جاءت رسالة الإسلام لتحمل الخير للبشرية جمعاء، وانطلقت الدعوة الإسلامية فى بناء الأمة من خلال القيم والأخلاق، التى توارثتها الأجيال، وقد حملت لنا مواقف النبى الكريم صلى الله عليه وسلم نماذج كثيرة على دور القدوة فى بناء الأمة، وقامت الدولة فى المدينةالمنورة وتحقق لها النصر، لأن القدوة كانت السبيل الوحيد الذى يحرك الجميع، فى جميع المجالات ومختلف الظروف. عن دور القدوة يقول الدكتور مصطفى مراد، الأستاذ بكلية الدعوة جامعة الأزهر بالقاهرة، إن القدوة تحرك الجبال، وتصحح المفاهيم وتوجه الشباب إلى النموذج الجيد فى كل مجالات الحياة، وهذا الذى ندعو إليه الشباب، ويجب عليهم كما أمرهم الله عز وجل فى القرآن الكريم «لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِى رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا» الآية (21) سورة الأحزاب، وهذه الآية الكريمة توضح منهج الإسلام فى بناء المجتمع على القيم والأخلاق، وأن تكون القدوة الحسنة هى النموذج الذى يسعى إليه الشباب، وكل ذلك بهدف رفعة وتقدم الأمة، فالنبى الكريم صلى الله عليه وسلم أسس الدولة فى المدينةالمنورة على القدوة، وقدم هذا النموذج فى القدوة، عندما كان يشارك المهاجرين والأنصار فى بناء المسجد، ولما رأى أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم، أنه صلى الله عليه وسلم يعمل بما يقول ولا يقصر فى حق ربه ولا فى حق أمته، سارعوا إلى الاستجابة إلى دعوته، وقامت الدولة فى المدينة وتحقق لها النصر. رسالة للشباب ويضيف أنه انطلاقا من هذا المنهج الإسلامى نحث الشباب على أن يأخذ بهذه القدوة، وينظر للصحابة والتابعين، ولا يزال فى الأمة خير إلى يوم القيامة، فالعلماء والدعاة المخلصون موجودون فى كل زمان، ونطالب الشباب بالسير على نهج هؤلاء وألا يقصروا فى هذا أبدا، لأنه لا نجاح للشباب إلا إذا بحث عن القدوة فى سيرة هؤلاء السابقين، أما الذى يضعف الشباب فهو أنهم لا يرون القدوة الصالحة إلا فى النزر اليسير، ولا يبحثون عن النماذج المتميزة، ولذلك نقول للشباب إذا عز عليكم أن تجدوا القدوة فى المحيطين من الأساتذة والمعلمين، عليكم أن تبحثوا عنهم فى الأجيال السابقة، لأننا لا نعدم أبدا أن نجد القدوة فى كل مجال، وقد اقتضت حكمة الله عز وجل أن يوجد فى كل جيل، أو كل حرفة، أو كل وظيفة، من هو قدوة، ولو عم البلاء وعظم الخطب.. لأن الله سبحانه وتعالى يقيم الحجة بهؤلاء على هؤلاء، ولو قال إنسان رأيت الشباب فى عصرى فاسدين، سيقال له إن فلانا كان شابا ولم يكن فاسدا، إلى أن يرتفع الأمر ويقال له: أين أنت من يوسف؟ وكذلك الأغنياء إن عز عليهم أن يجدوا غنيا شاكرا، فليبحثوا عن سليمان عليه السلام، وكذلك المبتلون والمرضى فيقال لهم: أين أنتم من أيوب عليه السلام؟ وهكذا لا تعدم الأمة أن تجد قدوة، لكن القضية عدم البحث عن هذا القدوة . مجالات متعددة ومن جانبه يؤكد الشيخ عبد الحميد الأطرش، رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر، أن الإسلام دولة قدوة، ودون القدوة لا تتقدم الأمة ولا تنهض، وهناك مفاهيم ومجالات كثيرة للقدوة، نريد أن تنتشر بين الشباب وتتوارثها الأجيال، فالوقف الخيرى من المجالات التى يجب أن تكون قدوة للأغنياء، لأن العقود الماضية شهدت نماذج متميزة للوقف قدمها الأغنياء، ووقفوا جزءا من أملاكهم لمصلحة الفقراء والمحتاجين، فهذا مجال قدوة للأغنياء فى عصرنا الحالي، كذلك القدوة تكون بالعمل الصالح والانتماء والبعد عن المظاهر التى تخالف تعاليم الإسلام، لأن حب الأوطان يعد جزءا من عقيدة المسلم، وعلينا أن نستفيد من سيرة النبى الكريم صلى الله عليه وسلم، فقد ضرب أروع الأمثلة فى حب الأوطان . منهج إسلامي ويؤكد أن النبى صلى الله عليه وسلم أسس الدولة فى المدينة على أسس راسخة، وقامت هذه الدولة على القدوة، والتوافق بين الأقوال والأفعال، والعلاقة بين المهاجرين والأنصار قامت على القدوة، والتفانى فى الإخلاص وبيان أن الإيثار خلق من أخلاق الإسلام، كما أن وثيقة المدينة التى وضعها الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، كان عنوانها القدوة، وكل مواقفه صلى الله عليه وسلم فى التعامل مع الصحابة كان يضرب لهم القدوة والمثل الأعلى، لأن الدعوة الإٍسلامية التى هى رسالة للعالمين، تحققت لها القوة من خلال القدوة، فالشباب كان لهم دور فى الدعوة، وفى مواقف كثيرة اعتمد عليهم الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، وكان للتجار المسلمين دور كبير فى نشر الدعوة، نظرا للقيم والأخلاق التى تعاملوا بها مع الناس، فهذه نماذج للقدوة، كان لها دور كبير فى تحقيق القوة للأمة. دور العلماء وأوضح الشيخ الأطرش أن هناك مسئولية كبرى تقع على عاتق العلماء والدعاة فى توعية الشباب، وأن تتضمن الدروس الدينية نماذج من سيرة الصحابة والتابعين، لتستفيد الأجيال من مواقفهم، فعلى العلماء حينما يخاطبون الشباب أن يوضحوا لهم مواقف من كانوا فى مثل سنهم من الصحابة والتابعين، مثل موقف على بن أبى طالب وأسامة بن زيد رضى الله عنهما وغيرهما، وحينما نخاطب الأغنياء والتجار نُذكرهم بمواقف من كانوا فى مثل أحوالهم مثل أبى بكر الصديق وعثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف رضى الله عنهم جميعا، وكيف أن هؤلاء قدموا أموالهم وكان لهم دور كبير فى دولة الإسلام، وهكذا فى كل مجال من المجالات سوف نجد النماذج المتميزة من الصحابة، لأننا نريد أن نستنهض الهمم، ونحث الشباب على التمسك بالقيم والأخلاق والمبادئ، وأن تنتقل هذه القدوة من جيل إلى جيل، لأن هذا هو السبيل الوحيد لرفعة المجتمع.
مأثورات
قال عمر بن الخطاب رضى الله عنه «رحم الله امرأ أمسك فضل القول، وقدم فضل العمل» وقال الشافعى رحمه الله: «من وعظ أخاه بفعله كان هاديا». وقال الحسن البصرى «من استطاع منكم أن يكون إماماً لأهله، إماما لحيه، إماماً لمن وراء ذلك، فإنه ليس شيء يؤخذ عنك إلا كان لك منه نصيب» وقال مصطفى صادق الرافعي «الأسوة وحدها هى علم الحياة»