يعد كتاب «الوجود المصرى فى العصرين اليونانى والرومانى» للدكتورة إنجى فايد - باحثة أثرية وأستاذ ومساعد الآثار والفنون تسجيلا علميا كاملا للوجود المصرى فى هذين العصرين، حيث يوضح الإثباتات العلمية لهذا الوجود، ويرسخ فكرة الانتماء المصرى لحضارة أجدادهم القدماء الذين بهروا شعوب العالم بتقدمهم. فتأثر العالم بهم فى مجالات عديدة: فى فن العمارة او النحت والرسم وفى مختلف الفنون الأخرى، وهو ما يؤكد ولع الحضارة اليونانية والرومانية بالحضارة المصرية، والعلاقة الوثيقة بينهم منذ سنوات طوال، وهذا ما أكده عالم الآثار د. زاهى حواس فى مقدمة الكتاب. الذى يقع فى أربعة فصول، الأول بعنوان: «التعبير عن مصر فى فن العمارة»، ويندرج تحته أربعة مباحث: الأول: تناول المعابد الإلهية المصرية، وقد ظهرت فيها العناصر المعمارية اليونانية او الهلينستية، ولكن رغم ذلك احتفظت المعابد المصرية بطرازها المألوف فى عصر بنائها معبرة عن الطقوس المصرية التى تُمارس بداخلها، ومن مظاهر تأئر المصريين القدماء بالمعابد الهلينستية وجود الحجرات المُضافة لمعبد إيزيس فى إريتريا والتى تحتوى بداخل بعض منها على أحواض لأداء طقس التطهير قبل الصلاة. أما المبحث الثانى فيشرح الشكل الهرمى للمقبرة، وهو الشكل الذى ابتكره قدماء المصريين ليتوافق مع عبادتهم الشمس، ورغبتهم فى التحام ملوكهم بعد الموت بالآلهة التى كانوا يمثلونها على الأرض، وعلى الرغم من أن اليونان والرومان لم يفهموا أصول العقائد المصرية فقد اقتبسوا هذا الشكل فى مناطق عدة فى شمال إفريقيا، و لتمييز المقبرة المخصصة للشخصيات المتميزة. تناول المبحث الثالث المنشآت العمرانية، فالجزء المسمى «كانوبوس» فى فيلا «هادريان» يعد تعبيرا صادقا عن مصر بما احتواه من عناصر مصرية كالجرة الكانوبية، وعناصر سكندرية كالقناة والحدائق على الضفتين. ويعطى المبحث الرابع صورة كاملة عن الآثار المصرية المنتشرة فى أوروبا، والتى نقلت فى القرنين الثامن عشر والتاسع عشر الميلاديين، ومن بينها المسلات التى تعبر عن فخامة البناء، لذا قام بعض الأباطرة الرومان بنحت مسلات جديدة لينقشوا عليها إنجازاتهم كما فعل المصريون . أما الفصل الثانى فقد تناول فى مبحثيه التعبير عن مصر فى فن النحت، وأوضح لنا كيفية انتشار المعبودات المصرية فى العالمين اليونانى والروماني. وفى الفصل الثالث أوضحت الباحثة تأثير مصر على فن الرسم الجدارى المبكر الذى عرفه الرومان، وتطرقت الدراسة للوحتين شهيرتين صنعتا من أجل نقل صورة حية من البيئة المصرية كتصوير كهنة إيزيس فى مصر. وفى المبحث الثانى لا يختلف الأمر كثيرا إذا نظرنا إلى النماذج الفنية المرتبطة بمصر فى لوحات الفسيفساء الرومانية، فالمعروف أن فن الفسيفساء كان يتخذ من رسوم الجدران مثلا فى اختيار الموضوعات، وفى تطوير تقنيات وأساليب التنفيذ بما يلائم مادة اللوحة، لذا كان الفنان الرومانى مولعا بهذا النوع من الفن بعيدا عن إطارها الدينى فقد نقلها إلى منازل الأسرة الرومانية. أما الفصل الأخير فأوضح كيفية التعبير عن مصر فى العملات والفنون الصغرى، كإصدار الإمبراطور أغسطس عملة عن مصر، فقد عكست تلك الرموز والصور التى حملتها العملات الرومانية الأخرى ولعا حقيقيا بمصر ورموزها مثل هى إيزيس.