من الأخطاء الجسيمة، التى تتعارض مع الحقيقة والمنطق، ويترتب عليها تبعات خطيرة فى التعامل مع كارثة الإرهاب، أن يَجرِى التشكيك فى القوة العقلية للإرهابيين أو فى توازنهم النفسي، أو أن يُعزَى فعلُهم الإرهابى وعدوانهم الدموى وكراهيتهم واحتقارهم للمجتمع، إلى مثل أسباب التفكك الأسرى أو الفقر المدقع، أو أن يَستخِف أحد بمرجعياتهم الفكرية ويعتبرها غير موجودة لأنها وليدة فترات ضعف تاريخية..إلخ، أو أن يُقال إن ضعف الحريات العامة والخاصة هو السبب..إلخ، أضف إلى هذا أن بعض القائلين باضطراب الإرهابيين يدللون بأن عملياتهم تمتد لتوقع ضحايا مسلمين أيضاً، ويخلُص من هذا إلى أنهم مدمنون للدماء وأنهم لا يهمهم مصادر الدماء..إلخ..إلخ! ثم أن يطفو هذا الكلام على سطح الحوار العام بالإلحاح فى وسائل الإعلام المختلفة، على طريقة المجادلات الممتدة بلا نهاية التى يبدو أنها لا تسعى لتوافق عام! لندع جانبا التناقض مع الحقيقة والمنطق، وغياب المنهج العلمى فى الرصد والتحليل والاستخلاص، والقفز على واقع يفقأ العين، حيث ينشط الإرهابيون فى الغرب بكل الاوضاع الاقتصادية والبيئية الأفضل وبكل الحريات العامة والخاصة المصانة، فإن هذا الكلام يشتت عن المهمة التى ينبغى أن يكون لها الأولوية فى التصدى لوقف العمليات الإرهابية بإجبار الإرهابيين بالقوة، ما دام أنهم لا يرتدعون بالقول، وهى السياسة التى أثبتت كفاءتها معهم، وتكفى المقارنة بعدد جرائم الإرهاب وحجمها منذ العملية الشاملة فى فبراير الماضى بما قبل. أنت إزاء أفراد قرروا أن ينكروا من الإسلام كل ما يدعو إلى التسامح، وأغلقوا عقولهم عن الرحابة التى اهتدت إليها الحضارة الإنسانية بعد بحور من الدماء، وتحجرت قلوبهم ضد من يعتنق دينا آخر وضد المسلم إذا اقتنع بمذهب غير مذهبهم، ولم يلتزموا مع الآخرين بالحكمة والموعظة الحسنة، وإنما رفعوا السلاح المميت ضد هؤلاء وأولئك واعتدوا مباشرة على جيش الدولة وشرطتها، وقبلوا على أنفسهم أن يكون تمويلهم من أعداء الوطن، ويؤكدون يوميا أنهم ثابتون على خطهم..إلخ، فهل يجوز مع كل هذا أن ينادِى منادٍ بالرفق معهم أو بحوار أو مصالحة؟! لمزيد من مقالات أحمد عبد التواب