بعد أن القي قرار حظر بناء المآذن في سويسرا بظلاله علي العلاقات بين المسلمين السويسريين والمهاجرين من المسلمين والسلطات السويسرية, أطلقت سويسرا حوارا مع المسلمين ابتداء من عام.2010. واستندت الحكومة والمنظمات المشاركة في الحوار علي رؤية تقضي بأهمية وضرورة اندماج المهاجرين المسلمين والمسلمين السويسريين في المجتمع السويسري, ورأت أن هذا الاندماج سيكون الطريق الأنسب لخفض حدة التوترات وبناء جسور من الفهم والتعاون. وخلال العامين الماضيين توصلت جلسات الحوار وشارك فيها عدد كبير من المسئولين والصحفيين والدبلوماسيين ورجال الحكومة في كل مقاطعات سويسرا. وردا علي مبادرة الاندماج تم تأسيس تجمع للسويسريين المسلمين في مارس الماضي وتبني هذا التجمع رؤية جديدة تختلف مع مبادرة الاندماج التي اطلقتها الحكومة والتي تنظر إلي الاسلام والمسلمين كظاهرة قادمة من الخارج وليست انتاجا سويسريا وأنها جزء من الجاليات الاسلامية المنتشرة في اوروبا وجزء من الصور السلبية التي استقرت في الاذهان من جراء الاعمال التي نفذها البعض تحت رايات وشعارات إسلامية لذا تم ترك الملف في ايدي وزارة العدل والشرطة والمكتب الفيدرالي للهجرة. أما رؤية المجموعة الإسلامية الجديدة فتري أن الإندماج ليس إلا وجها واحدا من وجوه الحضور الاسلامي المتشابك في سويسرا يختزل قضية الاسلام في هذه الدولة. وقد دعت المجموعة إلي الفصل بين ملفي المسلمين والمهاجرين أي بين المسلمين السويسريين والمهاجرين القادمين إلي سويسرا وبين الاندماج ومفهوم المواطنة. فالمواطنة تقوم علي المشاركة الكاملة في الحياة العامة. والحق في التعبير الحر عن وجهات النظر والمواقف علي أساس قاعدة المساواة. أي أن المجموعة الاسلامية الجديدة تريد أن تقفز من فوق الاندماج لتنال حقوق المواطنة لكل المسلمين المهاجرين وغير المهاجرين فالوصول بالحضور الاسلامي إلي مرحلة المواطنة يعني القفز من فوق الاندماج والمطالبة بكل حقوق المواطن لكل مسلم علي الأرض السويسرية. وهذه الرؤية المتقدمة للمنظمة الاسلامية الوليد التي ترعاها مؤسسة قرطبة التي أنشئت في سويسرا منذ سنوات وتهتم اساسا بقضايا السلم والحرب في منطقة الشرق الاوسط بصفة خاصة والعالم بصفة عامة يجري اقناع الجهات المختلفة في سويسرا بها من خلال لقاءات ومؤتمرات لاتتوقف وتشمل جميع المقاطعات والكانتونات. كما يجري التركيز علي الاتصال برجال الاعلام بشكل كبير باعتبارهم المفاتيح الاساسية لنشر هذا المفهوم. ويوضح المسئولون بمجموعة قرطبة أن ردود الافعال السويسرية ايجابية حتي الآن وتقول فلورانس لوفر مديرة المشروعات بمؤسسة قرطبة والمسئولة عن تجمع السويسريين أنه لايوجد أي تعارض بين الاندماج والمواطنة فكلاهما يستهدف الحد من التوترات القائمة كما انه لايوجد أي تنافس بين نشاط تجمع السويسريين المسلمين ومبادرة الحوار مع الإسلام التي أطلقتها الحكومة2010 وأن الهدف في النهاية هو بناء تكامل بين المبادرتين وأن تنطلق المبادرات بشكل متوازن لكي يتحقق الهدف من حوار مع المسلمين والاهداف التي أطلقتها منظمة تجمع المسلمين. وبصورة أخري فإن مبادرة المواطنة وممارسة كل حقوق المواطن السويسري من مشاركة في الحياة السياسية ودور في صياغة وصناعة القرار وإبداء للرأي في كل القضايا المثارة في سويسرا تركز علي نيل الحقوق ولكن دون المرور بمرحلة الاندماج, الذي يعني التماثل الاجتماعي والاقتناع بنفس القيم السائدة سواء في سويسرا أو في أوروبا أي أنهم يرفضون أن يكونوا من ابناء الحضارة الغربية بكل قيمها دون أن يقولوا هذا صراحة. واحتفاظ المسلمين بقيمهم المستمدة من الدين وبعاداتهم وتقاليدهم وأعرافهم المستقرة هو الهدف الحقيقي من وراء طرح مبادرة المواطنة في مواجهة مبادرة الاندماج التي طرحتها الحكومة ومن أجلها بدأت حوارا مع المسلمين منذ عام.2010