لعل من أهم المشكلات التى تواجه النمو الاقتصادى والاجتماعى فى مصر هى مشكلات التزايد المستمر فى عدد السكان بصفة عامة، وانفجار القاهرة السكانى بصفة خاصة، وما ترتب عليه من الازدحام الشديد، والضجيج الصارخ، وتزايد المناطق العشوائية، وتفاقم مشكلة المرور بها، وغيرها من المشكلات التى أصبحت تمثل قمة الضغوط النفسية والفسيولوجية التى يتعرض لها المواطن فى حياته اليومية، والتى أفرزت العديد من الظواهر السلبية غير المستحبة فى الشارع المصري. ولعل مايزيد من هذه المشكلة تعقيدا، إذا مانظرنا إلى المستقبل القريب أو البعيد، وتساءلنا ماهو الموقف الذى سوف تكون عليه القاهرة عام 2030 أو مابعد هذا العام بعشر سنوات أخري، وفى ظل التزايد المستمر فى معدلات النمو السكانى واستمرار الهجرة الداخلية إلى العاصمة. ومن ثم فإننا نحدد بإيجاز بعض الحلول الإدارية المكملة التى تتطلب الدراسة والتحليل واتخاذ القرارات الملائمة بشأنها والتى من أهمها ما يلي: سرعة اتخاذ القرارات اللازمة لاستكمال المرافق العامة بالمدن الجديدة وتوفير جميع الخدمات الصحية والتعليمية ووسائل النقل والاتصالات، وغيرها من الخدمات الأساسية والضرورية لإقامة المواطنين بها، بحيث تصبح مناطق جذب لها وليست طاردة لمن يرغب فى الإقامة بها، وكذا الانتهاء من تحديد التبعية الإدارية لتلك المدن لتحديد مسئولية الجهة الإدارية فى تشغيلها، فى ظل قانون الإدارة المحلية، واتخاذ الإجراءات لنقل عدد من الوزارات والأجهزة المركزية والهيئات العامة ذات الطبيعة المركزية إلى تلك المدن الجديدة تخفيفا عن التكدس السكانى فى العاصمة. تأكيد ضرورة إعلام المواطنين أن شراء المساكن وكذا الأراضى بالمدن الجديدة، لايعنى تركها والمضاربة بارتفاع أسعارها دون الاستفادة منها فى حل مشكلة الإسكان، لاسيما أن الهدف الرئيسى من إقامة تلك المدن هو إقامة مجتمعات عمرانية جديدة لجذب المواطنين إليها، بعيدا عن العاصمة المكتظة بالسكان. إن التطبيق الفعلى للامركزية الإدارية فى ظل قانون الإدارة المحلية وتعديلاته، يتطلب تأكيد أهمية قيام الوزارات والأجهزة المركزية بنقل اختصاصاتها التى تدخل فى نطاق المحليات إلى مديريات الخدمات التابعة لها بالمحافظات، مما يوفر على المواطنين مشقة الحضور إلى القاهرة لإنهاء الأعمال الإدارية التى تستلزم موافقة الجهة المركزية عليها، وكذا وقف جميع المأمويات التى توفد من المحافظات إلى القاهرة لأسباب متعددة - قد يكون أغلبها واهيا - وقصرها على المهام الضرورية والعاجلة والتى قد يصعب أداؤها عن طريق الاتصال بالفاكس أو البريد العاجل أو الحاسبات الآلية. ينبغى على جميع وحدات الجهاز الإدارى للدولة العمل على تدبير وسائل النقل اللازمة لنقل العاملين بكل وحدة إدارية من وإلى محال إقامتهم، وذلك مساهمة منها فى التخفيف من حدة أزمة المواصلات، كما أن مواجهة ظاهرة ازدحام شوارع العاصمة ببعض فئات العاملين خلال ساعات العمل الرسمية، تتطلب تأكيد مسئولية القيادات الإدارية فى كل مواقع العمل من ضرورة وضع الضوابط التى تكفل تحقيق نظام صارم وفعال يضمن الانضباط فى العمل، ويقضى على ظاهرة التسيب والتزويغ، وغيرها من الظواهر السلبية التى لا تتفق مع سلوك الموظف العام. إصدار قرار من الجهاز المركزى للتنظيم والإدارة يسمح بنقل العاملين بالجهاز الإدارى للدولة والهيئات العامة ممن يعملون بالقاهرة بدرجاتهم الوظيفية إلى المحافظات المقيمين بها، فقد ثبت نجاح هذه السياسة عند تطبيقها فى سنوات سابقة، مما أدى إلى تخفيض الكثافة السكانية بمدينة القاهرة، وتحقيق الكثير من المزايا للعاملين المغتربين الذين نقلوا إلى محال إقامتهم. إن إعادة الهدوء للعاصمة لكى تصبح من مصاف العواصم الكبرى فى دول العالم، يتطلب إعادة النظر فى تحديد مواعيد فتح وغلق المحال التجارية والورش المنتشرة بكل أحياء العاصمة، بحيث يتم تحديد مواعيد فتحها وغلقها فى توقيتات مناسبة وخاصة بالنسبة لمواعيد إغلاقها مساء. تلك بعض الحلول التى تبرز أن مشكلة الانفجار السكانى فى العاصمة متعددة الأبعاد، وأنه ينبغى إيجاد الحلول المتكاملة لها، ضمانا لتحقيق أقصى درجة ممكنة من النجاح والكفاءة فى الأداء. لمزيد من مقالات ◀ د. حسين رمزى كاظم