إن وجود الموت أظهر من وجود الله تعالى عند أكثر الناس، فلذلك تجد كثيرين ينكرون وجود الله تعالى ولكن لا تجد واحدا ينكر الموت، ولكن مع هذا الظهور للموت فإن الكل -إلا من رحم الله- يتجاهله ويتغابى عن التفكر فيه ويصبح حاله كحال النعامة حين تخفى رأسها، ظنا منها أنها إذا لم تر عدوها فإن عدوها لن يراها. وأبحرنا بالموت لنعرفه بعيون البعض منهم فرسونا عند رأي احدهم يقول“ليس هناك خير في الحياة إلا الامل في حياة أخرى، ولا يكون المرء سعيداً إلا بقدر اقترابه من هذا الامل، وكما أنه لن تقع ضروب من سوء الحظ لأولئك الذين يمتلكون ناصية اليقين القوى في الأبدية، فكذلك ليست هناك سعادة لأولئك الذين لا يميلون لذلك ويتمثل هذا الضرب من العلاج في النظرة إلى طبيعة أنفسنا. تلك الأنفس التي أعتقد أنني أعرف بوضوح بالغ أنها تبقى بعد الجسم وأنها قد ولدت من أجل ضروب للفرح والغبطة أعظم كثيراً من تلك التي نتمتع بها في هذا العالم، وانني لا استطيع التفكير في أولئك الذين ماتوا إلا باعتبارهم ينتقلون إلى حياة أكثر سلاماً وعذوبا من حياتنا، وإننا سننضم إليهم يوماً ما. إيمانويل كانط يقول: "ليس الموت إلا القناع الذي يخفي نشاطاً أكثر عمقاً وأقوى مغزى وإن ما يسميه القانون بالموت هو المظهر المرئي لحياتي وهذه الحياة هي الحياة الأخلاقية.. وما يسمى بالموت لا يمكن أن يقطع عملي لأن عملي ينبغي أن ينجز لأنني يتعين على أن أقوم بمهمتي فليس هناك حد لحياتي إنني خالد".. وهو ما قاله رسولنا الكريم اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا. هيجل: الموت هو تصالح الروح مع ذاتها وهو المصير الحقيقي للإنسان كما يقول إنه يتعين النظر إلى الموت باعتباره الهدف الحقيقي للحياة،لأنه في لحظة الموت فإن كل ما تقرر حول مسار الحياة بأسرها ليس إلى إعداداً لما بعد ذلك. شوبن: الموت لغز حير الفلاسفة ولكنهم جميعا لم يهتدوا لفكرة واضحة ترضي الجميع عن ماهية الموت ؛وإنما هي أفكار لكل منهم تقنعه هو نفسه ولا يقتنع بها غيره؛ والموت هوالرحيل؛ رحيل النفس الى عالمها بعد ترك الجسد في عالمه وهو المادة (الأرض)؛ وعالم الروح هو عالم ما بعد الموت وهو عالم مجهول لم يصل فيه أحد إلى رأي قاطع. وخلاصة الموت عند الفلاسفة: بما أنني موجود فالموت غير موجود، فإذا جاء الموت فحينئذ لن أكون موجودا، وهذا يعني أن الحياة عبثية نعيشها ثم يكون مصيرنا إلى الزوال، وهذا يخالف بديهيات حكمة الوجود التي تدل على أن الموت ليس عدما بل هو انتقال من مرحلة إلى مرحلة أخرى فيها تتحقق رغبة الناس في تحقيق العدالة والمساواة وفيها ينتصر المظلوم ويؤخذ لكل ذي حقه وهو ما أخبر عنه المولي عز وجل في كتابه قبل أن تقوم السماء والارض فسبحانه العليم الخبير. لمزيد من مقالات فهمى السيد