أصبحت بيوت «الدلافين» الموجودة بمياه البحر الأحمر فى الفترة الأخيرة المعشوق الأول لمختلف السائحين الأجانب الوافدين للمنطقة من شتى دول العلم. فقد استطاع هذا الكائن الوديع الودود الحساس بفنونه وثقافته وذوقه الرفيع وتفانيه فى رسم البهجة على وجه كل من يحظى بطلعته البهية أن يحقق نجاحا سياحيا واقتصاديا منقطع النظير، وباتت الشركات السياحية الكبرى العاملة فى توجيه الأفواج السياحية للمنطقة تتنافس فى استخدام هذا المنتج. وتشير الإحصائيات التى تعدها الأجهزة المختصة عن قطاع المحميات والبيئة بالمحافظة إلى الزيادة المطردة لزائرى تلك المناطق لدرجة أن تلك المواقع أصبحت تحتل المقدمة فى مجمل الأنشطة البحرية التى يمارسها السائحون. يقول الدكتور أحمد غلاب، مدير عام المحميات بالمحافظة، إنه توجد بمياه البحر الأحمر أربعة بيوت شهيرة للدولفين، وهى منطقة شعاب «صمداى» جنوب مرسى علم، و«سطايح» بمحمية وادى الجمال، علاوة على منطقتى شعاب «الفانوس» و«العرق» قبالة شواطئ الغردقة. وأوضح أنه شتان بين ما كانت عليه زيارات مواقع الدولفين قبل عام 2000 وما أصبحت عليه الآن، عندما كان دور الدلافين فى خدمة صناعة السياحة محدوداً للغاية، حيث لم يكن يمثل للسائحين سوى أنه حيوان مميز وأليف وحساس يرونه فى أثناء تنقلهم باللنشات السياحية لأغراض الغوص أو ممارسة رياضة »السنوركلينج«، غير أنه بعد ذلك اتجهت أنظار السائحين إلى بيت الدولفين بمنطقة شعاب صمداى بمرسى علم، فبدأت بعض شركات السياحة التسويق للسباحة مع الدلافين بهذه المنطقة. وقد ازدادت أعداد زائرى المنطقة بشكل تدريجى حتى وصلت إلى نحو 1500 سائح يوميا يبحرون على متن ما يقرب من 30 مركبا سياحيا تتوجه يوميا لهذا المكان. وكانت الزيارات تستمر من أول ضوء إلى فترة غروب الشمس ودون تخطيط أو مراقبة مما شكل ضغطاً هائلاً على مجموعة الدلافين القاطنة هذه المنطقة، وترتبت على هذه الزيارات العشوائية ممارسات غير سوية تجاه الدولفين من قبل الزائرين، فكانوا يسبحون وراءه لمحاولة لمسه أو حتى الإمساك به واللعب معه. بل بلغ الأمر أن اللنشات السريعة كانت تتسابق لمطاردته مما أوجد نوعاً من فوضى الاستخدام . وفى عام 2003 - وبدعم من المجتمع المحلى وهيئات المجتمع المدنى والمهتمين بالحفاظ على البيئة ومشاركة وزارة البيئة و محافظة البحر الأحمر وجمعية المحافظة على البيئة ( هيبكا) تم اتخاذ خطوات ايجابية لوقف هذا الاستنزاف والضغوط على مجموعة الدلافين، وبالفعل تم وقف الزيارة ثلاثة أشهر تم خلالها إعداد خطة شاملة لإدارة الموقع وتقنين الزيارات وفرض رسوم خدمة على الزائرين. ومن هنا كانت البداية الحقيقية لاستغلال الدولفين كمنتج سياحى عالمى، وبدأت تتوالى النجاحات التى انتقلت بعد ذلك إلى بيت الدلافين الثانى بشعاب سطايح بمحمية وادى الجمال. من جانبه يوضح الدكتور محمود حنفى، الأستاذ بجامعة قناة السويس ومستشار جمعية المحافظة على البيئة بالغردقة، أن بيت الدلافين بصمداى أصبح يحكى قصة نجاح وتجربة تعليمية واقتصادية وسياحية من الطراز الأول بعد أن أصبح واحداً من أشهر المزارات السياحية البحرية العالمية، وبات الدولفين الواحد به يوفر 15 فرصة عمل، ويسهم فى دعم الاقتصاد القومى بنحو 92 ألف دولار سنويا من خلال ما تدره الرحلات التى تتوجه له يوميا . وأصدر اللواء أحمد عبد الله محافظ البحر الأحمر توجيهاته لكل الأجهزة المختصة بالمحافظة بالتنسيق مع قطاع المحميات والبيئة وجمعية المحافظة على البيئة بضرورة جعل بيوت الدلافين بالمنطقة على رأس أولويات العمل فى قطاع الأنشطة البحرية، وتوفير جميع أنواع الدعم لها.