► الشيخ خالد الجندى: المشروع لفتة حضارية.. لكن أعداء الحضارة وأنصار عجلة التخلف هم من يقاومونه تملكت الحيرة نادية، وزاد غضبها وسخطها فى صمت كل ليلة، لا تدرى ماذا تفعل لصغارها، ولا ماذا تقول لهم حين يهبون مفزوعين من نومهم فى مسكنهم الجديد، على صوت المؤذن بالمسجد المجاور؟ وكأنه فى معركة حربية، وليس فى بيت من بيوت الله ينادى المسلمين فيلبون النداء. تتمنى المرأة الثلاثينية أن تعود إلى مسكنها القديم، لتستريح من صوت هذا المؤذن، وتتذكر كيف كان المؤذن فى الحى القديم، ينادى فى الصلاة بصوت ندى شجي، كأنه يعزف لحنا جميلا، يطرب الأسماع، لا يفزِع صغيرا ولا يؤذى كبيرا «آه لو كل المساجد يؤذن فيه الشيخ بتاع المسجد القديم» هى لا تعرف اسمه، ولكن لا تخطىء حلاوة صوته. تدرك هذه المرأة أنه مع كثرة المساجد والزوايا، تسابق المؤذون ينادون بالصلاة عملا بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم «لو يعلم الناس ما فى النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا» لكنهم لا يدركون أن الرسول كان يحبذ الأفضل صوتا، كما جاء فى الحديث أيضا «..فَقُمْ مَعَ بِلَالٍ، فَأَلْقِ عَلَيْهِ مَا رَأَيْتَ، فَلْيُؤَذِّنْ بِهِ، فَإِنَّهُ أَنْدَى صَوْتًا مِنْكَ..» فالرسول صلى الله عليه وسلم كان يفضل بلالا لأنه «الأندى صوتا» فكان رضى الله عنه ذا صوت رخيم، طالما أمتع الناس فى مجالس أنسهم وسهراتهم.. فقد حباه الله صوتاً جميلاً ومؤثراً فى النفوس وكان مشهوراً عند أهل مكة بصوته العذب الجميل، حتى إنه إذا كان يؤذن يعم المدينة السكون، وعندما يسمع المسلمون صوته الندى يهبون مسرعين للصلاة مع الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم). ومنذ سرقة أجهزة مشروع الآذان الموحد فى ثورة يناير فى الفكرة التى طبقها د. محمود حمدى زقزوق فى أواخر 2009 وتوقف التجربة فى مهدها، ووزارة الأوقاف منذ العام 2014 دائما ما تخرج بتصريحات بأنها بصدد تنفيذ مشروع الأذان الموحد فى مصر. وبرغم مرور كل تلك السنوات، فإن الكل لا يزال ينتظر سماع الأصوات الندية تجلجل قلوب المصلين، لكن الناس لم تر أثرا لهذا التطبيق، ولا تزال أصوات نكراء تصر على الإمساك بميكرفونات المساجد، ما دامت وزارة الأوقاف لم تتخذ تلك الخطوة الحضارية التى سبقتنا إليها دول عربية، منها الإمارات وسوريا وبعض مدن الأردن وفلسطين، وفى تونس صدرت قرارات بشأن تدريب المؤذنين فى مجال تجويد الأذان بمعهد الرشيدية للموسيقى، فى تجربة تعد الأولى من نوعها، لترسيخ هوية البلاد ومقاومة الفكر المتطرف، بالإضافة إلى تحسين أصوات وأداء المؤذنين، بينما تقوم بعض المساجد فى لبنان بتشغيل أسطوانة للأذان بصوت الشيخ عبدالباسط عبدالصمد. لولا الثورة الشيخ فؤاد عبدالعظيم مسئول الأذان الموحد السابق بوزارة الأوقاف، قال: الدكتور محمود حمدى زقزوق، حين فكر فى تطبيق الأذان الموحد، لم تكن فكرة عابرة، أو أنها صادفت هوى لديه، بل إن هذا الرجل لم يكن ليخطو خطوة إلا ولها سند شرعي، وإطار قانوني، وهيكل تنظيمى كامل، وبرغم أن أصواتا قليلة عارضت الفكرة بالأساس، كونها لا تتفق والشريعة، فإن الوزير وقتها استند إلى فتوى شرعية من دار الإفتاء على أنه يجوز، لكن بشرط أن يكون الأذان من رجل حيّ، وليس أذانا مسجلا، وقد قمنا بتنظيم مسابقة لاختيار أفضل ألأصوات، وقد تم تدريب هؤلاء المؤذنين بإذاعة القاهرة الكبرى، وتم الانتهاء كاملا من الأجهزة الفنية التى سيتم البث منها على مستوى القاهرة الكبرى، ونجحت التجربة نجاحا كبيرا، لم نكن نتوقعه بهذا الشكل، إلى أن جاءت ثورة يناير فأطاحت بهذا النجاح، وانهارت المنظومة، وتمت سرقة الأجهزة من المساجد، خاصة فى المناطق الشعبية والنائية، ليعود المشروع إلى نقطة الصفر من جديد. ليس لدىّ الشيخ فؤاد عبدالعظيم من تفسير لتوقف المنظومة كل هذا الوقت، فبحسب رأيه، فإن الفتوى لا تتغير، فهى ثابتة، وأجازت هذا الأمر، فالمشروع منذ ما يقارب ال 9 سنوات كاملا متكاملا، لا ينقصه سوى الأجهزة ومن ثمّ البدء فى التنفيذ، فلم يكن المشروع مقصورا على القاهرة الكبرى فقط، بل كان جاهزا لعموم مصر بأكملها، فقط كانت البداية هى القاهرة الكبرى، وتبعتها الإسكندرية، وكانت على وشك التنفيذ، ويرى أننا فقط فى حاجة إلى تنظيم، نحن لدينا كفاءات لا حصر لها، حيا وميتا، وأصوات من أروع أصوات الوطن العربي، ونحتاج إلى تنظيم واتخاذ القرار. ارتباك وعدم الحصول على إجابة واضحة فى وزارة الأوقاف لا تستطيع الحصول على إجابة واضحة، بشأن توقيت تطبيق الأذان الموحد، ولا تعلم من المسئول الفعلى، هل هو الشيخ جابر طايع رئيس القطاع الدينى بوزارة الأوقاف، أم اللواء عمرو شكرى رئيس قطاع مكتب الوزير والمسئول عن المشروع من الناحية الفنية، وحين تتحدث إلى الاثنين لا تخرج بإجابة شافية، فالشيخ جابر طايع قال إن تطبيق الآذان الموحد تأخر بالفعل، وأننا قريبا سنطبقه، وأن الزوايا أيضا سيطبق فيها ومن يخالف يعاقب سيحال إلى الشئون القانونية، وأنه لا ضرر على المؤذنين الموجودين، لأن المؤذن وظيفته وظيفة عامل، وأن أعدادهم أصبحت فى انحسار وذلك منذ أغلقنا ضم المؤذنين مع المساجد المنضمة للوزارة. وأضاف الشيخ أننا نظمنا مسابقة لاختيار المؤذنين وأننا سوف نأخذ الأصوات الحسنة منهم، والباقى سوف يعاد توزيعهم على الأماكن التى لم يتم فيها وضع أجهزة الأذان الموحد بسبب مشكلات فنية، حيث تم تشكيل لجنة لاختيار أصوات المؤذنين ونقوم بتدريب بعضهم، لأن منهم متدربين بالأساس بل ومعتمدين فى الإذاعة والتليفزيون. أما اللواء عمرو شكرى المسئول عن مشروع الأذان الموحد، فقال نحن سنقوم بتشغيل الأذان الموحد قريبا جدا، وتم الترتيب من خلال خاصية «الواى فاي» بحيث لا تكون هناك كابلات ويتم سرقتها كما حدث وقت الثورة، وذلك بالتعاون مع كلية الهندسة جامعة القاهرة، وهى على وشك الانتهاء من المنظومة، حيث تواجه بعض الصعوبات الفنية، مثل التشويش وغيرها، وأيضا نقوم الآن بتجريب الأجهزة حيث مر وقت طويل منذ الثورة وكانت خلال تلك الفترة لا تعمل، وسوف نبدأ مرة أخرى فى القاهرة الكبرى، أما التأخير فى التشغيل فهو ليس بيدنا، بل بسبب المشكلات الفنية فقط. لفتة حضارية الشيخ خالد الجندى، يرى أن الأذان الموحد أصبح واجبا من أى وقت مضي، ولا أدرى من افترض رؤية أن يكون الأذان من رجل من لحم ودم وبشر يأكل ويشرب، ذلك أن الناس منذ زمن بعيد أصبحوا يسمعون الأذان من جهاز يسمى «ميكروفون» وليس رجلا حى أعلى المئذنة ينادى بالأذان، فسماع الأذان من ميكوفون، هو نقل حقيقى ومضاهاة لرجل، فوجود أسطوانة لشيوخ، هو نفس الفكرة العلمية. فالأذان الموحد لفتة حضارية، بدأها الدكتور زقزوق، وشرع فيها بالفعل، لكن أعداء الحضارة وأنصار عجلة التخلف هم الذين قاوموا الفكرة وتهجموا عليها، وأخذوا ينفخون فيها، وقالوا إنها إبطال للأذان، وآخر يقول إنها بدعة، وثالث يقول إنها إهدار لسنة الأذان، واربع يقول إنها محاربة لدين الله، وخامس يقول إنها استهتار بالشريعة، وها نحن خلال العقد الفائت نسمع إلى فريات، وإلى أكاذيب، وإلى أراجيف، ما أنزل الله بها من سلطان. والحقيقة أن من كان وراء ذلك هم جماعة الإسلام السياسى المتأسلمين الذين يتاجرون بالدين فى كل مناسبة وحين، وبالطبع فالمتضرر من هذه اللفتة الحضارية هؤلاء الذين يعيّنون فى مساجدنا بغير وظيفة تُذكر، والذين أوصلوا المساجد إلى حضيض من الإهمال الذى طال كل ناحية من نواحى مساجدنا، وإذا أردت مؤسسة انتشر فيها الإهمال كما لم ينتشر من قبل فانظر إلى مساجدنا فى أوطاننا العربية، لا أخص مسجدا دون غيره، بل هو الأعم الأغلب، حتى زَهِدَ الناس فى الذهاب إليها، فأصبح الناس يتضررون من الأتربة ومن المعاملات السيئة، على خلاف حضارة الإسلام ورقى الإسلام. ويشير الجندى إلى أنه للأسف فإن الناس لم تلتفت إلى هذه الخطوة الحضارية وهى الأذان الموحد، الذى يحمى صيغة الأذان من الألفاظ التنفيرية التى لا تستقيم والعقيدة، فها نحن نرى ونسمع من يقوم بالأذان الآن، فى بعض مساجدنا وزوايانا، كل زاعق وناعق، وأصحاب الورش المجاورون للمسجد، ويتنافسون على الأذان، لنسمع نحن النشاز ونسمع الألفاظ التى تخالف العقيدة، هذا يمد حرف المد إلى ست عشرة حركة، وآخر يقوم بإلغاء حرف المد أصلا، وثالث يخطىء فى نطق لفظ الجلالة، ورابع يضع همزة فى غير موضعها. إن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال لعبدالله بن زيد «قُمْ مَعَ بِلَالٍ، فَأَلْقِ عَلَيْهِ مَا رَأَيْتَ، فَلْيُؤَذِّنْ بِهِ، فَإِنَّهُ أَنْدَى صَوْتًا مِنْكَ»، فنداوة الصوت هى السنة المطلوب إحياؤها، وأصبح تطبيقها ضرورة، فنداوة الصوت هى من تجذب المصلين إلى المساجد، وغيرها تنفر المصلين من دخول المساجد، ألم نسمع قول الله تعالى» «إِنَّ أَنكَرَ الْأَصْوَاتِ» والرسول صلى الله عليه وسلم كان يحب سماع القرآن من غيره، وكان يختار أندى الأصوات. وأضاف أن تطبيق الأذان الموحد ضرورة لإنقاذ الأذان، ووزارة الأوقاف تقوم بأعمال عظيمة، نريد منها أن تكمل هذه الأعمال بتطبيق الأذان، فقد نفذت الكثير من القرارات التى لم يقدر عليها أحد من قبل، هى طبقت الخطبة الموحدة، هى منعت صلاة الجمعة فى الزوايا والمساجد الصغيرة،