الأعياد في الإسلام مواسم للتكافل الاجتماعي وإدخال للسعادة علي الفقراء، ومن صور هذا التكافل فى عيد الأضحى، ذبح الأضاحى . والأضحية كما يقول الدكتور السعيد محمد علي من علماء وزارة الأوقاف، شرعت بأمر إلهي وهدي نبوي حيث قال تعالي «إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ»، ومعلوم أن شرائع الإسلام عامة مقصود بها عبادة الله ومصلحة الخلق، فهي في المقام الأول طاعة لله سبحانه وتعالي . ويضيف: لكن لابد أن تكون هذه الطاعة في مصلحة خلق الله عموما، ولذا إذا ما تأملنا مثلا الزكاة كفريضة، فهي فريضة في الإسلام لكن ينتفع بها الخلق، وكذلك النذر والعقيقة والأضحية، ومن هنا نؤكد أن نظرة الإٍسلام للشرائع لها بعد إنساني واجتماعي، وخاصة للفئات الفقيرة والدوائر القريبة كالوالدين والأخوة والعائلة والجيران والزملاء، لأنها تهدف إلي توطيد الأواصر وتقوية العلاقات، سواء داخل البيت الواحد أو الأسرة أو المحيط الذي تؤدي فيه. ويؤكد أنه لو تأملنا كيف ضحي الرسول الكريم صلي الله عليه وسلم، لعلمنا أنه قصد إفادة الأمة بأسرها حيث ضحى بكبشين، وقال وهو يذبح الأول: اللهم إن هذا عن محمد وآل محمد، ثم قال عند ذبح الثاني: اللهم هذا عمن لم يضح من أمة محمد. وعلي ذلك ينبغي جمع كل الأسرة في هذه الأضحية، وأن تكون باسم الجد والأب والأبناء والأحفاد. تكفير للذنوب ومن جانبه يشير الشيخ عبد الحميد الأطرش رئيس لجنة الفتوى الأسبق، إلي أن الرسول الكريم صلي الله عليه وسلم قد وضح لنا أن الأضحية تكون سببا في غفران الذنوب، فقد قال صلي الله عليه وسلم للسيدة فاطمة : «قومي يا فاطمة فاشهدي أضحيتك فإن الله يغفر لك عند أول قطرة من دمها»، وهذا الحديث الشريف يحمل لنا ضرورة أن يشهد المضحي أضحيته، ويقول ان هذا عن فلان وآل فلان كما قال الرسول الكريم صلي الله عليه وسلم . ويوضح أن الأضحية سنة مؤكدة في حق القادر عليها، وهي سنة الخليل إبراهيم حينما ابتلي بذبح ولده إسماعيل، فامتثل لأمر الله عز وجل، فأنزل الله كبشا من الجنة فداء لإسماعيل، كما قال الحق سبحانه وتعالي في القرآن الكريم «وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ »، وقد حث الرسول الكريم صلي الله عليه وسلم علي أداء هذه السنة، وفي الحديث: قالوا يا رسول الله هذه الأضاحي فما لنا فيها، قال: بكل صوفة من أصوافها، وبكل وبرة من أوبارها، وبكل شعرة من أشعارها حسنة»، وهذا دليل علي أن الأضحية لا تكون إلا من النعم، لأن الصوف من الغنم والوبر من الإبل والشعر من البقر والجاموس والماعز، وما يتردد ويقال ان الأضحية تجوز من الطيور هذه كانت دعابة، حينما جاء بلال إلي النبي الكريم صلي الله عليه وسلم، وقال يا رسول الله لا أبالي إن ضحيت بديك، فقال له الرسول: «مؤذن ضحي بمؤذن» . شروط الأضحية وللأضحية شروط أولها: أن تكون سليمة خالية من العيوب ليست بعمياء ولا عوراء ولا عرجاء، ويفضل أن تكون من الذكور، لأن العبرة في الأضحية بطيب اللحم لا بكثرته، وذلك بخلاف الصدقة فالعبرة فيها بكثرة اللحم لأنها توزع علي أكبرعدد من الفقراء، وتذبح بعد صلاة عيد الأضحى، ويستمر موعد ذبح الأضاحي حتى قبل غروب شمس اليوم الثالث من أيام التشريق، ومن ذبح قبل صلاة العيد فليست من النسك وإنما هي لحم قدمه الإنسان لأهله. ويحذر الشيخ الأطرش من التباهي بالأضحية لأنه أمر مرفوض ولا يجوز بل يذهب الأجر، وتقسم الأضحية إلي ثلاثة أقسام، ثلث للفقراء وهو الأساس وثلث للهدايا وثلث للمضحي وأسرته، ويجوز أن يحصل المضحي وأسرته علي الثلثين، أما ثلث الفقراء فلا يجوز أن يعتدي عليه، ولا يجوز أن يقدم المضحي جلد الأضحية كأجرة للجزار، لكن يجوز أن يتصدق به أو يقدمه للمنفعة العامة .