تخترق أسماعنا يوميا- عن طريق وسائل الإعلام المكتوبة والمسموعة والمرئية- كثير من المصطلحات السياسية والفكرية والجغرافية لكي تحل محل ما ألفنا وعرفنا علي طول التاريخ العربي والإسلامي... وهذه مصطلحات بدأت تتدفق علينا بغزارة خلال السنوات الأخيرة بدرجة تفوق سياسات الإغراق المتعارف عليها في عالم الاقتصاد والتجارة... والهدف هو دفعنا للتخلي عن مواقفنا الفكرية واستلاب قدر كبير من شخصيتنا الحضارية ومطاردة وملاحقة مصطلحاتنا التاريخية والعمل علي تشويهها والسخرية منها حتي أصبح الكثير منا يخاف من طرحها أو مجرد الانتساب لها. وربما يزيد من أهمية وحدة هذه المشكلة أن بعض المثقفين في العالم العربي والإسلامي اليوم أصبحوا أسري للمصطلحات والأفكار الأوروبية بشكل عام ينطلقون منها ويفكرون من خلالها تحت مظنة ادعاء العصمة للحضارة الغربية الأوروبية في ضوء التفوق الغربي والتخلف العربي والإسلامي. وفي اعتقادي أن هذا الاستسلام الطوعي للهجمة الشرسة التي تستهدف تشويه التاريخ العربي والإسلامي هو انعكاس للقبول العربي والإسلامي- خصوصا في بعض دوائر- المثقفين- بالبقاء في إطار ما يسمي الفكر الدفاعي الذي تكرس نتيجة السماح بتسطيح الساحة الثقافية في أمتنا وهو ما أدي إلي أن تطفو علي السطح فصائل غير مؤهلة للمواجهة الثقافية التي فرضت علي أمتنا فرضا! ومن هنا تأتي أهمية التنبه إلي ضرورة المحافظة علي المصطلحات الذاتية والاحتفاظ بمدلولاتها والعمل بكل جد علي ترسيخ هذه المدلولات في ذهن الأجيال المتتالية لأن هذه المصطلحات الذاتية هي نقاط الارتكاز الحضارية لأمتنا وهي أيضا ركيزة المعالم الفكرية التي تحدد هويتنا اعتمادا علي رصيد نفسي ومعنوي هائل يستمد زاده وقوته من عظمة التاريخ العربي والإسلامي. وعندما يتحقق الانتباه الضروري لمخاطر هذه الهجمة الشرسة يمكن لنا أن نفتح حوارا حول كيفية التصدي لكل محاولات الاحتواء الثقافي والفكري التي تستهدف أمتنا العربية والإسلامية. وغدا نواصل الحديث.. خير الكلام: ليس أخطر علي النفس من سوء الخلق وغباء الجهل! [email protected] المزيد من أعمدة مرسى عطا الله