إنها أول ساعة حديثة يتم رفعها في مصر، ربما كانت أيامها من المعجزات لأنها تعلن دقاتها كل ساعة وهو ما كان في نظر الوالي دليلا على أنه عقد صفقة رابحة وقد تم بناء برج فوق الرواق الغربي بمسجد القلعة لتوضع فيه هذه الساعة. أكد ناجي حنفي مدير عام آثار القلعة المعلومة التاريخية بأن محمد على والي مصر تلقاها هدية من إمبراطور فرنسا لويس فيليب الذي حاز مقابلها مسلة فرعونية!. ففي ذلك الوقت لم يكن أحد قد انتبه إلى عظمة المسلات وكانت الآثار مجرد خرائب للبوم ومناطق مهجورة للغربان، فالتاريخ المصري القديم كان مجهولا حتى ذلك العصر، ولم يكن الباشا أو القائمون على شئون مصر، يعلمون شيئا ذا بال عن تاريخها القديم وكل ما علموه كان يدخل في نطاق الأساطير، خاصة المسلات التى كانت مجهولة التاريخ والقيمة. وكانت المسلة التى وقع عليها الاختيار لتسافر في رحلة شبه أسطورية إلى باريس لتنصب في ميدان الكونكورد إلى اليوم، إحدى مسلتين تم نحتهما في عصر الملك العظيم رمسيس الثاني وأقامهما على جانبي بوابة معبد الأقصر وبقيت الثانية في مكانها حتى الآن. لم يكن أحد يدرك قيمة هذه المسلة ولا غيرها، إلا فئة معدودة من الباحثين الأجانب ولم يكن علم الآثار ساعتئذ قد تشكلت ملامحه. وبرج الساعة يخضع الآن للترميم ورغم الفارق الهائل بينه وبين المسلة من كل الوجوه، إلا أنه صار معلما أثريا في بنيان المسجد وإن ظل شاهدا على تلك الصفقة الخاسرة!