جرائم الفساد فى إسرائيل لا تقتصر على المواطنين العاديين أو السياسيين فقط، بل تمتد لتشمل حتى رجال الدين المفترض فيهم التحلى بالنزاهة والاستقامة ليكونوا قدوة للمواطن العادى لكن الواقع غير ذلك.. فمنذ عدة أيام ألقت الشرطة الإسرائيلية القبض على أحد الحاخامات الذى يعمل مديرا فى إدارة منح تصاريح الاستيراد بالحاخامية الرئيسية، بتهمة تلقى رشوة مقابل مساعدة بعض المستوردين على إدخال بضائع لإسرائيل، كما تم اعتقال خمسة آخرين وهناك ثمانية رهن التحقيق بتهمة مشاركة الحاخام فى جرائم الرشوة وخيانة الأمانة. الاتهام الموجه لهؤلاء هو منح الأولوية لبعض المستوردين فى إدخال بضائعهم خلال فترة وجيزة اختصارا للإجراءات. وتقول مصادر الشرطة ان الأمر لا يتعلق ببضائع غير مطابقة للمواصفات لكن فقط الحصول على رشوة مقابل اختصار وقت دخول البضائع لإسرائيل . وهناك أيضا الحاخام الاسرائيلى ياشياهو بينتو، أو الحاخام المليونير كما يطلق عليه، والذى يمتلك إمبراطورية اقتصادية ضخمة الذى حكم عليه بالسجن لمدة سنة وذلك بسبب دفعه الرشاوى وعرقلته سير العدالة. وأظهرت تقارير عديدة خلال السنوات الأخيرة أن امبراطورية الحاخام هى عامل مؤثر فى منظومة الاقتصاد الاسرائيلى حيث تتم داخلها صفقات اقتصادية تقدر بمليارات الدولارات، وقدرت «مجلة فوربس» قيمة المؤسسات التابعة للحاخام بنحو 75 مليون شيكل، وجاء ترتيبه فى المركز السابع فى قائمة الحاخامات الأكثر ثراء فى إسرائيل. وكشفت وسائل الإعلام الإسرائيلية عن استغلال عدد كبير من رجال الأعمال فى مجال العقارات والألماس والمنسوجات علاقاتهم بالحاخام ياشياهو من أجل أعمالهم التجارية وتحقيق الثروة، وتبين ان هذا الحاخام تربطه علاقات متشعبة بعدد كبير من رموز المجتمع الاسرائيلى والأمريكى أيضاً من تجار ومطربين وسياسيين وضباط شرطة كبار، وعندما كان الحاخام يتردد على نيويورك بصفة منتظمة كان يتردد عليه كثير من رجال الأعمال والرياضيين طالبين بركته أو عقد صفقة ناجحة، من بينهم ليبرون جيمس أبرز لاعبى كرة السلة فى العالم. وهناك من دفع حياته ثمنا لعلاقته مع ياشياهو، وهو ضابط الشرطة «إفرايم براخا» وكان من مريدى الحاخام، وعرض عليه الحاخام رشوة قيمتها 200 ألف دولار مقابل الحصول منه على معلومات حول تحقيقات دولية تجرى بشأنه، وعندما رفض براخا التعاون مع ياشياهو فى هذا الامر بدأت حملة تشويه شديدة ضده انتهت بانتحاره. وأمضى ياشياهو فترة العقوبة بعدما ادين باختلاس أموال إحدى الجمعيات وبتقديم رشوة لضابط شرطة آخر تعاون معه فى امور غير قانونية. ولعل أشهر جرائم رجال الدين فى إسرائيل هى قضية الحاخام آرييه درعى الزعيم السابق لحزب شاس الدينى الذى صدرت ضده أحكام بالسجن فى قضايا رشوة واختلاس. ومنذ عدة سنوات حامت الشبهات حول تورطه مع آخرين فى قتل والدة زوجته استير فردربار فى مدينة نيويوركالأمريكية بعد ان صدمتها سيارة مسرعة قبل أيام من سفرها إلى إسرائيل للإدلاء بشهادتها فى قضية اختلاسات متهم فيها درعي، وبعد القبض على سائق السيارة المسرعة تبين انه إسرائيلى دفعه البعض لقتل السيدة عمداً حتى لا تتمكن من المثول أمام المحكمة لتكذب ادعاءات بأنها هى مصدر ثروته هو وزوجته. وتشير دراسة أجرتها إستير جوشان عالمة النفس الإسرائيلية عن مجتمع الحريديم الذى ينتمى إليه حاخامات إسرائيل إلى أن بناء الأسرة فى هذا المجتمع يخالف تماماً كل ما هو متعارف عليه حيث تلقى كل الأعباء على عاتق الزوجة التى تتولى تربية الأبناء والانفاق على الأسرة فى الوقت الذى يتفرغ فيه الرجال لدراسة التوراة. وتضيف استير ان رجال هذا المجتمع أصحاب شخصية اتكالية تعتمد على المرأة دون ان تحاول بذل أى جهد لمساعدتها. كما نشرت مجلة الطب النفسى الاسرائيلية دراسة لسبعة باحثين أكدوا فيها ان المرأة فى مجتمع الحريديم تتعرض لضغوط نفسية هائلة أدت إلى اصابتها بالتوتر والقلق والاكتئاب، يصاحب ذلك شعورها الدائم بعدم الامان فأصبحت عصبية المزاج تميل إلى الصياح واستخدام العبارات والألفاظ الحادة. وطبقا للاحصائيات فإن نسبة كبيرة من رجال مجتمع الحريديم بمدينة القدس لا يعملون ويعتمدون على زوجاتهم ورغم ذلك فزوجات رجال الدين هن أكثر الفئات تعرضا للضرب والإيذاء البدنى فى إسرائيل. وطبقا للتقديرات فإن آلاف الإسرائيليات يتعرضن للضرب ونسبة كبيرة منهن من زوجات رجال الدين. إحدى الزوجات وتدعى شولاميت تروى مأساتها قائلة : إنها تقيم مع ابنائها الستة فى قلب حى الحريديم بالقدس منذ أن هجر زوجها المنزل منذ عام بعد سنوات طويلة من الإيذاء البدنى والنفسى الذى تعرضت له مع أبنائها على يديه. وتضيف شولاميت «منذ عدة سنوات بدأ زوجى إدمان الكحوليات بعد ان اعتاد تناول نخب يوم السبت واستمر بعد ذلك فى الشراب باقى أيام الاسبوع وبالتدريج بدأ يفقد السيطرة على أعصابه ثم تبع ذلك مرحلة الضرب والإيذاء البدنى مع فاصل من السباب والشتائم والقذف بكل ما تطوله يداه ولم يتوقف عن ذلك إلا بعد ان هددته بإبلاغ الشرطة». وتؤكد شولاميت أن هناك المئات غيرها من زوجات رجال الدين يتعرضن للاضطهاد لكن المشكلة تكمن فى كبار الحاخامات الذين يتجاهلون الأمر ويحاولون إخفاءه أو التقليل من شأنه.