د.جيهان زكى، هى أول امرأة تتولى رئاسة الأكاديمية المصرية للفنون فى روما، وأول سيدة مصرية تفوز بجائزة «الوردة البرونزية» عام 2015، وجائزة «شجرة الإنسانية من أجل التواصل بين الشعوب» عام 1017 وهى من الأشخاص الذين حولوا حياتهم لجسور بين الشرق والغرب، كما حصلت على جائزة «الحوار الأوروبى فى التواصل الفكرى والثقافى» التى يمنحها مهرجان «سبولتو» للفنون بروما لأفضل الشخصيات تمايزًا فى التواصل الفكرى والثقافى مع الأوروبيين. وفى مكتبها المطل على تمثال أمير الشعراء أحمد شوقى بمقر الأكاديمية المصرية للفنون فى روما- وعلى الكرسى الذى وضعت أعلاه صورة كوكب الشرق أم كلثوم - جلسنا.. وها هو حوارنا: ............................. أولا.. حدثينا عن تاريخ هذه الأكاديمية نبتت فكرة إنشاء أكاديمية مصرية للفنون فى روما منذ عام 1929على يد الفنان المصرى راغب عياد الذى كان يدرس الفن آنذاك فى إيطاليا وشهد عملية ازدهار التمثيل الفنى لكثير من دول العالم عبر «أكاديميات فنية» تكون بمثابة نوافذ تطل على أوروبا من خلال العاصمة الإيطالية التى كان لها السبق فى هذه الفكرة الريادية مع بداية القرن العشرين. وهكذا بادر عياد حينئذ، بدافع من حماس الشباب والغيرة على الوطن، إلى مراسلة الحكومة المصرية، وتوجيه طلب لخديو مصر بإنشاء أكاديمية مصرية للفنون بروما. وفى عام 1930 اعتبر قصر «كوللو أوبيو»، الذى يقع بالقرب من «الكولوسيوم»، بمثابة مقر مؤقت للأكاديمية، وعُيًن الفنان سحاب رفعت ألمظ مسئولاً عنها، وكان وقتئذٍ مبعوثاً لدراسة الفنون على نفقة الملك فؤاد الأول. ثم قامت السفارة الإيطالية فى مصر بعرض قطعة أرض فى وادى «جوليا» على أطراف حدائق بورجيزى، حيث توجد مبانى معظم الأكاديميات، وذلك لبناء الأكاديمية المصرية مقابل مساحة أرض تمنح من حكومة صاحب الجلالة ملك مصر لإيطاليا لإقامة معهد لدراسة الحفريات بالقاهرة. وفى عام 1947 عُين أول مدير رسمى للأكاديمية «الملكية» المصرية للفنون من قبل الحكومة المصرية، وهو الفنان محمد ناجى، الذى كان يعتلى وقتئذ منصب مدير متحف الفن الحديث. تولى أول امرأة رئاسة الأكاديمية.. ماذا يعنى لكِ؟ يعنى مسئولية مضاعفة لأن الإدارة مسئولية كبيرة، فهذا المكان يمثل الثقافة المصرية، ومنذ عام 1930 ومصر هى الدولة الوحيدة فى العالم التى لها منصات فى الفنون الجميلة فى جميع دول العالم. وهناك حاليا بالأكاديمية 17 نافذة للفنون فى كل نوع من أنواع الثقافة.. ونعمل تحت شعار «حضارات عبرت وإبداعات بقيت». وتمثل الأكاديمية جسرا.. ليس فقط الفنون المصرية ولكن الفنون العربية والإفريقية أيضا.. وتعمل تحت شعار «الثقافة يد تصافح يد وفكر يقبل الآخر». وماذا عن دور الأكاديمية فى تحسين صورة الفن المصرى؟ من أهم المهام التى نقوم بها درء الشوائب الفكرية. وفى إطار صالون الشباب يتم تنظيم جائزة الإبداع المصرى للشباب الذين يرسمون صورة واقعية للمجتمع الايطالى من حيث النحت والإخراج والندوات.. والإبداع المصرى نهر لا ينضب. وهكذا فإن جزءا من اهتمام الأكاديمية منذ 90 عاما هو الاحتكاك المصرى الإيطالى من خلال فكرة الفنون الجميلة فى روما، ويتم المزج بين الفن المصرى والإيطالى لأن الفن يقيم جسورا فكرية بين مصر والدول الأخرى. ومثلا نجد الإيطاليين يتذوقون موسيقانا الشرقية. وعلى قاعدة تمثال أمير الشعراء أحمد شوقى عاشق الثقافة العربية مكتوب «قف بروما واشهد أن للملك مالكا سبحانه».. ومن ثم فقد كان أمير الشعراء جسرا للتعاون بين مصر وإيطاليا، وكذلك كان عمر الشريف. إنها أنماط بشرية مهمة فى كل الفترات ولها قيمة عالية لأنها تعتبر رمزا يستدل منه الشرق على الغرب والغرب على الشرق.. فمثلا لدينا صورة بين عمر الشريف وصوفيا لورين كمثال على هذا التعاون.إن دور الأكاديمية هو إبراز العقول المصرية التى حققت تميزا وتقديمها للغرب.. ولدينا معرض للمستنسخات الفرعونية، و«مستنسخ توت عنخ آمون».. ويزورنا الأطفال من المدارس الايطالية لأنهم يدرسون فى الصف الرابع الإبتدائى التاريخ الفرعونى فيأتون إلينا للتعرف على هذا التاريخ مما يؤدى إلى تكريس الحضارة الفرعونية فى عقولهم.. وكذلك الحضارة اليونانية. وأهم المحطات فى حياتك؟ أنا خريجة كلية السياحة والفنادق.. وتم تعيينى معيدة.. وتدرجت حتى وصلت للماجستير والدكتوراه.. وعملت فى المنظمات الدولية منذ 10 سنوات فى صندوق الثورة.. وفى ترميم التراث.. ومثلت مصر فى أكثر من موقع.. وفى عام 2014 مثلت مصر فى منظمة «الإيكروم».. وتم انتخابى وشرفت بالفوز وتكررت الانتخابات العام الماضى لأربع سنوات أخرى.. ومن خلال حياتى المهنية كان لدى احتكاكات كثيرة خاصة فى مجال حفظ التراث الثقافى والآثار والترميم وعلم المصريات.. وقد نظمت أول زيارة لمدير عام منظمة «الايكوم» عام 2015.. كما زار المتحف الإسلامى فى مصر ودار الوثائق. ولقد درست اللغة العربية دراسة عميقة بإحدى المدارس الفرنسية، كما درست الفرانكفونية ثم الإنجليزية.. وعملت فى ملف ترميم قصر البارون فى مصر الجديدة بالقاهرة عام 2007 وكنت مسئولة عن هذا الملف..كما أتيحت لى فرصة الاحتكاك ببلجيكا من خلال رسالة الدكتوراه الخاصة بى. وعندما جئت لإيطاليا كان يشرف على رسالتى أستاذ ايطالى فتعلمت منه مبادئ اللغة الإيطالية وعشت فى ايطاليا لسنوات. وكما قلت لك فقد تخرجت من كلية السياحة والفنادق.. وكان يدرس لى عالم الآثار د. جمال مختار الذى جعلنا من أول يوم نقع فى غرام التاريخ المصرى القديم وفتح أعيننا على أهمية دراسة التاريخ، وخاصة تاريخ النوبة.. وبعد ذلك ذهبت لفرنسا وحصلت على الماجستير عام 93 فى الدراسات الدينية فى العصر البطلمى فى جامعة ليون عام 2000 ثم شغلت منصب مدرس عام 2003.. وتقابلت مع د.زاهى حواس فى إدارة المنظمات الدولية من 2003 وحتى عام 2012. وتم بعد ذلك الإعلان عن مسابقة على صفحات جريدة «الأهرام».. وكانت المرة الأولى التى يتم فيها الإعلان لشغل منصب مدير أكاديمية الفنون فى روما.. وبالفعل تقدمت للمسابقة وفزت بالمنصب الذى كان قبل ذلك يتم بناء على تعيين وزير الثقافة. وماذا عن ملامح الموسم الثقافى للأكاديمية لعام 2019؟ فى إطار تنفيذ محور الحكومة المصرية «بناء الإنسان» سيتم بالأكاديمية استقبال الطلاب الفائزين بجائزة الدولة للإبداع الفنى «دفعة الفنان سحاب ألمظ» وذلك لإتاحة الفرصة أمامهم للاحتكاك بالثقافة الأوروبية.. كما سنبدأ فى الإعلان عن دفعة جديدة ستحمل هذا العام اسم «جاذبية سرى» وذلك على خلفية تولى أول سيدة لوزارة الثقافة. وسيتم الإعلان عن جائزة التفوق الفنى للطلبة الأوائل من أبناء المعاهد الفنية بأكاديمية الفنون بالقاهرة وتضم 7 معاهد.. وتمنح الجائزة للطالب الأول. وستكون الجائزة سفر الفائز إلى روما وإقامته لمدة شهر بمقر الأكاديمية حيث تتاح لهم زيارة المتاحف والمؤسسات الفنية وأكاديميات الفنون المناظرة. كما سننظم ورشا لدراسة تاريخ الفن القبطى والإسلامى، وورشا فنية للأطفال الإيطاليين من 9 - 12 عاما بهدف التعرف على ثقافة مصر وفنونها الفرعونية ولاسيما المعاصرة.. كما ننظم ورشا بالتنسيق مع وزارة الهجرة لترسيخ مبادء المواطنة.. وجولات لإبداعات لحضارة المصرية بشوارع روما، مثل مسلة «سيتى الأول» بميدان الشعب مرورا بمسلة «سولارى» أمام مبنى البرلمان الإيطالى. علاوة على هذا سوف ننظم معرض «صالون الشباب» بالتعاون مع قطاع الفنون التشكيلية المصرى. ومن مثلك الأعلى؟ العبقرى عباس العقاد أكثر من تأثرت بكتاباته، خاصة عبقرية عمر وعبقرية أبى بكر.. كما أعتز جدا بالدكتور الراحل جمال الدين مختار الذى زرع بداخلى حب التاريخ. وضع المرأة المصرية مقارنة بالأوروبية.. كيف ترينه؟ أنا متحيزة جدا للمرأة المصرية لأنها مجتهدة ومتطلعة.. وأنا ولدت وكبرت فى القاهرة والمرأة المصرية تعمل طيلة 24 ساعة بين عملها وزوجها وأبنائها ولا تخفى أى تفصيلة من تفاصيل حياتها وتعرف جيدا كيف تدير العالم.. فالمرأة دعامة هامة وتحاول جاهدة أن تقدم للعالم منتجات متميزة. وماذا عن أسرتك أنت؟ زوجى طبيب جراح يعمل فى فرنسا.. وعندى ثلاث بنات؛ الأولى متزوجة وتعمل فى شركة دولية فى مصر، والثانية صحفية، والثالثة فى أولى ثانوى. أخيرا.. ماذا تقولين لكل امرأة مصرية تقرؤنا الآن؟ أقول لها: ثقى فى نفسك.. ولا تجعلى اليأس يصيبك.. فالضغوط الموجودة فى الوقت الحالى كثيرة.. فلا تسمحى للضغوط الحياتية والاقتصادية بالسيطرة عليك فتسلبك طموحك وروحك العالية.. وتسلحى بالحيوية.