اشتهرت محافظة البحر الأحمرمنذ نشأتها بحرفة الصيد وهذه الحرفة كان لها الفضل الأول فى نشأة مدن المحافظة وإقامة تجمعات عمرانية على شاطئ البحر، قبل أن ينطلق بها قطار التنمية البترولية بمدينة رأس غارب على وجه الخصوص. والتنمية السياحية لعبت نصيب الأسد فى الزحف الفندقى والعمرانى بعدة مدن على رأسها الغردقة عاصمة المحافظة. وحرفة الصيد لم تكن مقصورة حين ذاك على صيد الاسماك والتى مازالت حرفة باقية رغم تقهقرها الكبير، بل اشتقت منها حرفة صيد القواقع البحرية بأنواعها والتى تحولت لدى الكثيرين قديما خاصة من أبناء مدينة القصير العريقة فى تاريخها إلى فن وصناعة احترفها الكثيرون بينهم من أصحاب الذوق الرفيع والذين لايهمهم الربح قدر اهتمامهم بالفن وتحويل الأشياء الصامتة لعناصر جمالية ترتاح لرؤيتها الأعين. وكانت القواقع تقدم كوجبات شهية لذلك إحترفها المئات من الباحثين عن الرزق . وهذه الحرفة، التى كان لها صيتها قديما، جرفها الزمن وراحت تنقرض كغيرها من الحرف الجميلة التى ماتت موتتها الأبدية .ويتحدث عن هذه الحرفة محمد فتحى بدوى مدرس من أبناء مدينة القصير، وهو ابن لأشهر عاشق لصناعة القواقع البحرية بالمنطقة وتقديمها فى أجمل صور الهدايا والزينة ،فيقول : والدى كان عاشقا لصيد القواقع وتصنيعها وتحويلها لتحف وأدوات زينة واستمر فى عشقه لها أكثر من 30 عاما كغيره من الكثيرين ممن كانوا يحترفون هذه الحرفة سواء فى مدينة القصير أو غيرها من مدن محافظة البحر الأحمر ممن يصطادونها من أجل أكلها أو استخدامها كأدوات زينة .ويضيف:نظراً لعشق والده الحرفة ،رغم أنه كان موظفا ،فإنه حول إحدى غرف مسكنه لورشة. كان يصنع من القواقع عقوداً للسيدات وأصدافاً وأباجورات وأباليك تضاء كزينة فى المنازل وطفايات للسجائروغيرها من الأشياء الجميلة التى يعشقها الكثيرون ويضعونها فى منازلهم خاصة فى غرف استقبال الضيوف كزينة .ويضيف أن والده، والذى مازال على قيد الحياة، كان يسهر حتى الصباح كما هو النحات ليقدم تحفة جميلة من القوقع التى يختارها. وقدم نحو 90 % من إنتاجه كهدايا لأصدقائه لكنه ترك هذه الحرفة كما تركها الكثيرون وراحت لتنقرض. ويضيف محمد عبده حمدان ،أحد أبناء مدينة القصير أيضاً، أن حرفة القواقع البحرية كانت ولسنوات ليست ببعيدة مصدر رزق للكثيرين.ومن بين أشهر القواقع، التى يتم صيدها وتصنيعها أو طهيها، الودع وجمل البحروالبصروالنهيد والصدف والقواقع الصغيرة التى تستخدم كحبات لعقود السيدات. وهذه الصناعات تروج فى معارض بالقاهرة والجمعيات الأهلية بالمنطقة ،وكانت تلاقى إقبالاً فى شرائها خاصة من الوافدين للمحافظة من المصريين والأجانب . كان بعضها يمثل الطبق الشهى للكثيرين بينما اختفت هذه الحرفة الآن وساهم قانون حماية البيئة رقم 4 لعام 1994 فى وأدها . فقد حرم صيد القواقع البحرية وغيرها من الكائنات البحرية من أجل الحفاظ على مكونات البيئة ، رغم أن معظمها تعد مخلفات بحر تلقيها الأمواج وهى ميتة على الشاطئ .