تلقفت قطر جريمة اغتيال جمال خاشقجى من أول ساعة، وانتبهت سريعا إلى أنه صار فى يدها أداة يمكن توظيفها سياسيا على عدة جبهات بما يفيدها فى معركتها الحامية الدائرة منذ أكثر من عام مع السعودية التى تطالها هذه الجريمة، ثم جاء الإقرار السعودى الرسمى بالجريمة وبأنها مدبرة وبأن عددا من مواطنيها متورط فيها وبأن الدولة السعودية سوف تعاقبهم..إلخ، فتوافرت مادة قوية زادت من فرص قطر فى أن تتمكن من التصعيد نحو أهدافها التى كانت شبه مستحيلة التحقق قبل وقوع الجريمة. وهكذا، تصدرت قناة الجزيرة الصفوف لتقوم بالمهمة القطرية الكبري، ولم تتوقف حتى اليوم، بعد مضى أكثر من 40 يوما على وقوع الجريمة، بل صارت هى المنبر الإعلامى الوحيد فى العالم الذى يعطى الحدث كل هذه التغطيات المكثفة المتدفقة بكل أنواع الفنون التليفزيونية، ليس فقط فى نشرات الأخبار، التى تعيد وتزيد على مدى 24 ساعة يوميا، وإنما باستضافة كل من له قدرة على النفخ أكثر فى الموضوع، وباستطلاعات تليفونية لآراء متخصصين فى عدة مجالات فى أرجاء العالم المختلفة. وتوازت خطوط متابعتها لتطور المعلومات التى يتم اكتشافها عن الجريمة فى لحظتها، وعرض تحليلات متخصصين أمنيين وقانونيين وعلماء فى التشريح وفى السموم، وتحليلات للأبعاد الإنسانية للجريمة ولتوابعها على نقابات وتنظيمات الصحافة فى المنطقة وفى الخارج..إلخ، وعقد حلقات لمناقشة الآثار السياسية على الإقليم وعلى العالم..إلخ. لذلك، ومع كل الاختلاف المهنى مع قناة الجزيرة، فإنه ينبغى الاعتراف لمسئوليها باليقظة السياسية وبالمهارة فى هذه القضية، حتى مع انحيازهم الواضح الذى ينال من مهنيتهم. مما يدفع بسؤال منطقي: لماذا فشلت الجزيرة بنفس خبرائها وطواقمها فى حملاتها المكثفة ضد مصر على مدى سنوات؟ ولماذا كانت مثار سخرية المصريين؟ وقد تتعدد الإجابات والتفسيرات، ولكن ربما يكون القاسم المشترك فيها أنها فى حالة مصر لم تجد حقائق مادية أو منطقية تدعم موقفها، وأنها لجأت إلى التلفيق والتزوير، وكان واضحا على خبرائها موقفهم المسبق العدوانى ضد اختيار الشعب المصرى فى 30 يونيو! لمزيد من مقالات أحمد عبدالتواب