انقلاب داخل المؤسسة العسكرية الإسرائيلية, ليس بسبب حرب إيران, وإنما بسبب' حرب جنرالات إسرائيل' التي يمكن وصفها ب' الدموية'.حرب قذرة دارت رحاها بين إيهود باراك وزير الدفاع الإسرائيلي وجابي أشكنازي .. رئيس أركان الجيش الإسرائيلي السابق منذ أكثر من عامين. صراع مرير بين الرجلين رأسي حربة الجيش الإسرائيلي, قلب موازين المؤسستين السياسية والعسكرية وكشف عن حجم الفساد وفتح الباب علي مصراعيه للحديث عن الحرب الخفية بين القيادات العسكرية علي السلطة وعلي المستقبل السياسي.تاريخ تفجر الصراع بين الجنرالين يعود إلي عملية' الرصاص المصبوب' في غزة وأحقية كلا منهما في الحصول علي' تصفيق' الشعب الإسرائيلي علي نجاح العملية, وكذلك من منهما أعاد بناء الجيش الإسرائيلي وأمجاده بعد حرب لبنان الثانية؟كان هذا الوجه الخفي للصراع, لكن الوجه القبيح ظهر بعد رفض باراك. التمديد عام آخر لأشنكازي كرئيس لأركان الجيش الإسرائيلي وترشيح ثلاثة أسماء لخلافته من بينها الجنرال يؤاف جالانت' مرشح باراك المفضل' والجنرال جادي ايزينكوت' مرشح أشكنازي المفضل'. ومن هنا ظهرت' وثيقة هارباز', حيث قام الليفاتنت كولونيل بواز هارباز ضابط الاحتياط وصديق اشكنازي بتوزيع وثيقة مزورة تتضمن معلومات مضللة حول قيام معسكر وزير الدفاع بنشر معلومات ملفقة حول رئيس الأركان.ومن هنا بدأت فصول الكشف عن حقيقة ما يجري في كواليس المؤسسة الدفاعية الإسرائيلية, أشكنازي زرع الجاسوس هارباز في مكتب باراك, وبدأ في جمع معلومات حول عدوه اللدود ليضربه في مقتل, لكن هارباز بدأ في جمع نميمة وتقارير إعلامية لا أساس لها من الصحة, وتم توزيع كتيب يضم هذه المعلومات علي بعض قادة الجيش إلي أن كشفت عنه القناة الثانية الإسرائيلية. وبدأت التحقيقات في الفضيحة واعترف هارباز خلال التحقيق معه بتزوير الوثيقة لكنه تراجع عن اعترافه فيما بعد. انتقادات حادة وجهها القاضي ميخاليندنشتراوس مراقب الدولة في إسرائيل- في تحقيقه حول الفضيحة- إلي أشكنازي وباراك, حيث اتهم الأول بالقيام بصورة منهجية بجمع معلومات سلبية وضارة عن وزير الدفاع, وأن حرب ضروس دارت بين مكتب وزير الدفاع من جهة, وبين مكتب رئيس الأركان من جهة أخري, مما ألحق أضرارا بالغة بأمن إسرائيل. بينما اتهم ليندنشتراوس وزير الدفاع بتجاهل توصيات رئيس هيئة الأركان فيما يتعلق بتعيين كبار الضباط والجنرالات في الجيش الإسرائيلي. المعركة بينهما لم تكن صراعا علي المنصب وكرسي رئيس الحكومة المقبل بل تحولت إلي معركة شخصية, بعد الكشف عن محادثة هاتفية بين أشكنازي ومدير مكتبه ايرز فينر للبحث عن الخطايا في حياة إيهود باراك الشخصية ورحلاته هو وزوجته إلي خارج إسرائيل. مرحلة جمع المعلومات امتدت للبحث في العلاقة بين باراك وبنيامين نيتانياهو رئيس الوزراء. هذه المعلومات حققت أحد أهدافها فقد كشف عن فساد جالانت الذي قدم استقالته قبل أن يباشر مهام عمله بعد أن فرضه وزير الدفاع خلفية لأشكنازي.وبدأت فصول الحرب الكلامية بين الرجلين الأول والثاني علي رأس المؤسسة العسكرية الإسرائيلية حيث بعث باراك برسالة إلي يهودا فاينشتاين المستشار القانوني للحكومة اتهم فيها أشكنازي بالفساد وتلقي رشاوي لدفع تعيينات في الجيش واختلاق روايات. بينما اتهمه أشكنازي بالهوس والهذيان. وبعد أن كان يسعي أشكنازي إلي تلميع صورته أمام الرأي العام الإسرائيلي كزعيم سياسي قادم يتولي رئاسة حكومة إسرائيل في المستقبل القريب, انقلب السحر علي الساحر, وكانت' فضيحة هارباز' هي' القشة التي قصمت ظهر البعير'.فقد أوصي الجنرال داني إفروني المحامي العام العسكري الإسرائيلي بفتح تحقيق جنائي مع رئيس أركان الجيش الإسرائيلي السابق ومساعده الكولونيل فينر, بسبب ادعاءات بالتورط في احتيال وخيانة أمانة فيما يخص قضية' هارباز'.وبالرغم من محاولة الجيش الإسرائيلي التقليل من أهمية هذه الخطوة بتأكيده علي أن ليس لديه النية في الوقت الراهن للضلوع فيما وصفه مناقشات داخلية لم تكتمل بعد, إلا أنه لا يمكنه أن يتملص من الأهمية السياسية والعسكرية والجنائية لهذه الفضيحة. أشكنازي رئيس الأركان الأكثر شعبية في تاريخ إسرائيل وصف قرار النائب العام ب' الغريب وغير المفهوم والشاذ'. وفي النهاية, فإن حرب الجنرالات في إسرائيل كشفت عن حجم الفساد والصراعات داخل الجيش الإسرائيلي وإلي أين يمكن أن تؤدي هذه الخلافات. أشكنازي خرج من هذه الفضيحة متهما بالخيانة ومهددا بالمحاكمة. بينما خرج باراك الذي يواجه صراعات خارجية علي عدة جبهات منها إيران وسوريا لتكشف عن صراعه الداخلي مع قيادات الجيش علي السلطة.