نائب رئيس الحزب الناصري: كلمة السيسي تؤكد التزام القيادة السياسية بحماية إرادة الشعب    وزير التعليم العالي يبحث مع نظيره التشادي سبل تعزيز التعاون    مسئولو قطاع الإسكان والمرافق يزورون محافظة الغربية لتقديم الدعم الفني ومتابعة المشروعات    توفير الحماية الاجتماعية للأسر الاكثر احتياجا بلقاءات خدمة المواطنين في الفيوم    نصر علام يدخل على الخط في خلاف وزير الري والمسئول السابق بشأن أزمة الصرف الزراعى    تطورات جديدة بالحرب الأوكرانية، القوات الروسية تحرر بلدتي تسيغيلنويه ونيتشاييفكا    فنزويلا تتهم أمريكا بتبرير حربها المحتملة بأكاذيب غزو العراق 2003    الهلال الأحمر يدفع بقافلة «زاد العزة» ال 75 مُحملة باحتياجات الشتاء ونحو 9900 طن إمدادات إنسانية لأهالي غزة    صلاح محسن ينشر صورة برفقة محمد صلاح من معسكر المنتخب    اللجنة المنظمة: إيقاف بيع التذاكر الخاصة ببطولة كأس العرب    أداة جديدة من فيسبوك لحماية محتوى صناع الريلز من السرقة    إصابة 2 فى حادث تصادم بين توك توك وسيارة بكفر الشيخ    فعاليات ومحاضرات توعوية ل المكتبة المتنقلة بمركز أبو المطامير    تفاصيل تعاون محمد قماح والهولندية لاروسي فى أغنية انبساط    وفاة الفنان السوري عدنان جارو وتشييع الجنازة وإقامة العزاء اليوم    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 18-11-2025 في محافظة قنا    الملتقى الفقهي بالجامع الأزهر: مقارنة المهور هي الوقود الذي يشعل نيران التكلفة في الزواج    كيف يحدث هبوط سكر الدم دون الإصابة بمرض السكري؟    جامعة الإسكندرية تؤكد دعم الطلاب ذوي الهمم تنفيذاً للمبادرة الرئاسية «تمكين»    استكمال محاكمة سارة خليفة و27 متهماً في قضية المخدرات الكبرى    التمثيل العمالي بإيطاليا ينظم الملتقى الثاني لحماية حقوق العمال المصريين    انطلاق منتدى دبي للمستقبل بمشاركة 2500 خبير دولي    الرعاية الصحية: نجاح أول عملية تركيب منظم لضربات القلب بأسوان    هيئة الرعاية الصحية تعلن نجاح أول عملية استئصال جذري للكلى بالمنظار    منال عوض تترأس الاجتماع ال 69 لمجلس إدارة جهاز شئون البيئة    محافظ أسيوط: إطلاق مسابقة لمحات من الهند بمشاركة 1300 طالب وطالبة    الشيخ عكرمة صبري.. خطيب الأقصى والقدس يُحاكم سياسيا بإسرائيل    مقتل 15 مسلحا خلال عمليتين أمنيتين فى شمال غربى باكستان    الصغرى بالقاهرة 17 درجة.. تعرف على حالة الطقس اليوم    براتب 9000 جنيه.. «العمل» تعلن عن 105 وظائف جديدة    كامل الوزير: طريق «مصر - تشاد» محور استراتيجى لتعزيز التواصل بين شمال ووسط أفريقيا    وزير الصحة: دفع 39 مليون أفريقى نحو الفقر بسبب الزيادة الكارثية فى إنفاق الجيب    اليوم.. الحكم في دعوى نفقة طليقة إبراهيم سعيد    وزير التموين يتوجه إلى بيروت للمشاركة في مؤتمر "بيروت وان"    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : استقيموا يرحمكم الله !?    عندما يتحدث في أمر الأمة من لم يجفّ الحليب عن شفتيه ..بقلم/ حمزة الشوابكة    رئيس منطقة بني سويف عن أزمة ناشئي بيراميدز: قيد اللاعبين مسؤولية الأندية وليس لي علاقة    استئناف عاطل على حكم سجنه بالمؤبد لسرقته شقة جواهرجي في عابدين اليوم    اليوم.. نظر محاكمة 3 متهمين بقضية خلية النزهة    غموض في منشور مصطفى حجاج يثير قلق جمهوره    دراسة: زيادة معدلات الإصابة بارتفاع ضغط الدم لدى الأطفال والمراهقين بواقع الضعف خلال العقدين الماضيين    أمريكا تمنح حاملي تذاكر مونديال 2026 أولوية في مواعيد التأشيرات    ترامب: العالم كان يسخر من أمريكا في عهد بايدن لكن الاحترام عاد الآن    ما بين لعبة "التحالف "ونظرية "العار"، قراءة في المشهد الانتخابي الساخن بدائرة شرق بأسيوط    حازم الشناوي: بدأت من الإذاعة المدرسية ووالدي أول من اكتشف صوتي    الدكتورة رانيا المشاط: الذكاء الاصطناعي سيساهم في خلق وظائف جديدة    مواعيد مباريات منتخب مصر في كأس العرب 2025 والقنوات الناقلة    فاروق جعفر: أتمنى أن يستعين حلمي طولان باللاعبين صغار السن في كأس العرب    السيطرة على حريق داخل مستودع بوتاجاز في أبيس بالإسكندرية دون إصابات    التوقع خلال ساعات، الترجي التونسي ينهي اتفاقه لضم يوسف المساكني (فيديو)    قتلوه في ذكرى ميلاده ال20: تصفية الطالب مصطفى النجار و"الداخلية"تزعم " أنه عنصر شديد الخطورة"    عاجل – حماس: تكليف القوة الدولية بنزع سلاح المقاومة يفقدها الحياد ويحوّلها لطرف في الصراع    شاهين يصنع الحلم.. والنبوي يخلده.. قراءة جديدة في "المهاجر"    اتجاه لإعادة مسرحية الانتخابات لمضاعفة الغلة .. السيسي يُكذّب الداخلية ويؤكد على التزوير والرشاوى ؟!    التأهل والثأر.. ألمانيا إلى كأس العالم بسداسية في مرمى سلوفاكيا    فلسطين.. قوات الاحتلال تقتحم بلدة يعبد وتداهم عددًا من المنازل    اليوم عيد ميلاد الثلاثي أحمد زكى وحلمى ومنى زكى.. قصة صورة جمعتهم معاً    دار الإفتاء: فوائد البنوك "حلال" ولا علاقة بها بالربا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رمسيس عوض.. رحلة صراع بين أستاذ ومفكر
نشر في الأهرام اليومي يوم 14 - 11 - 2018

قضى ترتيب جدول محاضرات السنة الأولى لقسم اللغة الانجليزية، بكلية الألسن، عام 1978، أن تكون المحاضرة الأولي، والتمهيدية التى يتعرف بها الطلبة الجدد على الجامعة والحياة الجامعية، بكل ما تحمله من انتقاليات فى مرحلة العمر، وفى التفكير، واستشراف لآفاق المستقبل، أن تكون المحاضرة للدكتور رمسيس عوض، أستاذ مادة الرواية. وبلا أى مقدمات مما سبق، انطلق المحاضر بالانجليزية، يتحدث عن توماس هاردي، الروائى الرومانسى الريفى الفيلسوف، صاحب تس..سليلة دربرفيل، وعمدة كاستربريدج، وغيرهما، وكيف كان هذا الروائى العظيم، عميق الايمان بالأقدار، وسخريتها، وأن مصائر أبطال رواياته معلقة بأحبال الأقدار. وأن توماس هاردى جمع فى إيمانه القدري، بين أقدار الدراما الإغريقية التى جعلت مصائر الأبطال المأساويين مسئولية الأقدار والظروف الخارجة عن إرادتهم، وبين أقدار أبطال التراجيديا الشكسبيرية، حيث المأساة من صنع قدر الشخصية، ونوازع الشر أو حتى الخير بداخلها.
انتهت المحاضرة، وانهارت عند كثيرين، بل الأغلبية، تطلعات اليوم الجامعى الأول، وسمعنا برغبات محمومة فى النقل لدراسة التجارة أو التربية، أو الآداب، ظنا أن هذه المحاضرة العميقة الثقيلة التى أخذتنا على حين غرة، هى عنوان الدراسة هنا فى الألسن. لكن الأيام والسنين أثبتت أنها، بالأحري، عنوان على شخصية د. رمسيس عوض، الذى رحل عن الدنيا هذه الأيام، تاركا وراءه إرثا فكريا وثقافيا مهما، والأهم، إرثا طلابيا تأثروا به، وتعلموا منه، الدأب الأكاديمى الصارم، وجدية البحث فى الفكرة الجديدة غير المتداولة. مع أول احتكاك حقيقى بين الأستاذ وطلابه، طلب منا ورقة بحثية، ظنناه سيخسف بها وبمستقبلنا الأرض، ودعانا للتعرف علينا فى مكتبه من خلال ورقة البحث، فإذا به من أشد الأساتذة رأفة بطلابه فى الدرجات، بعدما تيقن من أنه أجهدهم بأكثر من الكفاية، فى اللهاث وراء أفكاره والبحث من أجل الفهم والمعرفة.
تعرفنا منه على معركته الفكرية الأهم لحياته فى ذلك الوقت، وكانت مع الأديب المسرحى الكبير توفيق الحكيم. وحرصنا على اقتناء كتابه، توفيق الحكيم الذى لانعرفه. واستغربت اهتمامه بنشر صورة بخط يد الحكيم تعلق على الكتاب بأنه لا يرقى الى مستوى البحث والدراسة النقدية الجادة، الى أن علمنا بأنه استلها من يد الحكيم لأنه عرض عليه الكتاب ليبدى رأيه فيه قبل النشر. رأيته جالسا بين د. صلاح فضل، ود. عبد القادر القط، فى ضيافة أمسية فاروق شوشة الثقافية، وجميعا يناقشونه فى واحدة من أهم الانتاجات الثقافية التى يشرك فيها استاذ طلابا له فى البحث، وهى موسوعة المسرح المصري. شعرت بالفخر، وفى الوقت نفسه رأيت الجانب الخفى من شخصيته، أنه كان شديد الخجل، فى مواجهة الاعلام والناس.
كان لا يحرص كثيرا على ذكر شيء عن أخيه د.لويس عوض، الذى كشف فى مذكراته عن خلافاتهما الشخصية، وان كنت لا أحسب أنهما اختلفا فكريا، الا بقدر ما كان لويس عوض أكثر غزارة فى الاهتمام بالتراث الاسلامى والأدب العربي، وخوض معاركه من داخلهما كمعركته مثلا مع د.بنت الشاطئ والأستاذ محمود محمد شاكر، أما رمسيس فكان موجها بحثه بصفة أكبر الى الدراسات فى الآداب الغربية، وأعلن أن أخاه لويس ربما شعر بأن رمسيس كان يباهى بإعلان التأثر بفكر برتراند راسل، ولم يعلنها تجاه لويس عوض.
كان يحب التردد على لندن، وهناك تعرفت عليه بصورة أقرب، وتأكدت أنه رجل لا يشغله إلا البحث فى الفكرة غير المتداولة والعمل بشكل أكاديمى له أصوله ومنهجه على ادخالها فى ثقافتنا. ولعل هذه كانت فلسفته الخاصة فى مفهوم الترجمة، أنه ليس بمتجرم، ولكن ينسج ما يطلع عليه من ثقافة الغرب ويراه من منظور كيفية التأثير فى ثقافتنا. له مثلا كتاب: شكسبير فى مصر، عن الترجمة والتمصير لأعمال الشاعر الدرامى الانجليزى العظيم. وكان يحب من النقد أن يلقى بإسقاطات تفيد الحركة النقدية والأدبية فى بلادنا، فكتب سلسلة الرقابة وحرية التعبير فى كل من بريطانيا وروسيا وأيرلندا، كما تناول الشخصية اليهودية فى الأدب الروسي.
واذا كان رمسيس عوض عاش مايزيد على 90 عاما، تلفه دوما مسحة حزن، ربما لشعور دفين بعدم الرضا أنه لم ينل حقه، ومردودا لما كان يسعى اليه من الارتقاء بالثقافة، فانه عاش فى الوقت نفسه مقاتلا شرسا فى المعارك الفكرية، وكنا نختلف معه كثيرا كطلبة حول كثير من أفكاره، لكن العجيب أنه كان معنا ذا صدر رحب ويتقبل الاختلاف، بقدر ما كان يصارع بضيق وحزن على جبهات الفكر والنقد مع كبار الكتاب والمثقفين.
لمزيد من مقالات ◀ خليل على فهمى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.