مسألة تجديد الخطاب الدينى أمرها محسوم فى الإسلام، من خلال قول النبى، صلى الله عليه وسلم (إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة عام من يجدد لها أمر دينها)، فالتجديد أمر ثابت فى الإسلام بنص صريح. كما أن مطالبات الرئيس عبدالفتاح السيسى مستمرة على مدار خمس سنوات بتجديد الخطاب الديني، بهدف نشر المفاهيم الدينية الصحيحة والوجه السمح للدين الإسلامى، فى مواجهة تيارات القتل والعنف والتخريب. وبالرغم من كل هذا فإن قضية تجديد الفكر والخطاب الدينى لم تجد تحركا جماعيا على كل مستويات إعلاميا وثقافيا وتعليميا ودينيا ولم نسمع أو نر أي نتائج ملموسة. فتجديد الدين هو في حقيقته تجديدٌ وإحياءٌ وإصلاحٌ لعلاقة المسلمين بالدين، والتفاعل مع أصوله والاهتداء بهديه؛ لتحقيق العمارة الحضاريَّة وتجديد حال المسلمين، ولا يعني إطلاقًا تبديلاً في الدين أو الشرع ذاته. إن الفقه الإسلامي مدعو إلى تحديث نفسه وتنقية مراجعه، وبالطبع ليس كل من ينتقد ويطالب بالتجديد معتديا على الإسلام أو يحاربه، بل ربما يكون غيورا على دينة. فحتى الآن لم يتم تجاوز منظومة الفقه القديمة والممثلة فى التفسير والأحاديث والإجماع والقياس، ومن ثمَّ من المستحيل أن ينتج خطابا أو فكرا دينيا جديدا على الإطلاق. في حين أن المطلوب ليس المحو، لكن التجديد بتنقيح وفلترة كتب التراث والحديث. لقد أُنزل القرآن الكريم على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم كاملاً غير منقوص، وجاء في آخر ما نزل من القرآن قوله تعالى: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا)، فأتم الله دينه بعد أن صار كتابه حاوياً لكلّ صغيرة وكبيرة من أمور هذا الدّين العظيم. فهو كتاب لا ريب فيه تنزيل من رب العالمين كما وصفه رب العرش العظيم. كما أن السنة هي ثاني مصدرٍ من مَصادر التشريع الإسلامي؛ فهي كُلّ ما وَرد عن النبيّ (ص) من قولٍ أو فعلٍ، ومواقفه مع الآخرين، والمَعارك التي خاضها، والأحكام التي نقلها عن الله فيما يخصّ الشريعة وتفصيلاتها. وأكثر الناس الذين التزموا بسُنّة النبيّ (ص) هُم الصحابةُ الكِرام والتابعون وهؤلاء هُم خيرُ الأجيال وأفضلُ القُرون، فقد طبّقوا السُنّة بحذافيرها ولم يحيدوا عنها. إن الصحوة الراهنة للتطرّف صحوة غير مسبوقة، تستدعى جهودا إصلاحية وفكرية غير مسبوقة، وكلمة تجديد الخطاب الديني تعني مواجهة التطرّف بدرجاته المختلفة، تشدّدا وإرهابا وعنفا واستحلالا، وهذا يستدعي من العمل المؤسسي فعالية وضوابط أكثر مما هو كائن. [email protected] لمزيد من مقالات رانيا حفنى