توجيهات مهمة من وزير التعليم العالي للجامعات بشأن امتحانات نهاية العام    الدكتور خالد عامر نقيباً لأطباء أسنان الشرقية    وزارة التموين: خفض أسعار زيت الطعام 36% والألبان 20%    صندوق النقد الدولي: مصر ملتزمة باستكمال رفع الدعم عن الطاقة    توريد 14 ألف طن قمح لشون وصوامع بني سويف حتى الآن    باحث في الشئون الروسية: التصعيد العسكري الأوكراني سيقابل برد كبير    مصر تواصل أعمال الجسر الجوي لإسقاط المساعدات بشمال غزة    تشكيل فرانكفورت أمام بايرن ميونيخ.. عمر مرموش يقود الهجوم    نجما جنوب أفريقيا على أعتاب نادي الزمالك خلال الانتقالات الصيفية    بالصور| "خليه يعفن".. غلق سوق أسماك بورفؤاد ببورسعيد بنسبة 100%    وزير التعليم ومحافظ الغربية يفتتحان معرض مخرجات ونواتج التعلم    ال دارك ويب أداة قتل طفل شبرا الخيمة.. أكبر سوق إجرامي يستهدف المراهقين    النقض: إعدام شخصين والمؤبد ل4 آخرين بقضية «اللجان النوعية في المنوفية»    بعد 24 عاما على إصدارها.. مجلة rollingstone الأمريكية: "تملي معاك" ل عمرو دياب أفضل أغنية بالقرن ال21    ما حكم الحج عن الغير تبرعًا؟ .. الإفتاء تجيب    قافلة طبية مجانية لمدة يومين في مركز يوسف الصديق بالفيوم    بيريرا يكشف حقيقة رفع قضية ضد حكم دولي في المحكمة الرياضية    مكتبة مصر العامة بالأقصر تحتفل بالذكرى ال42 لتحرير سيناء.. صور    الإمارات تستقبل دفعة جديدة من الأطفال الفلسطينيين الجرحى ومرضى السرطان    جامعة القاهرة تناقش دور الملكية الفكرية في تحقيق أهداف التنمية المستدامة    وزير التعليم ومحافظ الغربية يفتتحان معرضًا لمنتجات طلاب المدارس الفنية    غدًا.. قطع المياه عن قريتين ببني سويف لاستكمال مشروعات حياة كريمة    وزيرة التضامن: فخورة بتقديم برنامج سينما المكفوفين بمهرجان الإسكندرية للفيلم القصير    علي الطيب يكشف تفاصيل دوره في مسلسل «مليحة»| فيديو    رئيس جامعة جنوب الوادي: لا خسائر بالجامعة بسبب سوء الأحوال الجوية وتعطيل العمل غدًا    أهمية وفضل حسن الخلق في الإسلام: تعاليم وأنواع    قائمة باريس سان جيرمان لمباراة لوهافر بالدوري الفرنسي    الصحة: فرق الحوكمة نفذت 346 مرور على مراكز الرعاية الأولية لمتابعة صرف الألبان وتفعيل الملف العائلي    كرة اليد، موعد مباراة الزمالك والترجي في نهائي بطولة أفريقيا    «شريف ضد رونالدو».. موعد مباراة الخليج والنصر في الدوري السعودي والقنوات الناقلة    السيسي يتفقد الأكاديمية العسكرية بالعاصمة الإدارية ويجري حوارًا مع الطلبة (صور)    وزير الري يشارك فى فعاليات "مؤتمر بغداد الدولى الرابع للمياه"    هيئة شئون الأسرى الفلسطينيين: الوضع في سجون الاحتلال كارثي ومأساوي    وسط اعتقال أكثر من 550.. الاحتجاجات الطلابية المناهضة لإسرائيل بالجامعات الأمريكية ترفض التراجع    سياحة أسوان: استقرار الملاحة النيلية وبرامج الزيارات بعد العاصفة الحمراء | خاص    تحرير 134 محضرا وضبط دقيق بلدي قبل بيعه بالسوق السوداء في المنوفية    قوافل بالمحافظات.. استخراج 6964 بطاقة رقم قومي و17 ألف "مصدر مميكن"    استمرار حبس عاطلين وسيدة لحيازتهم 6 كيلو من مخدر البودر في بولاق الدكرور    مستشار الرئيس الفلسطيني: عواقب اجتياح رفح الفلسطينية ستكون كارثية    رئيس البرلمان العربي يكرم نائب رئيس الوزراء البحريني    أبو الغيط: الإبادة في غزة ألقت عبئًا ثقيلًا على أوضاع العمال هناك    بسبب البث المباشر.. ميار الببلاوي تتصدر التريند    وزيرة التضامن توجه تحية لمهرجان الإسكندرية للفيلم القصير بسبب برنامج المكفوفين    خبيرة: يوم رائع لمواليد الأبراج النارية    الليلة.. أحمد سعد يحيي حفلا غنائيا في كندا    الدلتا للسكر تناشد المزارعين بعدم حصاد البنجر دون إخطارها    «السياحة»: زيادة رحلات الطيران الوافدة ومد برنامج التحفيز حتى 29 أكتوبر    «بيت الزكاة» يستقبل تبرعات أردنية ب 12 شاحنة ضمن حملة إغاثة غزة    متصلة تشكو من زوجها بسبب الكتب الخارجية.. وداعية يرد    رئيس جهاز العاصمة الإدارية يجتمع بممثلي الشركات المنفذة لحي جاردن سيتي الجديدة    محافظة القاهرة تكثف حملات إزالة الإشغالات والتعديات على حرم الطريق    طلب إحاطة يحذر من تزايد معدلات الولادة القيصرية    أفضل دعاء تبدأ وتختم به يومك.. واظب عليه    خبير أوبئة: مصر خالية من «شلل الأطفال» ببرامج تطعيمات مستمرة    وزير الخارجية يتوجه إلى الرياض للمشاركة في المنتدى الاقتصادي العالمي    إشادة دولية بتجربة مصر في مجال التغطية الصحية الشاملة    "كنت ببعتله تحياتي".. كولر يكشف سر الورقة التي أعطاها ل رامي ربيعة أثناء مباراة مازيمبي    عمل نفتخر به.. حسن الرداد يكشف تفاصيل مسلسل «محارب»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



طوق النجاة للبشر
نشر في الأهرام اليومي يوم 04 - 12 - 2018

تتسم الفلسفة بأنها الخطاب الذى ينشأ فى قلب ثقافة خاصة، ولكنه يتوجه إلى كل البشر فى مختلف الثقافات. وهذا ما يفسر لنا وجود نصوص أفلاطون وأرسطو وغيرهما من الفلاسفة، ووجود شروح وتعليقات عليها فى كل الثقافات مثل الصينية والهندية والروسية والعربية واللاتينية. وقد حافظت الفلسفة على هذه السمة على مدى خمسة وعشرين قرنا من الزمان. ويدفعنا المستقبل الذى ينتظرنا نحن الشر إلى التمسك بهذه السمة لأنها ربما تكون هى طوق النجاة للبشر. لماذا؟ تعرفت المجتمعات البشرية مشكلات متنوعة كان لزاماً عليها أن تجد حلولا لها مثل الفتن الطائفية، الأمية، البطالة والحروب الأهلية. وتسهم الدولة والأحزاب السياسية والمثقفون ومنظمات المجتمع المدنى فى إيجاد الحل لكى ينعم المجتمع بالاستقرار والسلام الاجتماعى ويتجه نحو التنمية والتقدم. ولكن تطور الحياة البشرية فى مجالات العلم والتكنولوجيا وأيضاً فى السلوك الاجتماعى والسياسة الدولية أدى إلى نشأة مجموعة من المشكلات لم تعرفها البشرية من قبل أهم خصائصها أنها لا يمكن أن تجد حلاً داخل ثقافة بعينها أو مجتمع واحد. ويمكن تلخيص هذه المشكلات فى أربع أزمات كبرى وهى:
أولاً الزيادة السكانية، نحن نصادف مجتمعات تعانى الزيادة السكانية وأخرى تعانى قلة السكان، مثل أستراليا وكندا، ولكن لو نظرنا نظرة إجمالية لوجدنا أن عدد البشر أصبح يربو على سبعة مليارات من السكان وهو عدد كبير تحتمله بالكاد موارد كوكب الأرض. والمهم أن على البشر أن يفهموا أنه لا يمكنهم النمو سكانيا إلى ما لا نهاية وأنه ينبغى أن يوضع سقف لا يتجاوزه عدد السكان على الكوكب.
ثانيا التطور فى صناعة الأسلحة وخصوصا السلاح النووى، فقد عرفت البشرية خلال تاريخها حروبا مدمرة لكنها كانت كل مرة على يقين بأن البشر موجودون ومستمرون فى الحياة وإعمار الأرض. أما اليوم فنحن أمام إمكانية لم تكن متاحة من قبل وهى انتحار النوع البشرى.
ثالثاً أزمة البيئة بجانبيها المعروفين وهما استنفاد موارد الطبيعة والتغيرات المناخية الناتجة عن الاحتباس الحرارى الناتج بدوره عن الإسراف فى بث غاز ثانى أكسيد الكربون بسبب الصناعة واستغلال الطاقة. هذا الحال يضعنا فى موقف أخلاقى متأزم، فنحن بسبب حرصنا على تحقيق مصالحنا الآنية فى الربح والاستمتاع نحرم الحيوانات والأجيال المقبلة من العيش فى ظروف ملائمة للحياة من حيث توافر المياه العذبة والهواء النقى والغابات والأرض الصالحة للزراعة.
رابعاً التقدم العلمى وخصوصا فى مجال الهندسة الوراثية. كان الإنسان يبتهج دائما كلما حقق اكتشافا علميا لأن العلم كان يزيد من سيطرته على الأشياء من حوله ويعطيه القدرة على التلاعب بها واستخدامها لصالحه. ولكن مع الاكتشافات البيولوجية التى تمت أخيرا وجد الإنسان نفسه لأول مرة وقد أصبح موضوعا للتلاعب، ولا يدرى أى مصير ينتظره فى حالة السماح للعلماء بإجراء التجارب على تكوين البشر.
هذه المشكلات تخص البشر كلهم وليست خاصة بأمة معينة. كما أنه لا يمكن لنا أن ننتظر حلا تقدمه تلنا التكنولوجيا وانتظار أن يأتى الحل منها سيؤدى إلى تفاقم الأزمة. ليس منوطا بالعلم أن يجد حلاً وإنما الحل سوف ينبع من الحكمة أى من الفلسفة. تلك الحكمة التى نراها للأسف تتراجع فى السنوات الأخيرة. فقد كنا نشعر بأن النصف الثانى من القرن العشرين يبرز مؤشرات تدل على وعى البشر المشترك بهذه الأزمات، ولكن مع رواج الشعبوية ولغة الصلف والتهديد هناك سعى لتهميش هذه المشكلات والمجاهرة بأن الدول لا تتحرك إلا لتحقيق مصالحها المادية والتى ستحققها بالذوق (الدبلوماسية) أو بالعافية (التدخل العسكري). ولكن تبقى أزمات البشر قائمة، ولا تستطيع ثقافة من بين الثقافات الإنسانية أن تزعم أنها وحدها قادرة على تقديم الحل لجميع البشر. إذن كل المجتمعات فى شدة، ومستقبلها معلق بالتعاون بين بعضها البعض. كل ثقافة مدعوة إلى المساهمة فى إيجاد حل، ويمكنها أن تنهل من ميراثها الروحى للبحث عن مخرج. ففى الإسلام والمسيحية والبوذية والكونفوشية والطاوية والهندوسية قيم تدعو إلى علاقة أكثر اتزانا مع الطبيعة. هذا الخطاب النابع من تراث روحى معين، لكنه موجه للبشر كافة وليس لأتباع الديانة التى نشأ منها ينبغى له أن يتعايش مع خطابات تأخرى من أديان مختلفة ولها نفس الغاية، وبالتالى ينبغى أن تتغير العلاقة من المواجهة والصدام إلى التعايش والتعاون، وهذا يقتضى شرطين: أولهما أن يتسم هذا الخطاب بسمات الخطاب الفلسفى التى أشرنا إليها، وثانيها أن يتم الاعتراف بالعلمانية كقيمة إنسانية كبرى لأنها وحدها هى التى تسمح بالاعتراف بالآخرين وتتيح للجميع التعايش المشترك.
لمزيد من مقالات د. أنور مغيث


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.