قتل الانسان أخاه من أبشع جرائم الإنسانية التى حرمتها كل الأديان السماوية. وليس هناك مبرر لمثل هذه الجرائم سوى الخلل العقلى والتبلد العاطفى وفقدان الإرادة وغياب القدرة على التميز والاختيار والإدراك السليم، وعلى الجانب الآخر فإن قتل الأبناء جريمة يهتز لها عرش الرحمن، وما نسمعه عن مثل هذه الجريمة وتكرارها فى الآونة الأخيرة يجعلنا ندق ناقوس الخطر ونحذر من تداعياتها على تماسك المجتمع والحفاظ على النسيج القومى العام، ومنع انتشار مثل هذا الوباء المجتمعى الذى يستحيل معه الحديث عن أى تنمية أو تطور أو تطلع لمستقبل وطنى فيه معانى الازدهار والرقى والتقدم.. إن هناك خللا مجتمعيا فى صورة تفسخ وانحلال أخلاقى الى جانب وجود غياب فى منظومة الحفاظ على تعاليم وقيم الدين وأوامر الخالق سبحانه، كما ان هناك حملة مغرضة للانحراف عن مسار الالتزام بالتراث والمعتقدات والمبادئ الشرقية الإسلامية والعربية، ودخلنا فى دائرة التشبه بالغرب والمبالغة فى التقليد الأعمى لسلوكياتهم وعاداتهم والإعجاب السلبى الزائف بكل ماهو قادم من عندهم من انحرافات وشذوذ. وهذه الحملة الطاغية لم تجد حملة مضادة تطردها وتفند عيوبها وتؤكد مزايا وايجابيات تمسكنا بأخلاقنا وتراحمنا ومودتنا وصلاح أمرنا. إن دوافع قتل الأبناء متعددة وغير خافية على أحد ولكنها لاتتعدى كونها دوافع حياتية مادية، ولكن الأهم والأعم هو أن وراء مثل هذه الجرائم عاملا نفسيا ثابتا وقويا وهو غيبة الوعى وفقدان التحكم فى الذات والبعد عن التمسك بمبادئ القيم الروحية الدينية، وكل ذلك يعكس أن الأمر جد خطير حتى ولو كانت مثل هذه الجرائم فردية ومتباعدة، ويحتاج الامر لتضافر الجهود للوقاية قبل العلاج. ولا ننسى عامل الردع بقوة القانون دون أدنى رحمة أو شفقة وأنه مهما تكن هناك اسباب كمرض نفسى أو عقلى أو عوامل ضغط اجتماعى أو عائلى فهذا لا يعفى المخطئ من تطبيق القانون بالعقاب الرادع والسريع والقصاص، وليكن هذا العقاب فيِ العلن وعلى مسمع ومرأى من أفراد المجتمع حتى تتحقق عوامل الردع ويتم استئصال هذا الداء المجتمعى العضال من جذوره. د.يسرى عبد المحسن أستاذ الطب النفسى بجامعة القاهرة