كل الدلائل والمؤشرات تشير الى انفراجة حقيقية فى المسرح المصرى هذا العام بعد كبوة طويلة امتدت لسنوات.. فلا ينكر أحد أن المشهد المسرحى عام 2018 كان مبشرا بامتياز .. وقد تكلل بانتصار الرئيس عبدالفتاح السيسى لشباب الحركة المسرحية، حينما كرم أبطال عرض «سلم نفسك» ومخرجه المبدع خالد جلال عقب مشاهدته للعرض بدار الأوبرا المصرية، مع إلحاقهم بالأكاديمية الوطنية لتأهيل الشباب..وهو انحياز واضح وصريح لدور شباب القوة الناعمة فى بناء المجتمع والارتقاء بعقول مواطنيه.. أما المشهد الثانى المهم فكان افتتاح مسرح جديد لذوى الإرادة الخاصة فى العام الذى خصص لهم والذى كان بمثابة طاقة نور حقيقية احتوت كافة إبداعات أبنائنا ومنحتهم الفرصة للتعبير عن ذواتهم عبر فنون التشكيل والغناء والاستعراض، وكانت المفاجأة أنهم بعد تدريبات وجهد طويل بذلته معهم وفاء الحكيم مدير الفرقة استطاعوا أن يواجهوا الجمهور ويقفوا على خشبة المسرح كممثلين بجانب فنانى مسرح الدولة المحترفين فى عرضين جماهيريين. وتواصلت نجاحات شباب المسرح من خلال ورشة ابدأ حلمك لفرقة مسرح الشباب برئاسة عادل حسان والتى قدمت عرضى مدد ونظرة لممثلين يقفون لأول مرة على المسرح، بالإضافة لملتقى شباب المخرجين الذى سعت هيئة قصور الثقافة من خلاله لدفع الحركة المسرحية فى المحافظات بمخرجين جدد بعد تدريبهم وتأهيلهم.. بالإضافة إلى عروض مسرح المواجهة والتجوال التى اخترقت عمق محافظات مصر بعروض مهمة مثل ولاد البلد، اخراج محمد الشرقاوى وأمر تكليف إخراج باسم قناوى. وخلال العام قال شباك تذاكر البيت الفنى للمسرح كلمته بإيرادات وصلت إلى أربعة ملايين ونصف المليون جنيه فى ظل أسعار تذاكر تتراوح بين 30 و100 جنيه.. فكانت تلك الإيرادات ترجمة حقيقية لنجاحات حققتها عروض مثل أبو كبسولة الذى اعتلى القائمة.. بينما حصد عرض «أليس فى بلاد العجائب» انتاج البيت الفنى للفنون الشعبية الجوائز والإيرادات معا.. فنالت بطلته مروة عبدالمنعم جائزة أفضل ممثلة ومخرجه محسن رزق جائزة أفضل مخرج وأفضل عرض مسرحى فى المهرجان القومى للمسرح هذا العام، بالإضافة لإيرادات تجاوزت مليونى جنيه.. وشهد المسرح القومى عودة مهمة للمبدعين محمود الجندى ونبيل الحلفاوى فى اضحك لما تموت بتوقيع المؤلف لينين الرملى والمخرج الكبير عصام السيد والتى حققت 365 ألف جنيه فى 40 ليلة عرض فقط. كما شهدت مسارح مختلفة محطات فنية مهمة مازال بعضها يحقق نجاحا حتى الآن ومستمر خلال عام 2019 مثل رائعة صلاح عبدالصبور مسافر ليل من إنتاج مركز الهناجر للفنون والذى أعلن المخرج محمود فؤاد صدقى عن قدراته من خلالها فى عرض أبطاله السينوغرافيا والمضمون والأداء التمثيلى معا، حتى استطاع بطله علاء قوقة حصد جائزة أفضل ممثل فى المهرجان القومى للمسرح ايضا.. بينما قدم هانى عفيفى على نفس المسرح تجربة درامية كوميدية ثرية عن سطوة مواقع التواصل الاجتماعى على مستخدميها فترة ثورة يناير فى عرض بعنوان تسجيل دخول.. وعلى مسرح الغد كانت أبرز العروض الحادثة للمخرج الشاب عمرو حسان والذى قدم صياغة درامية حيوية لنص لينين الرملى جسده بطلاه ياسمين سمير ومصطفى منصور ببراعة فائقة، ثم عرض الساعة الأخيرة للمخرج المخضرم ناصر عبدالمنعم والذى تألق فيه بطلاه شريف صبحى وسامية عاطف ومثلا مصر مؤخرا فى مهرجان قرطاج.. ولا يمكن إغفال سيمفونية مسرح الطليعة العذبة التى عزفتها سما ابراهيم فى عرض مونودراما من بطولتها وإخراجها تحت اسم أنا كارمن والذى جسدت فيه عذابات المرأة العربية عبر شخصية كارمن الشهيرة لجورج بيزيه.. ثم عرض السيرة الهلامية للمخرج محمد الصغير الذى قدم تناولا كوميديا صارخا لرائعة شكسبير هاملت ممزوجا بالتراث الشعبى الصعيدى، وتألق فيه أبطاله من شباب المسرحيين. وقد شهد 2018 احتفال مهرجان القاهرة الدولى للمسرح المعاصر والتجريبى بيوبيله الفضى والذى أعادت فعالياته للأذهان ذكريات زمن المسرح الجميل بإعادة عروض قهوة سادة للمخرج خالد جلال والذى شهد اقبالا كبيرا لجمهوره لدى عرضه على المسرح القومى، وكذلك عرض الطوق والإسورة للمخرج ناصر عبدالمنعم، وخالتى صفية والدير للمخرج محمد مرسى وكلام فى سرى للمخرجة ريهام عبدالرازق، بالإضافة لكم المسرحيات الأجنبية القوية من مختلف المدارس المسرحية حول العالم مثل المسرح السويسرى والجورجى والإيطالى وغيرها.. فضلا عن تجربة المسرح تحت دوى القنابل التى جمعت عروضا من المناطق الساخنة مثل العراق وسوريا وفلسطين. وكانت عودة المسرح الخاص مثار تفاؤل كبير هذا العام خاصة بتجربة عرض خيبتنا للفنان الكبير محمد صبحى والتى تناول فيها قضية الاستنساخ بأسلوبه الكوميدى المعهود، وبمشاركة مهمة لنجمة مسرح الدولة القديرة سميرة عبدالعزيز وعدد آخر من شباب الممثلين.. بينما غيّر الفنان أشرف عبدالباقى من جلده الفنى تماما حينما أعاد للتاريخ رونقه على مسرح نجيب الريحانى وقدم على خشبته عرض جريما فى المعادى بفريقى تمثيل فى تناول درامى مختلف تماما عن تجربة مسرح مصر، واستطاع به أن يحقق نجاحا كبيرا ايضا.. وها هو عام 2019 قد بدأ مع انطلاق تجربة جديدة للمسرح الخاص بطلها محمد هنيدى بعرض 3 أيام فى الساحل لتستمر المنافسة بين القطاعين العام والخاص لصالح الجمهور.