من قرية ريفية صغيرة على بحيرة قارون، بمحافظة الفيوم، قد تكون نقطة صغيرة على الخريطة مصر الجغرافية، إلى نافذة، ومصدر إلهام أجيال من المثقفين، والفنانين، والمبدعين، بمناظرها الخلابة، وطبيعتها الساحرة، وعلى مدى سبع سنوات الماضية، أصبحت تونس رقما على خريطة مصر السياحية، حيث يأتى لها السياح من شتى أنحاء العالم، لتتحول بيوتها وشوارعها فى شهر نوفمبر من كل عام، إلى متحف فنى مفتوح، للزوار من شتى أنحاء العالم، ليستمتعوا بهده القرية، المسكونة بالفن والفنانين، والأجانب من مختلف الجنسيات. ........................................ فى أول شهر سبتمبر سنة 2011، تعاونت مجموعة صغيرة من الخزافين المهرة من أهالى القرية، لتنظيم المهرجان الأول لصناعة الخزف والحرف البدوية وكأى شى فى البداية كانت المشاركة محدودة، لكن الآن بعد سبع سنوات، أصبح مهرجان قرية تونس للخزف والفخار، واحدا من أهم الإحداث، ليس فقط بالفيوم بل بمصر محققا مزيجا مثاليا، بين الثقافة، والطبيعة والفن الممزوج بالحرفية.وقد تخطت شهرة القرية الصغيرة حدود المحلية، وأصبحت لها رواد ومريدون، يأتون إليها خصيصا كل عام، من شتى أنحاء العالم، للاستمتاع بالطبيعة الساحرة،والطابع المعمارى الفريد للبيوت والشوارع. أهم ما يميز تونس هذا العام هو العروض الحية للحرفيين المحليين والسيدات الحرفيات العاملات فى ورش الفخار فى جميع أنحاء القرية، حيث يستطيع الزائر مشاهدة الأوانى الفخارية، والخزفية فى أثناء تصنيعها، والتعرف على المراحل التى تمر بها، حتى خروجها بالشكل النهائى. كما فتحت بعض الورش أبوابها أمام الزائرين ليمارسوا صناعه الفخار بأيديهم وقد أقبل الأطفال على هذه التجربة بشكل كبير لما لها من متعه التصنيع والاحتفاظ بما صنعوه بأيديهم. شارك بنك الإسكندرية من خلال مبادراته «إبداع من مصر» فى دعم المهرجان، تحت رعاية محافظ الفيوم، وقد شهد المهرجان هدا العام استعدادات جيدة، من حيث التنظيم والنظافة والتأمين، وقد تم توفير دورات مياه متنقلة، وتكاتك مجانية، لخدمة الزوار، كما اصطفت وحدات عرض المنتجات اليدوية بشكل أنيق ومنظم، يتيح للزوار مشاهدة المعروضات بشكل سلس، كما انتشرت قوات الأمن لتأمين المهرجان بشكل كبير، نظرا لوجود عدد كبير من السياح الأجانب والعرب، وعدد من الشخصيات العامة، والفنانين وشباب الجامعات، حتى غالب على المهرجان الطابع الشبابي, فكانت الاستعدادات تليق بالمهرجان وبضيوفه، فقد تحولت شوارع المدينة ومنازلها للوحات فنية رسمت على الجدران الصور ورسومات تعبر عن البيئة بشكل مبهر وبسيط. شارك أهالى القرية البسطاء بعرض بعض المنتجات اليدوية المصنوعة من جريد النخل، واعدت ربات البيوت الأكلات الريفية البسيطة منها» الفطير المشلتت والجبنة القديمة، والعيش البلدى» تعتمد قرية تونس بشكل أساسى على المنتجات اليدوية. وتقدم المطاعم والفنادق الأكلات التقليدية التى تشتهر بها القرية مثل البط،والحمام، والملوخية والعيش البلدى. لا يقتصر نشاط القرية على شهر ديسمبر، فهى مستعدة طوال العام لاستقبال الزوار فى المناطق فى الترفيهية،و رحلات سياحية، والمزارات الأثرية، والطبيعية التى تشتهر بها مدينة الفيوم، فضلا عن مغامرات مراقبة الطيور المهاجرة، والنادرة وزيارة المحميات الطبيعية كمحمية وادى الريان، ووادى الحيتان، وحفلات السمر على ضفاف بحيرة قارون، ومن الفنانين الدين أصبحوا علامة، ورمزا من رموز القرية، وكان لهم الفضل فى تطوير صناعة الحرف اليدوية، والفنون بشكل عام، السيدة « إفلين بورية السويسرية» التى جاءت إلى مصر، فى ستينيات القرن الماضى، وقد وقعت فى غرام تونس من أول زيارة لها، فقررت البقاء فيها، وعلى مر السنين تمكنت إفلين من إحياء فن صناعة الفخار بين أهالى القرية وأنشأت مدرسة علمت فيها أجيالا من صناع الفخار المهرة، الذين يتم الآن تصدير أعمالهم، وعرضها فى جميع أنحاء العالم. إدا كانت إفلين صاحبة المبادرة الأولى لتعليم أهالى تونس حرفة صناعة الفخار، فقد كان الفنان الراحل أحمد أبوزيد مؤسس وصاحب فكرة إقامة مهرجان تونس للفخار، وكان هدفه الأساسى من إقامة المهرجان هو التسويق للمنتجات اليدوية التى يتم تصنيعها فى القرية والحفاظ على هذة الصناعة من الاندثار. وكان لحضور الفنان التشكيلى محمد عبلة مؤسس مركز الفيوم للفنون دور كبير فى إثراء الحالة الفنية والثقافية فى قرية تونس بإقامة أول متحف للفنون الكاريكاتير فى الشرق الأوسط،والدى تم افتتاحه عام 2010، ويضم لوحات يرجع تاريخ بعضها إلى عام 1919، وتعد لوحات المتحف شاهدا على الأحداث السياسية والاجتماعية التى مرت بها مصر والمنطقة العربية عبر عصور مختلفة،