وأنا أشاهد على شاشات التليفزيون مظاهرات «نوفمبر» الباريسية، سألت نفسى: هل هى بدايات لربيع فرنسى، بل أوروبى؟! ثم أجبت: إنها كذلك وأنت تكاد تلاحظ التطابق بين الربيع العربى وأخيه الربيع الأوروبى، مما يعنى فى ذلك أن الفاعل، والمخطط واحد!.. ولعل النتائج لن تقل عما حدث فى ربيعنا العربى، إذ تجمعت المظاهرات، عندهم فى أول سبت غضب، وقد اعتمدت على مواقع التواصل الاجتماعى فأصبحت بلا رئيس يمكن للمسئول أن يحادثه ويفاوضه.. يعنى عشوائية منظمة وممنهجة جدا تحس أن منفذيها يقرأون من الكتاب نفسه ويتبعون الإرشادات التى اتبعت فى مخطط «الربيع العربى» فبدأوا بالتجمع السلمى الجميل فى ميدان الإتوال وفى أهم شارع هو الشانزليزيه، وكانت البدايات سلمية والطلبات بسيطة ومعقولة، وتنحصر فى إلغاء ضريبة حددت لوقود عربات النقل، ولم يكن الجو ينبئ بشىء، وفجأة قامت الدنيا وكأن هناك مخططا مجهولا لها يأمر فتتوالى الأحداث.. مهاجمة الشرطة بشراسة وإهانة أفرادها وحرق السيارات ومنها سيارات الشرطة والمحال التجارية، والتطاول على رموز الدولة الحضارية، كتلطيخ قوس النصر الرمز الفرنسى بكتابات مسيئة، واعتلاء قمته وقذف المارة والشرطة بالحجارة والألفاظ وهو سيناريو عشناه وحمانا الله ثم جيشنا من مخططه.. لقد سمعنا يوما ما، وشهدنا دول العالم ومنظماتها لحقوق الإنسان وهى تشجب التدخل «الوحشى» لقواتنا التى كانت، وقد جردت من الكثير من سلاحها نتيجه حرائق الأقسام وقتل أفراد الشرطة، تحاول أن تدافع عن منشآتنا من الهجمات الإرهابية، لم تطلق طلقة رصاص واحدة، وهى نفسها المنظمات التى ترى ما نراه فى باريس وهس.. ولا كلمة!!! المهم فى ثانى سبت غضب تضاعفت الأعداد وتصاعدت الهتافات فى النبرة وفى الطلبات، لم تعد تكتفى بطلب إلغاء الضريبة بل وصلت إلى «ارحل يا ماكرون» وهى الكلمة التى ترددت كثيرا أيام ربيعنا. وبعد مرور سبتين غاضبين تراجعت الدولة الفرنسية وأجلت تطبيق الزيادة، ولكن هل اكتفى المتظاهرون بذلك؟؟ لا رفضوا التنازلات ورفضوا التفاوض وهددوا بأن يكون التظاهر فى ثالث سبت، حول قصر الرئاسة وامتدت التظاهرات إلى بلجيكا وهولندا. يا سبحان الله المخطط واحد والمدبر واحد والطريق واحد. ولعل المخطط الأكبر لهذه الموجات الربيعية يقبع الآن فى (بيته) يفرك يديه فرحا وبشرا لنجاح مخططه فى بلاد من ساعدوه على تنفيذ «الربيع العربى» سابقا