للمحكمة العليا الإثيوبية فى تاريخ البلاد.كما أعلن رئيس حكومة البلاد آبى أحمد تشكيلا وزاريا جديدا كان نصفه من النساء، بما فيها أول سيدة تشغل منصب وزيرة الدفاع، وأول سيدة ترأس وزارة السلام، التى تم استحداثها لتتولى مهمة الإشراف على جهاز الشرطة وأجهزة المخابرات المحلية. وقال آبى أحمد لدى الإعلان عن التشكيل الجديد «إن نسئنا سوف تغير ذلك الاعتقاد القديم بأن السيدات لا يمكنهن القيادة». التوجه الذى تبنته إثيوبيا أخيرا والتى تم اعتبارها على إثره دولة محابية للنساء يأتى فى ضوء مساعيها لتحسين صورتها عالميا ومحليا بعد تاريخ طويل من الانتهاكات. وفى أيسلندا، نموذج آخر قدمته البلاد عندما استهلت العام الجديد بقرار جريء يستوجب على كل شركات القطاع العام والخاص العاملة فى البلاد المساواة فى الأجر بين النساء والرجال. وطالبت السلطات الشركات التى تتجاوز حجم عمالتها ال 25 فردا بضرورة الإفصاح عن كشوف الرواتب لديها لضمان المساواة فى الأجر بين الجنسين، وإلا تعرضت لغرامات مالية كبيرة. وتعد أيسلندا بقرارها الجرىء أول دولة فى العالم تزيل فوارق الأجور بين الجنسين. إن كان العام الماضي، بالرغم من سقطاته الكثيرة، حقق إنصافا كبيرا للمرأة وأعاد إليها البعض من حقوقها المهدرة، فإن العام الجديد يبشر بما هو أكثر سواء فى هيئة تشريعات أخرى تحقق إنصافا للمرأة طال انتظاره، أوفى صعود كبير للنساء على الساحة السياسية.