ربما يكون من باب المصادفة عرض فيلم «كازنتزاكيس» الأديب اليوناني الأشهر في فعاليات مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في الوقت الذي احتفل فيه العالم بذكري رحيله التي حلت الشهر الماضي، ولكن ليس من المصادفة ان يحظي عرضه الأول بمشاهدة محدودة سرعان ما سري إشعاعها فامتدت كما النار بين جمهور المهرجان، ليتم الإعلان عن نفاد تذاكر العرض الثانى المقرر له غدا بالمسرح الكبير. الروائي فتحي سليمان كان من المحظوظين الذين شاهدوا العرض الأول فكتب خصيصا لنا: «إنه كازانتزاكيس الذي صورته الكاميرا هذه المرة علي طاولة الشرح آدميًا من لحم ودم .. يأكل ويشرب.. يحب ويرقص.. ويبكي من لوعة الفراق وطعنات الأصدقاء ولعنات الآباء المسربلين في ملابس الكهنة السوداء. «نيكوس» العاصي صاحب الأسئلة العميقة التي تبحث دومًا! عن ُمشاهد يري بعين عقله ويرفض القوالب القديمة. «نيكوس» قال لنفسه إن الترحال إلي الشرق وبلدانه لابد أن يدرج ضمن مناهج تعليم أطفال نصف الكرة الشمالي، وفي ربيع عام 1927 سرق جسده من مدينتي «المزاليكيا والموساكا» وجاء للإسكندرية يبحث عن ضفة أخري لحضارة بلاده، محملًا بإرث خطة «أرسطو وسوفوكليس وهيرودوت» وحواديت سمعها من أحبار البلدات المتاخمة لبلاد «الجاريبالدي». جاء يحمل فاجومية موسي العصر الحديث «زوربا» ووصاياه العشر الجديدة التي تلائم زمن الرفض وعفوية الأسئلة! .. وفي «مصر» توقف الزمن كثيرًا أمام «الخلود» ليس ككلمة بل نحتٌ في جدار التاريخ وفهمٌ لخبايا العقل .. «كازانتزاكيس» لم يكن يملك عينين فقط، بل ووجدانا يحمل رائحة يوم خروج أبينا «أدم» من الجنة وهو يسأل نفسه: لماذا .. لماذا .. لماذا؟ ما قاله «سليمان» في حق «نيكوس» ليس كافيا، وما تناوله الفيلم من حياة الرجل ومسيرته ليس إلا القليل.. كازنتزاكيس هو القائل «مصر ليست بهذه السهولة التي وصفها بها «هيرودوت» حين قال إنها «هبة النيل» .. إنها هذا الأجر الكبير الصعب الذي أصر إله مصر أن يمنحه للإنسان». هذه واحدة من عباراته المشبعة بالحب والدهشة والتي تتناثر في كتبه ورواياته، وبالأخص كتابه «رحلة الي مصر - الوادي وسيناء». وأيضا .. وفي إطار فعاليات مهرجان القاهرة السينمائي فإن الفيلم المصري» لا أحد هناك» سيعرض بالمسابقة الرسمية لمهرجان مراكش حسبما أعلنت إدارة المهرجان علي موقعها الإلكتروني منذ يومين .. وهو خبر لم يكن يتوقعه صانعو الفيلم، فهم مشغولون بعرض الفيلم اليوم بدار الأوبرا، والذي بناء عليه سيتقرر موعد طرحه تجاريا. المنافسة في المسابقة الرسمية بمراكش رفعت سقف توقعات المخرج أحمد مجدى فى الحصول علي جائزة في مسابقة النقاد بالقاهرة السينمائي. ورغم حالة القلق التي يعيشها «مجدي» فإنه اصطحب أصدقاءه والمشاركين بفيلمه إلي حديقة الحيوان بالجيزة للاطمئنان علي الزرافة «سونسن» وموعد ولادتها . وكان قد انتشر علي «تويتر» هاشتاج «الزرافة مماتتش» بعد أن أشيع وسط شباب السينمائيين أن الزرافة ماتت . اهتمام مجدي يأتي انطلاقا من قصة الفيلم التي تتشابه فعليا مع قصة «الزرافة» بحديقة الحيوان .. المجد للسينما المنيرة .. سينما الإنسان والحيوان معا.