في كل صفحات التاريخ إشارات محددة ودروس واضحة مفادها أن السبيل الوحيد لنهوض أي أمة يبدأ بتقوية جدران الثقافة والفكر علي أسس متينة وراسخة. أتحدث عن المشهد الراهن في معظم العواصم العربية وأنا استشعر خطرا كبيرا بسبب الانشغال في قضايا هامشية ومعارك وهمية بدلا من إجهاد العقول وتوحيد الجهود باتجاه شرف الاجتهاد في البحث عن كيفية بناء القدرة علي صد واحتواء الحرب النفسية التي تستهدف خلخلة الدولة الوطنية وإعادة إنتاج الفوضى! لقد أثبتت أحداث السنوات العجاف وتداعياتها الرهيبة علي بعض أقطار وشعوب الأمة أننا بحاجة إلي تقوية جدار الصد ضد كل ما هو دخيل علي أفكارنا ومعتقداتنا الثقافية والروحية ودون أن يجيء ذلك علي حساب ضرورات استمرار انفتاحنا علي العالم وتوسيع مساحة الإطلال علي ما يجري حولنا لكي نأخذ منه ما يتفق مع مصالحنا ولا يتعارض مع عقائدنا التي لا تحظر التقاء الحضارات طالما أن ذلك لا يمس هويتنا الذاتية وشخصيتنا المستقلة ولم يكن مؤتمر شرم الشيخ الذي احتضن شباب العالم من أكثر من 100 دولة سوي نموذج لوعي مصر وعمق استفادتها من دروس السنوات العجاف! لقد آن الأوان لكي تفيق الأمة من غفلتها وتأخذ من تجربة مصر الفريدة التي صنعتها إرادة شعبها في ثورة 30 يونيو نموذجا في سرعة الخروج من محنة السنوات العجاف التي دهمت الأمة تحت رايات الزيف والضلال باسم الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، بينما كان الهدف لها وفق رؤية المخططين والرعاة الإقليميين والدوليين هو تفتيت أوصال الأمة وإحداث فراغ سياسي وأمني يستدعي التدخل والوصاية الأجنبية، ولكن الله سلم.. ومع ذلك علينا أن ندرك أنه «ليست في كل مرة تسلم الجرة» لأن الأشرار لن يكفوا عن تكرار المحاولة باسم الموجة الثانية للثورة المزعومة التي يخططون لها في المنافي بحرب نفسية شرسة لم ولن تفلح بمشيئة الله. خير الكلام: لا يرى المستقبل من يتحرك إلى الوراء! [email protected] لمزيد من مقالات مرسى عطا الله