مثلما سطر الدكتور طه حسين عصرا جديدا للمكفوفين، وأسمعت هيلين كيلر العالم بمشكلات الصم، تكتب الآن «رحمة خالد» تاريخا جديدا كأول فتاة فى العالم مصابة ب «متلازمة داون» تعمل مذيعة على الهواء. رحمة « 22 عاما» تمنت أن تصبح مذيعة قبل 11 شهرا من الآن، وبالتحديد فى 23 يناير الماضي، عندما اقتنع بموهبتها رئيس قنوات «دى إم سي»، وبعد جهد وتدريب طوال الفترة الماضية نبت الحلم وأخرج لنا «أيقونة» لتغير نظرة الناس للمصابين بمتلازمة دون بصفة خاصة ولكل ذوى الإعاقة بصفة عامة. وفى اتصال تليفونى مع رحمة بعد نهاية حلقة أمس من برنامج 8 الصبح على قناة (دى إم سي) قالت ل «الأهرام»: « فخورة بنفسي، وكنت واثقة أنى هنجح وهحقق حلمي، وأنا سعيدة بالانضمام لأسرة برنامج 8 الصبح، وهم مجموعة جميلة وبتشجعني». وبسؤالها عن أحلامها المستقبلية وهل تتمنى أن يكون لها برنامج خاص بها، قالت ضاحكة: « أنا بحب برنامج 8 الصبح، ولكن حلم حياتى من زمان أن يكون لى برنامج يحمل اسم (لقاء مع رحمة) لمناقشة كل قضايا الأشخاص ذوى الإعاقة، وأستضيف الشخصيات العامة والفنانين». وفى نفس المكالمة التليفونية انتقلنا بالحديث مع أمل عطيفة والدة رحمة التى كانت بجوارها فى السيارة فى أثناء عودتهما إلى المنزل، فقالت بصوت تملؤه السعادة: « فخورة بابنتي، وسعادتى اليوم لا توصف، وبدأت ملامح اكتشاف مقدرة رحمة على تقديم البرامج فى 23 يناير الماضي، ولفت انتباهنا لهذا الأمر هشام سليمان رئيس قنوات «دى إم سي» فهو الذى بادر واتصل بى ليبلغنى أنه متابع لرحمة منذ فترة كبيرة فى البرامج التى تظهر فيها كضيفة»، ثم طلب منى بعد ذلك أن يرى رحمة فى القناة، وذهبنا بالفعل، وقال إنها واجهة مشرفة لكل فتاة مصرية مجتهدة، وعندما علم أن حلم رحمة أن تصبح مذيعة، لم يتردد فى الموافقة، وبدأنا مرحلة تجهيزها. وعن كيفية إعداد رحمة قالت: « بعد أسبوع من لقاء رئيس القناة بدأت رحمة التدريب مع الإعلامى ماهر مصطفى المتخصص فى إعداد وتدريب المذيعين بالقناة، واستمر التدريب 45 يوما، ثم توفاه الله، وتوقف التدريب، وفى فترة التوقف أكملت رحمة مشروع التخرج الخاص بها فى معهد الألسن للسياحة والفنادق وتخرجت فى المعهد فى مايو الماضي». ومنذ شهر تقريبا عادت رحمة للتدريب مرة أخرى مع الإعلامى رامى رضوان، الذى شجعها وقال لها بإذن الله ستكونين مذيعة معنا فى برنامج 8 الصبح على قناة (دى إم سي)، كانت رحمة قد ظهرت كمذيعة لمدة 10 دقائق فى 3 ديسمبر الحالى على قناة «الغد» بمناسبة الاحتفال باليوم العالمى للأشخاص ذوى الإعاقة، وبعد ذلك تمت استضافتها كضيفة فى الحلقة». وحول تقييمها لهذه التجربة قالت الأم: « من 22 سنة عندما ولدت رحمة واكتشفت إصابتها بمتلازمة داون كان كل حلمى أن تتعلم فقط، ولكن أشعر الآن أن الدنيا تتغير، وسعيدة لأن ابنتى قدرت تحقق حلمها فى مصر وليس فى أى دولة أخري، وأتمنى أن تحقق كل أحلامها وأن يكون لها برنامج خاص بها تقدمه منفردة». وتختتم حديثها قائلة: « رحمة ليست الوحيدة بين أقرانها المتميزة، فالمتفوقون من ذوى الإعاقة كثيرون جدا وفى مجالات مختلفة، وأشكر الرئيس عبد الفتاح السيسى الذى أهتم بكل ذوى الإعاقة فى الفترة الأخيرة، وخصص لهم عام 2018 باسمهم، وفى أى دولة فى العالم عندما تهتم القيادة السياسية بقضية يهتم بها الشعب أيضا، وهذا ما حدث فى مصر وجعل نظرة الناس لذوى الإعاقة تتغير للأفضل».