مع بدء استعدادات مجلس النواب لإصدار تشريع بإنشاء شركة وطنية لإدارة منظومة المخلفات الصلبة فى جميع أنحاء مصر، يتزايد الحديث عن ضرورة إعادة ترتيب أوراق هذا الملف المهم. ويشير المهندس منير بشرى، الخبير الدولى فى إدارة وتدوير المخلفات الصلبة، إلى وجوب النظر لمنظومة القمامة بشكل علمى متكامل، فهى ليست فقط عملية تدوير، بل تشمل مراحل شديدة الأهمية، مثل الجمع والنقل والتخزين ثم المعالجة واختيار التكنولوجيات، وهذا يعنى احتياجنا لمتخصصين ودارسين لتلك العلوم التى نفتقر إليها، حيث تسير بشكل عشوائى، فلابد من إنشاء خريطة تحدد الأماكن التى تحتاج لإنشاء شركات لإدارة المخلفات ونوعيتها، فالقاهرة على سبيل المثال تختلف مخلفاتها عن المحافظات التى بها زراعات ، كذلك لابد من دراسة الأسواق التى تستوعب المنتجات المعاد تدويرها بجانب تدريب الكوادر ونقل الخبرات من تجارب الدول الأخرى . وأضاف أن منظومة المخلفات الصلبة، تتضمن عدة مستويات يمكن إجمالها فى الجانب الفنى، ومن خلاله يتم تحديد كمية المخلفات ونوعيتها والمعدات المستخدمة إلى جانب الجمع والنقل مع ضرورة توفير عداد للقمامة، ويعتمد هذا النظام على أخذ عينات ميدانية لمعرفة مكوناتها وكثافتها؛ ثم الجانب الإدارى ومن خلاله يتم تحديد المسئوليات سواء تدريب المحليات، وجامعى القمامة، والمستوى المالى ويشمل المصاريف وكيفية توجيهها، ثم مستوى الجانب القانونى ويشمل تفعيل قانون البيئة والنظافة، كذلك قوانين العمل والتأمينات والمرور، ثم الجانب البيئى ويتضمن دراسات تقييم الأثر البيئى؛ بالإضافة إلى الجانب الاجتماعى الذى يتم من خلاله إجراءات البحث الميدانى ودور لجان الاستماع لاختيار الآليات التى يتم من خلالها جمع القمامة من كل منطقة على حسب الإمكانات المتوافرة ؛ وتشارك هنا الجمعيات الأهلية التى يمكنها أن تقوم بدور المراقب . وعن الوضع التشريعي، أوضح سيد حجازى عضو لجنة البيئة والطاقة بمجلس النواب أن اللجنة بصدد إعداد قانون لإنشاء الشركة المساهمة المعنية بتدوير المخلفات الصلبة وتحويلها لمواد خام، ويتم ذلك من خلال التعاون مع جامعى القمامة لتوصيلها إلى مراكز التشغيل مقابل عائد مادى مع وضع بعض الاشتراطات تتمثل فى تحديد أماكن مخصصة للفرز بعيدا عن التجمعات السكنية، وقد راعى المجلس عدم فرض رسوم إضافية للقمامة لتخفيف العبء عن المواطنين، كما طلبت اللجنة من وزارة البيئة تطبيق نموذج عملى للمناطق العشوائية لتحديد الأماكن التى تكثر فيها القمامة، ويؤكد حجازى أن المشروع يهدف إلى توفير أماكن فى الصحراء للتعامل مع المخلفات بحيث يكون لكل محافظة منطقة صناعية لتدوير القمامة . وقامت «الأهرام» بزيارة ومشاهدة أماكن جمع وفرز مكونات القمامة فى المنطقة المطلة على الطريق الدائرى بإمبابة، حيث توجد عشرات المخازن لجمع وفرز المخلفات الصلبة، وقد تحدث محمد أحد أصحاب المخازن التى تشترى المخلفات الصلبة من المواطنين وتجار«الروبابيكيا»، قائلا:«إنه يعمل فى هذا المجال منذ 5 سنوات ، ويشترى الحديد والبلاستيك والألومنيوم ويقوم ببيعها للوسيط الذى بدوره يبيعها لمصانع التدوير» فى حين أوضح إسلام، وهو يعمل فى النشاط نفسه، أن سعر كيلو الحديد الخردة 6 جنيهات والورق 3 جنيهات والبلاستيك يتراوح من 3 حتى 6 جنيهات والعلب المعدنية للمياه الغازية 18 جنيها للكيلو، فى حين قال معروف: إنه يشترى كيلو الورق بجنيهين، وعلى الجانب الآخر، قالت نسرين سليمان ربة منزل من سكان إمبابة: إنها تبيع لهم أدوات البلاستيك التالفة لديها فى المنزل بمبلغ جنيهين للكيلو والعلب المعدنية للمياه الغازية بمبلغ 18 جنيها للكيلو؛ وفى مخزن لتجميع العبوات الزجاجية والمعدنية أوضح صاحبه صلاح سعيد أنه يعمل فى هذا المجال منذ 18 عاما ويقوم بفرز كل نوع من المخلفات على حدة ويرسلها لمصانع التدوير التى تقوم بالتنظيف والتعقيم لإعادة استخدامها . وفى جبل المقطم حيث منطقة دير سمعان بمنشية ناصر وعلى جانبى الشوارع تتناثر الورش والمصانع التى تقوم بعمليات التدوير لأكياس البلاستيك والزجاجات البلاستيكية والألومنيوم لإعادة تصنيعها، تحدث المهندس كيرلس بخيت صاحب إحدى الورش التى تحصل على أكياس البلاستيك بعد فرمها من إحدى الورش التى تقوم بغسلها ثم يقوم بتحويل المادة إلى أشكال خرزية فى مصنعه ثم إرسالها إلى مصانع البلاستيك التى تعيد تصنيعها فى شكلها النهائى ، ويساعد كيرلس والده الذى يعمل فى هذا المجال منذ أكثر من 15 عاما، كذلك تحدث أيمن بولس ويعمل فى المجال نفسه، أن جامع القمامة يفرز ما تم جمعه من قمامة وبعد عملية الغسل والتطهير تخرج عوادم يتم دفنها فى مدافن محددة من قبل الحى بهدف التخلص من بقايا التدوير بشكل آمن وصحى، كذلك تحدث محمد اسماعيل الذى يعمل فى إحدى الورش وقال: إنه يتم تكسير زجاجات البلاستيك لقطع صغيرة ثم توضع فى خزانات المياه الساخنة ويتم تحويها إلى خرز بعد دخولها فى آلات المعالجة وتصبح بعدها صالحة كمادة خام تستخدمها مصانع إنتاج خراطيم المياه وعبوات الدهانات والمواد الكيمياوية وتصنيع البراميل البلاستيك. ووسط تجمعات ورش التدوير توجد «جمعية تطوير المجتمع المحلي»، وتهدف لتحقيق الخدمات البيئية والثقافية والاجتماعية لجامعى القمامة، حيث يقول رئيس الجمعية إسحق ميخائيل: إن كل المخلفات الصلبة يعاد تدويرها حيث يقوم جامع القمامة بفرز القمامة والأكياس البلاستيك ويتم معالجتها وتدويرها، كذلك يستخدم الزجاج فى تصنيع لمبات كهربائية فى مصانع بمصر القديمة، والورق يصنع منه الكرتون «10 مصانع تقوم بعمليات التدوير» والصفيح أيضا يعاد تدويره فى شكل علب للورنيش، أما الحديد الخردة فيتم كبسه ويذهب للمصانع الكبرى، فى حين يتم تحول المخلفات لغاز الميثان وتذهب لمصانع الطوب والأسمنت ، أما قطع القماش «الكهنة»، الموجودة بالقمامة فيتم فرمها وتحويلها لمادة قطنية تستخدم فى تبطين الكراسى . وأضاف ميخائيل أنه من الضرورى نقل نشاط الورش الموجودة بالمنطقة لتتم مراحل المعالجة والتدوير خارج نطاق المنطقة السكنية والمحيطة بالورش، فضلا عن وجود مزار سياحى وهو الدير، حيث تم تخصيص لنا 50 فدانا لنا فى طريق العين السخنة منذ 20 عاما، لنقل الورش لكن المشروع توقف فى مهده.