«لقد جئت إلي هذا العالم خالي الوفاض.. وسأغادره وليس معي إلا ضميري».. هذه الكلمات قالها جراح عيون ولد في جزيرة جامايكا في الكاريبي هو د. «حارث تايلور» الذي أدرك عند تخرجه في كلية الطب أنه سيعمل في إحدي أنبل وأهم المهن.. لذلك أعطاها جهده ووقته.. وعاشها بكل كيانه.. وعلي مدي أكثر من عشرين عاما سافر إلي معظم الدول النامية في كل أنحاء العالم لينقذ آلاف البشر من الإصابة بالعمي.. كان يغمره شعور بالسعادة لم يستطع أن يصفه وهو يري المريض يستعيد بصره.. لم يهتم بجمع المال.. ولم يبحث عن الشهرة.. كان كل همه أن يساعد الناس ويجنبهم الإصابة بفقد البصر.. لم يخذل إنسانا طلب منه المساعدة.. ولم يتجاهل صوتا ناشده المساندة.. وبهذه الصفات انضم د. «تايلور» إلي قائمة الأشخاص الذين يقال عنهم إنهم جاءوا إلي الحياة.. وتركوا أثرا.. وأحدثوا تغييرا.. بأن جعلوا حياة البشر من حولهم أفضل وأجمل.. كما انضم إلي القائمة ثري فرنسي تبرع بكل أمواله لحفر آبار في قري بافريقيا يشرب سكانها مياها ملوثة.. قال في حديث تليفزيوني إنه لم يستطع أن ينسي منظر أطفال تلك القري بعد أن عرف أنهم يموتون قبل أن يبلغوا سن الخامسة.. أما الكبار فكلهم يعانون أمراضا خطيرة.. لم يستطع أن يعود إلي وطنه.. وأن يدير ظهره لهذا الوضع المؤلم.. وأن يمضي في حياته هانئا سعيدا.. لذلك قرر أن يتبرع بأمواله لتوفير مياه نظيفة لهؤلاء البؤساء. ولأن البؤساء زاد عددهم بصورة لم يسبق لها مثيل، كما أشار تقرير أصدره مؤخرا مركز جالوب لاستطلاع الرأي، لذلك يحتاج العالم أكثر من أي وقت مضي.. إلي ناس من أمثال رجل الأعمال الأمريكي «جون روكفلر» الذي قال وهو يعلن تبرعه بجزء من ماله لأحد المشروعات الكبري في أمريكا: «الله هو الذي أعطاني هذا المال وسيضاعفه إذا أسهمت في تحسين أحوال البشر». المهم الآن.. أن د. تايلور والثري الفرنسي ورجل الأعمال روكفلر.. إلي جانب اهتمامهم بتطوير أعمالهم وزيادة أرباحهم.. اهتموا أيضا بتحسين وتطوير المجتمعات التي يعيشون فيها.. وأيضا بمساعدة المحتاجين من الفقراء والمرضي في أي مكان في العالم.. ويبقي القول إن العطاء هو الدرس الذي يجب أن يتعلمه أطفالنا منذ الصغر.. لكي يأتي يوم لا تحتاج فيه الدولة لأن تناشد القادرين التبرع بجزء من أموالهم.. وأيضا لكي يأتي يوم لا نري فيه من يطلب من الناس في شاشات التليفزيون التبرع لإنشاء مستشفي.. أو لشراء بطاطين. لمزيد من مقالات عايدة رزق