* أشهر مؤلفى الموسيقى العالمية عاش مديونا ودفن فى مقبرة جماعية * يستقبل بيته 800 زائر يوميا يدفعون 8800 يورو رسوما للدخول
منذ الوهلة الأولى التى علمت فيها بأمر سفرى لفيينا، عاصمة النمسا، فى مهمة عمل، بدعوة من الحكومة الفيدرالية، كان كل ما يجول فى خاطرى هو أننى سأتمكن أخيراً من زيارة بيت فولفجانج أماديوس موتسارت المؤلف الموسيقى الكلاسيكى البارع الذى أعشق أعماله. ...................... فيينا ليست فقط عاصمة النمسا بل أيضا عاصمة الموسيقى الكلاسيكية فى العالم.. فيينا هى موتسارت، و كل زائر للمدينة يلحظ فور نزوله لشوارعها خاصة المنطقة الأثرية،هنا مقهى موتسارت، وهذا بيت أقام فيه موتسارت، وهذا محال للحلويات يبيع شيكولاته باسم موتسارت، وفى قلب المدينة مبنى الأوبرا التى تشتهر بتقديم أعمال موتسارت. كاد قلبى يطير فرحا وأنا استعد لرؤية بيت هذا العبقرى، الذى تعشق أذناى موسيقاه، فكنت شغوفة لرؤية المكان الذى عاش فيه أواخر أيامه. وصلت سيراً على الأقدام من الفندق المجاور للأوبرا وعبر الشارع المجاور Cartner Strasse الذى يمتد لمسافة 800 متر تقريباً قبل أن تدلف لشارع المغنى Singer Strasse ومنه عبر ممر ضيق يصل لبيت الفنان العالمى صاحب الأعمال الموسيقية الخالدة عبر العصور والأزمنة. اخت موتسارت الوحيدة لأن كل شىء يتم هنا بدقة شديدة، سألت فتاة الفندق: فى أى ساعة يغلق بيت ومتحف موتسارت؟ قالت: اليوم الأحد سيُغلق فى السابعة والنصف وربما الثامنة، ونظرت لساعتى، فوجدتها تجاوزت الثالثة، وقد علمت من خلال الخريطة التى درستها بدقة قبل السفر أننى سأستغرق نحو 45 دقيقة وصولاً للهدف فبدأت التحرك على الفور. كنت أخشى أن أضل الطريق،هذه هى الزيارة الأولى لفيينا فيضيع الوقت، ولا أتمكن من قضاء مهمتى خلال هذه الزيارة القصيرة. وصلت لبيت موتسارت، استكشف عالمه الخاص معنا.. لم يقم الموسيقار العالمى فى أى مكان آخر بتأليف الكثير من الموسيقى كما كان عليه خلال السنوات العشر التى قضاها فى فيينا.. فهو المكان الذى شهد مولد أعماله وتأليف الكثير من أشهر مقطوعاته. المكان يتسم بالبساطة، لكنه لا ينم عن ضيق حال الفنان أيضاَ والذى عاش عمره يعانى ديونا طائلة، كانت تجعله يهرب من الديَّانة بتغيير المنزل كل فترة.. وفور أن تجاوزت لوبى المتحف أو البهو، شعرت بأننى أعيش حياة القرن السابع عشر فكل ما حولى يقول ذلك. احد المشرفين على منزل ومتحف موتسارت المتحف والكاتدرائية يقع بيت موتسارت فى موقع رئيسى بجوار أو على مرمى حجر من كاتدرائية سانت ستيفن، أو كما يطلق عليها فى النمساوية Stephen Dom. المنزل مكون من ثلاثة طوابق بخلاف الأرضى.. ويضم المتحف شقة موتسارت التى عاش فيها خلال السنوات الثلاث من الفترة (1784 إلى 1787) قضاها فى دومجاسيه Domegasse (منطقة فى فيينا). العنصر الأكثر جاذبية فى المبنى كان الفناء التاريخى، فالمنظر مُنظِّم بشكل متماثل، وقد تم تنظيمه بشكل يسمح للزوار بالتجول من مكان لأخر بسهولة ويسر. التقيت «ستانى» الذى يعمل حارساً فى المتحف منذ 7 سنوات وهو من رواندا ومقيم فى فيينا منذ 25 سنة وقد ساعدنى بشكل كبير لمعرفة أشياء عن حياة موتسارت. قال لى ستانى: إن المتحف يستقبل ما بين 500 و 800 زائر يومياً يدفعون رسوم دخول تبلغ 11 يورو للفرد، بينما ترتفع الأعداد إلى 1200 يومياً فى فترة أعياد الميلاد، ولكنه فاجأنى بقوله إن المكان لا يضم - مع الأسف – كثيرا من متعلقات الموسيقار الشهير ومنها الأثاث مثلاً، لأن زوجته اضطرت لبيع معظم محتويات المنزل لجمع الأموال اللازمة لسداد ديونه ودفع مصاريف الجنازة.. لذا، هناك جدارية تخيلية رسمها أحد الفنانين المعاصرين، فى بهو شقة موتسارت فى الطابق الأول، بها رسومات (3G) تعطى إحساسا بوجود الأثاث. وصلت لغرفة موتسارت بنفس الطابق، وهى الأهم فى شقته، فحسبما قال لى ستانى: لم يجر عليها أى تعديل سواء فى الجدران أو السقف أو خشب الأرضية (الباركيه)... كل شيء فى هذه الغرفة، التى لا تتجاوز مساحتها 2 فى 3 أمتار، بحالتها تماماً دون تغيير كما تركها موتسارت. وما إن وطأت قدماى أرض الغرفة، إلا وقد انتابنى شعور غريب وكأننى فى قدس الأقداس للموسيقى الكلاسيكية، يا إلهى معقول أنا فى غرفة موتسارت، قلت لنفسى ذلك وأنا فى حالة من الانبهار والروحانية، وكأن موتسارت يهمهم بموسيقاه معى فى هذه الغرفة خاصة بعد أن أكد لى ستانى أنه كان يجلس فيها معظم أوقاته.. وكان بها سرير لطفل صغير يُقال أنه لأحد أبناء موتسارت. إحدى سترات موتسارت الموجودة داخل بيته متحف موتسارت أما متحف أو Mozarthouse، وهو فى الطابق الثانى، فقد ركَّز على حياة الملحن التى قضاها فى فيينا.. حيث كان يسيطر الإمبراطور جوزيف الثانى على روح العصر الذى كان يعيشه موتسارت ما كان له أثر على الموسيقى التى صنعتها هذه العبقرية. وخلال فترة فيينا، ألَّف موتسارت أوبرا (Marriage of Figaro (Le Nozze di Figaro التى قدمت مُرادِفًاً أقل استخداماً Figarohaus لموزارتهاوس. استطعت تصوير بعض اللوحات والمخططات والحروف التى كان يكتبها موتسارت من مؤلفاته بخط يده بالإضافة إلى الملابس التى كان يرتديها فى تلك الفترة. من المثير للاهتمام، معرفتنا أن بيتهوفن وهايدن كانا يشكلان جزءاً من عالم موتسارت.. وأن نحو 40 % من جمهور موتسارت التقليدى كانوا من الماسونيين. وبشكل عام، لم تكن موسيقى موتسارت شائعة فى الوقت الذى ألفَّها فيه لأن المواطنين اعتبروها بعيدة جداً عن تلك الحقبة. معلومات مهمة إذا كنت تتجول فى المنطقة خلف كاتدرائية «شتيفاندوم»، فسوف ينتهى بك الأمر فى قلب العصور الوسطى فى فيينا - وهى منطقة تعتبر واحدة من أجمل الأماكن فى فيينا.. بحيث توجد الكنائس القديمة والأزقة الضيقة والمقاهى الصغيرة- جنباً إلى جنب مع واحدة من أهم معالم الجذب فى المدينة The Mozarthaus أو بيت موتسارت باللغة العربية. عندما عاش فولفجانج أماديوس موتسارت فى فيينا، انتقل مرارًا وتكرارًا لأكثر من منزل، لكن وفقا لإدارة Mozarthaus، فإن هذا المنزل هو الوحيد الذى لا يزال محفوظاً فى حالته الأصلية. وقد تم افتتاح Mozarthaus Vienna فى حالته الحالية بعد إجراء تجديدات كبيرة عليه فى عام 2006، بمناسبة مرور 250 عاماً على ميلاد Mozart. وكان أول مرة تم افتتاح متحف فى هذا المبنى، فى عام 1941 - خلال الحرب العالمية الثانية، عندما استخدم النازيون الذكرى السنوية ال 185 لميلاد موتسارت كمناسبة لإلهاء الشعب النمساوى عبر تكريم الموسيقار الشهير. وحين أقام موتسارت فى المبنى، كان يستأجر شقة كبيرة وفاخرة جداً مؤلفة من أربع غرف وخزانتين ومطبخ كبير جداً.. ولكن اليوم تم تحويل المبنى بأكمله ليكون متحفاً يحمل اسم موتسارت. سرير احد ابنائه داخل غرفته الخاصة شخصية موتسارت وحياته فولفجانج أماديوس موتسارت ولد فى 27 يناير 1756 فى سالزبورج بالنمسا وتوفى بها فى 5 ديسمبر 1791.. هو مؤلف موسيقى نمساوى ويعتبر من أشهر العباقرة المبدعين فى تاريخ الموسيقى رغم أن حياته كانت قصيرة، فقد مات عن عمر يناهز ال 35 عاماً بعد أن نجح فى إنتاج 626 عملا موسيقيا. قاد أوركسترا وهو فى السابعة من عمره ولم يمشِ فى جنازته سوى خمس أشخاص فقط، ليس من بينهم زوجته فقد كان الجو شديد البرودة فى تلك الأوقات فى هذه المنطقة! والده ليوبولد ووالدته آنا ماريا، رُزَقَ بولدهما أماديوس، وحينها لم يعلما بأنه سوف يصبح نابغة من نوابغ الزمان. له أخت واحدة تسمى «نانيرل» (1751-1829م)، وقد تم تعميده فى اليوم التالى لميلاده بكنيسة روبرتس. والد موتسارت كان مفوضاً لإدارة الأوركسترا لدى رئيس الأساقفة فى سالزبورج، ويعتبر مؤلفاً موسيقياً ثانوياً، كما كان معلماً خبيراً، وفى العام الذى ولد فيه كان والده قد ألَّف كتاباً ناجحاً عن آلة الكمان وموتسارت لم يتعلم فى حياته سوى الموسيقى وكانت أسرته فقيرة. حينما بلغت نانيرل السابعة، شرع والدها فى تعليمها دروساً فى العزف على لوحة المفاتيح، فى حين كان ينظر أماديوس إلى الآلة بافتتان وهو فى الثالثة من عمره، وقد صرحت أخته أنه فى تلك السن «كان يقضى وقتاً طويلاً على آلة الكلافير أو (كيبورد) يعزف الأثلاث، وقد كان يعزف شيئاً جيداً وهو مستمتع». وأضافت: «فى سن الرابعة، أخذ والده يعطيه دروساً موسيقية كما لو أنها ألعاب، وهكذا استطاع تدريبه على عزف مقطوعات على الكلافير فى بضع دقائق، فكان يعزف بانطلاق فى دقة عظيمة، منضبطاً فى الإيقاع.. وفى سن الخامسة، بدأ تأليف قطع موسيقية، وكان يعزفها لوالده الذى يدونها على الورق». يُقال إن موتسارت كان مرهف الإحساس وقلبه رقيقا جداً وكان يعشق النساء فعندما أحيا حفلاً أمام ملكة إيطاليا قام بتحيتها وقبلها فى عنقها، وكان يقبل أى امرأة تصادفه حتى الخادمة كان يقبلها. بدأ موتسارت ممارسة العزف فى سن الرابعة و فى سن السادسة بدأ بالمشاركة فى الحفلات وفى السابعة شارك موتسارت فى جولة موسيقية جابت أوروبا مع أسرته. بدأت الرحلة بعرض فى ميونيخ عام 1762 كذلك فى براج وفيينا برفقة أبيه الموسيقى ليوبولد موتسارت (1789-1719). قابل موتسارت فى هذه الرحلة العديد من الموسيقيين لكن أكثرهم تأثيراً كان يوهان كريستيان باخ فى لندن عام 1765 أثناء هذه الرحلة، وتحديداً فى إيطاليا، كتب موتسارت أول موسيقاه. محررة الاهرام داخل بيت موتسارت حياته العملية بعد أن تعلم التأليف الموسيقى على يد يوهان كريستيان باخ عمل موتسارت ملحناً، ومعلماً للموسيقى، وعازف بيانو، وموسيقيا، وعازف الأورجن، وعازف كمان. لغته الأم هى الألمانية أما اللغات الأخرى التى كان يعرفها فهى الإيطالية، واللغة الإنجليزية، والفرنسية، واللاتينية. أما أبرز أعماله: الناى السحرى، وزواج فيجارو، وقداس الموت. وفاته بعد عدم توفر المال الكافى لديه، تدهورت أحواله الصحية والمادية إلى أن جاء شخص مجهول الهوية متنكراً إلى موتسارت ويعتقد بعض المهتمين بحياة موتسارت بأن ذاك الرجل المجهول هو المؤلف أنطونيو ساليرى الذى كان يحقد عليه وقد جاء إليه عارضاً مبلغاً كبيراً من المال مقابل أن يؤلف له موسيقى القداس الجنائزى (ريكويم) Requiem وقد وافق موتسارت وبدأ بالتأليف.. وتوفى بمرض الحمى ولم يكن قد انتهى من تلحين القداس ويقال إن أحد طلابه قام بتكملة القداس الجنائزى. وقصة دفن موتسارت كانت محزنة للغاية، حيث قيل إنه دفن فى مقبرة جماعية بإحدى ضواحى العاصمة النمساوية فيينا، فى منطقة سانت ماركس فى 7 ديسمبر (ولكن هذه القصة يشكَّكَ فيها القائمون على إدارة متحفه وبيته، حيث أكد أحدهم أنه لم يُعرف حتى الآن أين دفن موتسارت.. وبعد دفنه بعدة سنوات، ذهبت زوجته للحانوتى الذى قام بدفنه، طالبةً أن تراه وترى مكان دفنه، فلَّما اصطحبها، لم تستطع التعرف على جثته بدقة). بعد عدة قرون أصبحت موسيقى وصور موتسارت تزين شوارع مدينة سالزبورج، وفى عام 1984 تم إنتاج فيلم عن حياة موتسارت وفيه يدعم الإشاعات التى تقول إن ساليرى كان سبباً فى موت موتسارت، قام الممثل Tom Hulce بدور موتسارت، والممثل Murray Abraham F. فى دور ساليرى، ورشح الفيلم ل53 جائزة وفاز ب40 منها، منها ثمانى جوائز أوسكار. جدارية تخيلية لاحد الرسامين المعاصرين لاثاث بيت موتسارت سر وفاة موتسارت المرض الذى أصيب به موتسارت فى أواخر أيامه، وفقاً لدراسات أجراها باحث هولندى على رأس فريق بحثى فى جامعة أمستردام، تؤكد أنه قد تفشى مرض التهاب البلعوم فى مدينة فيينا، حيث كان يعيش الموسيقار الكبير عام 1791 وأدى إلى وفاة الكثيرين طبقاً للسجلات الرسمية للمدينة، وتتطابق أعراض هذا المرض مع الأعراض التى عاناها موتسارت قبل وفاته، لذا فمن المرجح أن يكون هذا هو المرض الذى تغلب عليه فى النهاية. وحسب أقوال معاصريه، فقد عانى موتسارت التهابا وحمى تبعهما تورم شديد فى منطقة الحلق وتلا ذلك تشنجات وطفح جلدى، وكل هذه الأعراض تنطبق على مرض التهاب البلعوم الذى يمكن أن يؤدى فى النهاية إلى التهاب شديد فى الكلى ثم الوفاة. وأكد لنا أحد العاملين بمنزل موتسارت، أن الالتهاب فى حلق موتسارت كان شديدا بحيث أنه لم يكن يستطيع تحريك رأسه حتى فى السرير لكنه لم يغب أبداً عن الوعى ولم يفقد ذهنه الصافى أبدا. إحدى نوت موتسارت بخط يده احد مخطوطات موتسارت