* لسنا مؤسسة بيروقراطية ونعمل على توفير الخدمات لمجتمع على خطوط الحرب القرار الأمريكى بوقف 300 مليون دولار من المساعدات عن وكالة الأممالمتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا»، أربك تلك المنظمة الصغيرة التى تحاول كل يوم توفير خدمات صحية لأكثر من 3 ملايين لاجئ، وتوفر التعليم لنصف مليون طالب، فضلا عن توفير أعمال الإغاثة والعون الاجتماعى لآلاف آخرين. بيير كرينبول، المفوض العام ل«الأنروا» لم يجد من ضغوط الأزمة وقتا إلا القليل جدا اختص به «الأهرام» بهذا الحوار: فى رأيك هل يمكن تغيير قرار الإدارة الأمريكية بشأن «الأونروا»؟ يصعب الرد على هذا السؤال، لأن التركيز كله الآن على توفير فارق التمويل من مصادر أخري، بالإضافة إلى أننى لا أعرف ماذا يحدث داخل البيت الأبيض، ولا يمكن توقع ما يحدث، لكننا نأسف للقرار، فقد كانت شراكة قوية وسخية لدعم »الأونروا«، ونأسف أيضا أن القرار اتخذ لأسباب سياسية، فعمل الإغاثة الإنسانية يجب أن ينفصل عن العمل السياسي، ولا يجب ربط التمويل بالخلافات السياسية بين الولاياتالمتحدة والفلسطينيين، وهذا يتركنا مع إستراتيجية واضحة، وهى البحث عن مصادر بديلة. وما هى المصادر الأخرى التى تسعون إليها فى «الأونروا»؟ هناك دعم من الخليج خصوصا الإمارات والسعودية وقطر، فكل منهم مولنا بخمسين مليون دولار، بالإضافة إلى اليابان والهند وتركيا وكندا وعدة دول فى أوروبا، وهؤلاء ساهموا بشكل إضافى عن حصص الدعم المقررة بالأساس، وقد نجحنا فى توفير أكثر 250 مليون دولار من اجمالى عجز يصل إلى 446 مليون دولار هذا العام، يشمل 300 مليون حصة الولاياتالمتحدة، و146 مليون دولار عجز عام فى التمويل، لذلك يتبقى أن نوفر قرابة 200 مليون دولار نحتاج لها حتى يستمر عملنا. وما هى خطتكم لسد هذا العجز؟ نحن هنا الآن فى الجامعة العربية لبحث تمويل هذا الدعم، وقد تلقينا وعودا جادة لمساعدة «الأونروا»، والقاهرة مهمة لنا جدا، لأن مساعدتها تتعدى التمويل عن طريق المساهمة فى حل الأزمات السياسية، بالإضافة لذلك سأتوجه إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة نهاية هذا الشهر، وسيكون هناك اجتماع خاص ب«الأونروا»، وهو اجتماع مهم جدا، لأن هناك الكثير من الدول الأوروبية الداعمة لنا التى يمكنها توفير مزيد من الدعم، وهذا ما نقوم به الآن حيث نركز على أوروبا، وهم مهتمون بالقضية لأن لديهم جدالا حول قضايا اللاجئين، والهجرة غير الشرعية، خصوصا بعد هجرة السوريين لأوروبا. وماذا لو فشلتم فى جمع التمويل اللازم؟ هذا توقع أفكر فيه دائما، ولكن دعنى أوضح لك مثالا بسيطا، فقد كان علينا أن نقطع بعض برامجنا الطارئة بسبب مشكلات التمويل، ومنها برامج متعلقة بالتشغيل والصحة النفسية، هذا بالإضافة إلى تسريح 116 موظفا فى غزة وهذا رقم كبير بالنسبة لنا، وذلك رغم اننا نوظف اكثر من 12 ألف شخص فى غزة، ولكن كل فرد مهم جدا بالنسبة لنا، لأن الشخص الذى يفقد وظيفة لن يجد بديلا لها فى غزة، بسبب ارتفاع معدلات البطالة بشكل كبير، وما شهدناه ان هذا التقليص نتج عنه مظاهرات، والمجتمع محبط جدا، وهو ما استطيع فهمه، لكن الأخبار السارة الآن أننا بفضل توفير أكثر من 250 مليون دولار، سنتمكن من فتح جميع مدارسنا هذا العام فى القدسالشرقيةوغزةوسوريا والأردن ولبنان، لنوفر بذلك التعليم لأكثر من نصف مليون طالب سيعودون لمدارسهم فى الوقت المحدد. وكيف ترى غزة في السنوات الخمس القادمة؟ أرى أن غزة هى كتلة إنسانية تعيش مأساة، وسوف أترك الجانب السياسى لغيري، ولكن كإنسان لا يمكن تخيل ان شعبا يعيش لخمسين عاما تحت احتلال ولعشر سنوات تحت حصار أوصل غزة إلى المرتبة الأعلى عالميا فى البطالة، فالوضع هناك مأساوي، والناس تعيش دون حرية تحرك، وما اريده من الناس ان يتفهموا هذا الأمر بشكل انساني، فنحن لدينا أكثر من 270 الف طالب فى غزة، ولا يمكن أن نتخيل تعطيل تلك المدارس، ونحن الآن نحتاج إلى تغيير القواعد السياسية وطريقة التعامل مع غزة، لانه لا يمكن تخيل حصار مليونى إنسان فى منتصف الشرق الأوسط، وتركهم هكذا لتحل مشكلتهم دون جهد سياسى كبير يضع نهاية لتلك الأزمة فى السنوات القليلة القادمة، وهنا نقدر الدور المصرى المهم جدا فى رعاية الحوار بين جميع الأطراف. هل فكرت فى أى وقت أن تستقيل من مهمة عملك ب «الأونروا»؟ نحن نعمل فى هذا المجال لأننا نعلم أنه صعب وشاق وليس سهلا على الإطلاق، وقد تعلمت من اللاجئين الفلسطينيين انه لا مجال للاستسلام، ونحن منظمة رائعة عملها فائق الأهمية، وسوف نكون أقوى من أى وقت مضي. لدى أمريكا وجهة نظر مهمة أن هذا الدعم المقدم ل«الأونروا» من أموال دافعى الضرائب وهم يقررون ما هو الأفضل لدافع الضرائب.. كيف ترى وجهة النظر تلك؟ كلام سليم لا أختلف عليه فالأموال بالفعل تأتى من دافعى الضرائب، ولكل دولة الحق فى تحديد كيفية إنفاق هذا المال، لكن ما نأسف له أن القرار الأمريكى أسبابه لا تتعلق بتقلص الاحتياجات ولا بمستوى أداء أدائنا، لكنه قرار سياسي، ولا يجب استدراج منظمات الإغاثة الإنسانية فى صراعات سياسية، فنحن تأسسنا بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة، ونعلم اننا نعمل فى منتصف صراعات سياسية، ولكن الخطر هو فى تسييس التمويل، وهذا يعنى اننا سنركز على دول بديلة لأننا لن نتخلى عن اللاجئين، وسنجد بدائل. استوقفنى عنوان إخبارى متكرر «الأونروا ليست للبيع».. ماذا وراء هذا التصريح؟ إننا ببساطة لن نتنازل عن أدورانا الأساسية التى وجدنا من أجلها. اللاجئون الفلسطينيون الآن عددهم 53 مليون إنسان، لا يمكن محوهم، لأنهم حقيقة الشرق الأوسط، وهم لاجئون بسبب غياب الحل السياسي، وما أعنيه اننا سنقف بكل كرامة من اجل حقوق اللاجئين، ودعنى هنا اوضح لك إلى اى مدى يجب احترام «الأونروا»، فالأمر هنا لا يتعلق بالمؤسسة، ولكنه متعلق بالإنسان، نحن خسرنا فى سوريا 18 إضافة إلى 25 مفقودا، وفى غزة فقدنا 11 زميلا، ولا يمكن ان نأخذ «الأونروا» على انها نظام بيروقراطي، فنحن نعمل على خطوط الحرب لتوفير خدمات أساسية من تعليم وصحة وعمل لمجتمع يعيش حالة شديدة القلق، ونحن لسنا منظمة بيروقراطية، لذلك اكرر أن «الأونروا» ليست للبيع.