اجتماع وحدات الدعم الأكاديمي بكليات ومعاهد بجامعة القناة    وقف أعمال الصيد ببحيرة ناصر يشعل أسعار السمك في أسوان    بعد حملة خليها تعفن.. انخفاض أسعار الأسماك بأسواق الإسكندرية    أستاذ تخطيط عمراني: الدولة نفذت تجمعات سكنية تفي بمتطلبات كل فئات أهالي سيناء    وزير الخارجية الصيني يؤكد لنظيره الأمريكي تمسك بلاده بمبادئ "الاحترام المتبادل" في العلاقات    استقالة متحدثة باسم الخارجية الأمريكية احتجاجا على سياسة واشنطن بشأن غزة    أمريكا تعد حزمة مساعدات عسكرية جديدة إلى أوكرانيا    واشنطن: تصريح نتنياهو عن مظاهرات الجامعات ليس تدخلا في سياستنا    رمضان صبحي: «جتتي نحست من هتافات الجماهير ضدي»    أنشيلوتي يُبعد نجم ريال مدريد عن موقعة سوسيداد استعدادًا لنزال بايرن ميونخ    الداخلية تشن حملات للتصدي لمحاولات التلاعب بأسعار الخبز.. وتضبط 63 طن دقيق أبيض ومدعم    لغز كشف الجريمة.. التفاصيل الكاملة حول مقتل طفل شبرا الخيمة    ضبط 8364 كيلو دجاج و1000 كيلو أسماك و500 كيلو كبده مجهولة المصدر بالبحيرة    غدا.. مكتبة الإسكندرية تنظم ندوة حول المكون الثقافي وتأثيره في السياسات الخارجية المصرية    قافلة جامعة المنيا الخدمية تفحص 680 حالة من أهالي قرية الناصرية وتعقد عددا من الندوات التوعوية    اليونان:لا يمكننا إرسال منظومات إس-300 إس أو باتريوت إلى أوكرانيا    تكليفات رئاسية حاسمة للحكومة ورسائل قوية للمصريين    بدلا من بيعه، الشركة الصينية المالكة ل تيك توك ترضخ للضغوط الأمريكية    طلاب هندسة الجامعة الألمانية بالعاصمة الإدارية يزورون العلمين الجديدة    مايا مرسي تشيد بالمسلسل الإذاعي "يوميات صفصف" لصفاء أبو السعود    توافد أطباء الأسنان للإدلاء بأصواتهم في انتخابات النقابة الفرعية بالقليوبية    فحوصات يجب إجراؤها عقب ولادة الطفل حفاظا على صحته    مواعيد مباريات اليوم الجمعة 26 أبريل 2024.. الأهلي ضد مازيمبي    مصطفى عسل يتأهل لنهائي بطولة الجونة للاسكواش    كارثة كبيرة.. نجم الزمالك السابق يعلق على قضية خالد بو طيب    خزنوا الميه.. إعلان ب قطع المياه ل12 ساعة عن هذه المناطق    ضمان حياة كريمة تليق بالمواطن.. 7 أهداف ضمن الحوار الوطني    حزب الله ينشر ملخص عملياته ضد الجيش الإسرائيلي يوم الخميس    إسرائيل تضع شرطًا للتراجع عن اجتياح رفح    تؤجج باستمرار التوترات الإقليمية.. هجوم قاس من الصين على الولايات المتحدة    خبير: أمطار غزيرة على منابع النيل فى المنطقة الإستوائية    القناة الأولى تبرز انطلاق مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير في دورته العاشرة    فضل قراءة سورة الكهف ووقت تلاوتها وسر «اللاءات العشر»    حصول 4 معاهد أزهرية على الاعتماد والجودة رسمياً بالإسكندرية    رمضان صبحي: الأهلي والزمالك الأقرب دائما للفوز بلقب الدوري    منها «عدم الإفراط في الكافيين».. 3 نصائح لتقليل تأثير التوقيت الصيفي على صحتك    اكتشاف فيروس إنفلونزا الطيور في 20% من عينات الألبان في الولايات المتحدة    واعظ بالأزهر: الإسلام دعا إلى صلة الأرحام والتواصل مع الآخرين بالحسنى    اعرف الآن".. التوقيت الصيفي وعدد ساعات اليوم    أماكن الاحتفال بعيد شم النسيم 2024    توقعات الأبراج اليوم الجمعة 26 أبريل 2024.. «الحوت» يحصل علي مكافأة وأخبار جيدة ل«الجدي»    استقرار أسعار الدولار اليوم الجمعة 26 أبريل 2024    أدعية السفر: مفتاح الراحة والسلامة في رحلتك    فضل أدعية الرزق: رحلة الاعتماد على الله وتحقيق السعادة المادية والروحية    التوقيت الصيفي في مصر.. اعرف مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 26 - 4 - 2024    أبناء أشرف عبدالغفور الثلاثة يوجهون رسالة لوالدهم في تكريمه    أول تعليق من رمضان صبحي بعد أزمة المنشطات    مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق على تراجع    الزمالك يزف بشرى سارة لجمهوره بشأن المبارة القادمة    «جريمة عابرة للحدود».. نص تحقيقات النيابة مع المتهم بقتل طفل شبرا الخيمة    «الإفتاء» تعلن موعد صلاة الفجر بعد تغيير التوقيت الصيفي    جدعنة أهالي «المنيا» تنقذ «محمود» من خسارة شقى عمره: 8 سنين تعب    أحمد كشك: اشتغلت 12 سنة في المسرح قبل شهرتي دراميًّا    تشرفت بالمشاركة .. كريم فهمي يروج لفيلم السرب    سلمى أبوضيف: «أعلى نسبة مشاهدة» نقطة تحول بالنسبة لي (فيديو)    عاجل - تطورات جديدة في بلاغ اتهام بيكا وشاكوش بالتحريض على الفسق والفجور (فيديو)    تامر حسني باحتفالية مجلس القبائل: شرف عظيم لي إحياء حفل عيد تحرير سيناء    مسجل خطر يطلق النار على 4 أشخاص في جلسة صلح على قطعة أرض ب أسيوط    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سيرة رواية محفوظ المحرمة!
نشر في الأهرام اليومي يوم 09 - 09 - 2018

فى كل ما صدر من كتُب أو كتِب من مقالات فى الذكرى ال 12 لرحيل كاتبنا الأكبر نجيب محفوظ لا شك عندى فى أن كتاب المحرر الأدبى القدير محمد شعير: أولاد حارتنا: سيرة الرواية المحرمة, الصادر عن دار العين، هو الأهم وهو الأبقى، حيث أضاف شعير للمكتبة العربية بحثا جادا حول واحدة من أهم الروايات العربية قاطبة، فتتبع سيرة رواية محفوظ الخالدة من قبل مولدها، وخلال نشرها مسلسلة فى الأهرام عام 1959، ورصد المعارك التى لازمتها طوال أربعة عقود وحتى محاولة اغتيال كاتبها عام 1994، ثم رحيله بإرادة الله بعد ذلك ب12 عاما، وذلك بأسلوب استقصائى عميق لا يخلو فى نفس الوقت من التشويق والإثارة.
والحقيقة أن أولاد حارتنا بما أثارته من جدل على مختلف المستويات السياسية والثقافية والدينية، إنما تتداخل سيرتها مع الأوضاع التى كانت قائمة فى عصرها فتتفاعل معها بشكل ربما كان سيختلف لو أن الرواية صدرت فى عصر آخر قبل أو بعد ذلك العصر، لذلك نجد المؤلف يتطرق فى رصده سيرة الرواية، للأوضاع السياسية التى كانت سائدة فى فترة الستينيات، وموقف محفوظ منها، بل وموقفها من محفوظ، ويتطرق أيضا للمؤسسة الدينية وموقف بعض شيوخها من الرواية، كما يتطرق إلى الوسط الثقافى والمواقف المتباينة لبعض الكتاب والأدباء من محفوظ ومن روايته، ومن المفارقات التى تتضح فى هذا الصدد أن أكثر تلك الدوائر صراحة ووضوحا فى موقفها من الرواية كان شيوخ الأزهر، فقد كان موقف هؤلاء - رغم خطئه البين - واضحا لا لبس فيه، بينما اتسم موقف بعض المثقفين بالمراوغة، وفى بعض الأحيان بالهجوم المستتر، أما موقف السلطة السياسية فقد حمله الكتاب, معتمدا على أقوال لمحفوظ نفسه, أكثر مما يحتمل، فصورها على أنها كانت ضد الرواية لكنها تسترت خلف بيان الشيوخ الرافض لها، وهكذا بدا وكأن مبادرة السيد حسن صبرى الخولى كانت محاولة من السلطة للحيلولة دون نشر الرواية، وهو رأى يحلو للبعض ترديده معتمدين على أن الخولى كان الممثل الشخصى لرئيس الجمهورية، بينما الحقيقة أنه كان فى ذلك الوقت يشغل منصب رئيس هيئة الاستعلامات ولم يكن ممثلا شخصيا للرئيس، وكان يسعى الى التوسط بين محفوظ والشيوخ الرافضين روايته من أجل تهدئة الخلاف بينهما، كما أن تدخله جاء نتيجة للقائه نجيب محفوظ بالصدفة فى مصعد المبنى الذى يقع فيه مكتب كل منهما ولم يكن نتيجة لتخطيط مسبق.
وقد قبل محفوظ أن يلتقى الشيوخ الرافضين روايته وذهب بالفعل الى مكتب الخولى فى الموعد المحدد لكن أحدا منهم لم تواته شجاعة المواجهة فلم يحضروا، وقد اقترح الخولى على محفوظ أن ينشر الرواية خارج مصر حتى لا يزيد من الأزمة المشتعلة وقتها، والتزم محفوظ بهذا الاتفاق الى أن قمت بنفسى بعد ذلك بأكثر من 30 عاما بترتيب لقاء بمنزله من الناشر إبراهيم المعلم والدكتور أحمد كمال أبو المجد والدكتور سليم العوا اتفق خلاله على نشر الرواية لأول مرة فى مصر بمقدمة لكل من الكاتبين الإسلاميين.
وبالكتاب, مثل أى عمل بشرى, بعض الهنات التى أتمنى أن يتجاوزها الكاتب فى الطبعات التالية التى أراها قادمة، أذكر منها على سبيل المثال عدم إسناد بعض ما ورد فى الكتاب لمصادره الأصلية، مثل بعض المعلومات الخطيرة الخاصة بجثمان محفوظ، حيث يقول الكاتب أنه تم تمرير الجثمان على جهاز كشف المفرقعات قبل أن يتخذ مكانه أمام رئيس الجمهورية فى الجنازة العسكرية، ولو أن الكتاب ذكر مصدر هذه المعلومة, وهو كاتب هذه السطور الذى حضر الواقعة بنفسه, لاكتسبت مصداقية تفتقدها فى السياق المجهل الذى وردت فيه، ومثل القول بأن النعش الذى تمت الصلاة عليه فى الحسين كان فارغا، وهذا غير صحيح فقد كنت وحدى مع ابن المخرج توفيق صالح اللذين حضرنا غسل الجثمان، وتم وضعه أمامى فى النعش الذى رافقته بنفسى الى مسجد الحسين، ثم بعد الصلاة شاركت فى حمل النعش على كتفى الى السيارة التى تتبعناها الى مسجد آل رشدان حيث شيعت الجنازة العسكرية. ولما كنت أعلم مصدر هذه المعلومة فكنت أرى أن يشير الكاتب الى المصدر الذى سمعها منه ويترك للقاريء أن يحكم عليها بنفسه، ففى حالة صدقها يكون الكاتب قد وثقها وفى حالة عدم صدقها يتحمل مصدرها وليس الكاتب وزرها، فمثل هذه المعلومات الخطيرة لا تطلق هكذا بلا أسانيد كما يحدث فى بعض التحقيقات الصحفية التى تعمد الى الإثارة، وفى كتاب بمثل هذه الجدية والتعمق كان يجب إسناد المعلومات الى مصادرها اتباعا للأسلوب الذى التزم به الكتاب بشكل عام.
من ناحية أخرى فقد وجدت الفصل الخاص برواية اللص والكلاب دخيلا على الكتاب رغم ما به من تحقيق جيد، ولم يكن ما ذهب اليه الكاتب من ارتباط فى الأفكار بين الروايتين مبررا لإقحام ذلك الفصل فى سيرة رواية أخرى، فالارتباط فى الأفكار موجود بالضرورة بين جميع أعمال الأديب، أى أديب.
هذا بالطبع لا ينتقص بأى حال من الأحوال من قيمة هذا الكتاب الذى يملؤى ثقة بأن جيل عمالقة النقد الأدبى الذى ولى قد ترك وراءه باحثين جادين يستطيعون دراسة روائعنا الأدبية وتأصيلها كما فعل باقتدار محمد شعير بأسلوبه الخاص الذى يعتمد على البحث والتقصى والتوثيق، وهو ما صرنا نفتقده فى معظم ما يصدر هذه الأيام، لقد قدم لنا شعير فى هذا الكتاب القيم نهجا جديدا يعتمد على كتابة سير الأعمال الأدبية، ولعله يتخصص فى هذا النوع من الكتابة الذى لم يسبقه إليه أحد.
لمزيد من مقالات محمد سلماوى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.