البنك المركزي يطلق مبادرة لتسهيل إجراءات فتح الحسابات البنكية للمصريين بالخارج    سياسيون ونواب: احتفالية «وطن السلام» تعكس قوة مصر الناعمة.. وغزة جزء استراتيجي من الهوية العربية    السفير بسام راضي يستقبل فى روما الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف    يلا كووورة.. تشكيل ريال مدريد أمام برشلونة في كلاسيكو الدوري الإسباني اليوم    تشكيل توتنهام هوتسبير الرسمي لمواجهة إيفرتون في الدوري الإنجليزي    الهلال يعلن تطورات إصابة الدوسري    حالة الطقس غدًا الاثنين 27 أكتوبر 2025.. أمطار وانخفاض درجات الحرارة ل10    تطورات جديدة في واقعة سرقة متحف اللوفر: توقيف مشتبهين ومحاولة هروب إلى الجزائر    افتتاح المتحف المصري الكبير: إجازة رسمية مدفوعة الأجر للعاملين بالقطاعين العام والخاص    جامعة سوهاج تطلق ندوة لتعريف منسوبي الجامعة بقضايا الأشخاص ذوي الإعاقة    رفض طعن إبراهيم سعيد على قرار منعه من السفر    بسبب خلافات بينهما.. إحالة مدير مدرسة ومعلم بالشرقية للتحقيق    قضايا الدولة تنظم دورة تدريبية لأعضائها في التحول الرقمي    الهجرة الدولية: نزوح 340 شخصا بولاية شمال كردفان السودانية    وزير الصحة: إنشاء مركز إسعاف متكامل وتطوير مستشفى التأمين الصحي بقنا    محافظ المنوفية يتفقد عيادات التأمين الصحي بمنوف    القوات المسلحة تدفع بعدد من اللجان التجنيدية إلى جنوب سيناء لتسوية مواقف ذوي الهمم وكبار السن    التنسيقية تشارك في فعاليات الاحتفالية الكبرى "وطن السلام"    وزير الخارجية ونائب الرئيس الفلسطيني يناقشان التحضيرات الجارية لعقد مؤتمر إعادة إعمار غزة    تجهيز 35 شاحنة إماراتية تمهيدًا لإدخالها إلى قطاع غزة    أموال المخدرات.. حبس المتهم بقتل زوجته بتعذيبها وصعقها بالكهرباء في الإسكندرية    تأجيل محاكمة 6 متهمين بخلية داعش المعادي لجلسة 15 ديسمبر    مستوطنون يهاجمون المزارعين ويسرقوا الزيتون شرق رام الله    مقتل شخصين وإصابة ثمانية آخرين جراء هجمات روسية على منطقة خاركيف    تامر حبيب يهنئ منة شلبي وأحمد الجنايني بزواجهما    «بينشروا البهجة والتفاؤل».. 3 أبراج الأكثر سعادة    كنز من كنوز الجنة.. خالد الجندي يفسر جملة "حول ولا قوة إلا بالله"    نشرة «المصرى اليوم» من الإسكندرية: تفاصيل صادمة في واقعة المتهم بتعذيب زوجته.. و11 قرارًا لمجلس جامعة برج العرب    محمود عباس يصدر إعلانًا دستوريًا بتولي نائب الرئيس الفلسطيني مهام الرئيس «حال شغور المنصب»    وزير الصحة يتفقد مجمع السويس الطبي ويوجه بسرعة الاستجابة لطلبات المواطنين    المرشح أحمد حسام: "شرف كبير أن أنال ثقة الخطيب وأن أتواجد ضمن قائمته"    مساعد وزير الثقافة يفتتح مهرجان الإسماعيلية الدولي للفنون الشعبية    مدير الكرة بالزمالك يحذر شيكو بانزا من إثارة غضب الجماهير    كيف تتعاملين مع إحباط ابنك بعد أداء امتحان صعب؟    لتطوير برامج اللغة العربية.. "الشارقة للتراث" يعزّز التعاون الأكاديمي مع جامعة تشيجيانغ الصينية    الشوربجى: الصحافة القومية تسير على الطريق الصحيح    وزيرا الخارجية والعمل يناقشان الهجرة والعمالة المصرية بالخارج    حسام الخولي ممثلا للهيئة البرلمانية لمستقبل وطن بمجلس الشيوخ    قبل الكلاسيكو.. القلق يسيطر على معسكر برشلونة بسبب يامال    رئيس الوزراء يستعرض الموقف التنفيذي لأبرز المشروعات والمبادرات بالسويس    محافظ الجيزة: صيانة شاملة للمسطحات الخضراء والأشجار والمزروعات بمحيط المتحف المصري الكبير    مركز الازهر العالمي للفتوى الإلكترونية ، عن 10 آداب في كيفية معاملة الكبير في الإسلام    مصدر من الأهلي ل في الجول: فحص طبي جديد لإمام عاشور خلال 48 ساعة.. وتجهيز الخطوة المقبلة    وزير المالية: «بنشتغل عند الناس.. وهدفنا تحسين حياتهم للأفضل»    الأهلي يشكو حكم مباراة إيجل نوار ويطالب بإلغاء عقوبة جراديشار    حصاد أمني خلال 24 ساعة.. ضبط قضايا تهريب وتنفيذ 302 حكم قضائي بالمنافذ    عمرو الليثي: "يجب أن نتحلى بالصبر والرضا ونثق في حكمة الله وقدرته"    هيئة الرقابة المالية تصدر قواعد حوكمة وتوفيق أوضاع شركات التأمين    اتحاد التأمين يوصى بارساء معايير موحدة لمعالجة الشكاوى تضمن العدالة والشفافية    «الداخلية» تكشف حقيقة اعتداء وسرقة «توك توك» بالإسماعيلية    بدء فعاليات المبادرة الرئاسية «تمكين» لذوى الهمم بجامعة بنها    الكشف على 562 شخص خلال قافلة طبية بالظهير الصحراوى لمحافظة البحيرة    د. فتحي حسين يكتب: الكلمة.. مسؤولية تبني الأمم أو تهدمها    بحفل كامل العدد.. صابر الرباعي وسوما يقدمان ليلة طربية في ختام مهرجان الموسيقى العربية    تداول 55 ألف طن و642 شاحنة بضائع عامة ومتنوعة بموانئ البحر الأحمر    مسئول أمريكي: الولايات المتحدة والصين تعملان على التفاصيل النهائية لاتفاق تجاري    موعد بدء شهر رمضان 2026 في مصر وأول أيام الصيام    مصرع شخص في حريق شقة سكنية بالعياط    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«النقاب» و«الإسلاموفوبيا» و«الخروج البريطانى» فى سلة واحدة
نشر في الأهرام اليومي يوم 13 - 08 - 2018

لم تمض ثلاثة أسابيع على استقالة بوريس جونسون المدوية من منصبه كوزير للخارجية فى حكومة تيريزا ماى احتجاجاً على خطتها لشكل العلاقات المستقبلية بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي، حتى عاد بضجة جديدة خلط فيها الأوراق بنقاش على السطح حول النساء المسلمات والنقاب، لكنه فى جوهره حول الإسلاموفوبيا والبريكست.
ففى مقالته الأسبوعية فى «ديلى تلجراف» كتب جونسون معارضاً قرار الدنمارك فرض غرامات مالية على المسلمات اللواتى يرتدين النقاب فى المجال العام، مدافعاً عن حق النساء بغض النظر عن الدين أو العرق أو الطبقة فى ارتداء ما يرغبن فيه دون تدخل فى الحكومة. لكنه وفى ثنايا دفاعه أعرب عن رفضه الشخصى للنقاب، معتبراً إياه «غريبا»، حيث لا يُظهر من المرأة إلا عينيها مما يجعل النساء اللواتى ترتدينه أشبه ب«سارقى البنوك» و«صناديق البريد» المربعة.
هل هو نقاش حول النقاب؟
الضجة التى أثارتها توصيفات جونسون لا تعود فقط إلى حساسية بعض المسلمين إزاء نقاش قضية النقاب، بل أيضاً إلى توقيت طرح القضية والأهداف الحقيقية من طرحها.
فالنقاش حول النقاب فى بريطانيا وأوروبا عموما ، ضرورى خاصة أن كل الدراسات والاستطلاعات تربط بينه وبين انتشار ثقافة جيتوهات المسلمين فى أوروبا. وهناك إجماع وسط رجال الدين المسلمين فى أوروبا على أن النقاب ليس زياً دينياً إلزامياً، بل تقليد اجتماعى وثقافى يتمسك به البعض. كما أن النقاب بالذات بسبب إخفائه الوجه معضلة أمنية حقيقية فى أوروبا، والكثير من الجرائم يتم فيها التخفى تحت النقاب.
كل هذه النقاط كان من الممكن طرحها لنقاش موضوعى ومفتوح وصحي لو كان هدف بوريس جونسون فتح ذلك الموضوع للنقاش العام فى بريطانيا، لكن هذا لم يكن هدف المقال.
فهناك دوافع معقدة ومتداخلة لجونسون لا علاقة لها بالنقاب وموقعه فى أوروبا اليوم، بل بالبريكست والإسلاموفوبيا.
فأجواء أغسطس فى بريطانيا توحى بتغييرات كبيرة قادمة فى الترتيبات السياسية والمزاج العام. وكل استطلاعات الرأى التى أجريت خلال الأسبوعين الماضيين أشارت إلى «عودة الروح» لحزب استقلال بريطانيا اليمينى القومى (يوكيب) الذى قاد معركة البريكست. فاستطلاع لمحطة «سكاي» أظهر ارتفاع شعبية «يوكيب» أكثر من 6 نقاط منذ أعلنت تيريزا ماى خطتها للبريكست الشهر الماضي. وفى استطلاع آخر أجراه مركز «يوجوف» لمصلحة صحيفة «ذى تايمز»، قال نحو 38% ممن تم استطلاع رأيهم إنهم سيصوتون لحزب جديد من اليمين «ملتزم» بتنفيذ البريكست. فيما قال 24% إنهم مستعدون للتصويت لحزب جديد ينتمى لليمين المتطرف يعلن صراحة عداءه للهجرة وللمسلمين.
انتعاش اليمين القومى الشعبوى البريطانى لم يفت جونسون، وهو بالنسبة له قد يكون ممره إلى «10 داوننج ستريت».
فالمؤتمر العام السنوى لحزب المحافظين الحاكم سيعقد مطلع أكتوبر المقبل. وستتجه الأنظار إلى تيريزا ماى وزعامتها الهشة على رأس الحزب والحكومة. وإذا ما استمرت شعبيتها فى التراجع كما هي الحال الآن، فمن المرجح أن يحاول جونسون خلال مؤتمر الحزب بدء إجراءات منافستها على الزعامة.
ومغازلة جونسون للجناح اليمينى فى حزب المحافظين، وبريطانيا اجمالاً، يبدو تحركا براجماتيا بحتا. فيمين حزب المحافظين تنتشر فيه أشكال عدة لإسلاموفوبيا. ورغم أن قيادات الحزب دائماً ما وعدت بالتصدى للإسلاموفوبيا داخله، فإن القليل جداً انجز فى هذا الصدد، لدرجة أن البارونة وارسى إحدى القيادات المسلمة القليلة فى حزب المحافظين حذرت قبل عاصفة النقاب التى أثارها بوريس جونسون من تغلغل الإسلاموفوبيا فى الحزب، ودعت لفتح تحقيق حول انتشار الظاهرة.
ووسط نظريات مؤامرة من كل طرف، يردد البعض أن جونسون «تعمد» استخدام تعبيرات مهينة ومسيئة لوصف مرتديات النقاب من أجل خطب ود اليمين المتشدد فى قواعد حزب المحافظين استعدادا لسباق زعامة الحزب.
وإذا كان هذا هو الهدف الأساسى من كل هذه الجلبة حول النقاب، فقد حقق جونسون مراده. فاستطلاعات الرأى تشير إلى ان جونسون عاد لتصدر الواجهة للمرشحين المحتملين لخلافة ماي.
لكن أيضاً لم يخل رد فعل ماى ومستشاريها المقربين من استغلال سياسى للأزمة. فالرئيس التنفيذى لحزب المحافظين براندون لويس انتقد جونسون بشدة. أما ماى فدعت وزير الخارجية السابق للاعتذار. بينما دعا آخرون من مؤيدى ماى وداعمى البريكست الناعم إلى تجميد عضوية جونسون فى الحزب، وأجندة ماى وحلفائها فيما يتعلق بانتقاد جونسون واضحة.
فهو منافس محتمل على زعامة حزب المحافظين ورئاسة الوزراء. والأعين كلها ستتجه إلى جونسون خلال مؤتمر حزب المحافظين لرؤية كيف سيقدم نفسه للحزب بوصفه البديل الموضوعى لتيريزا ماى التى احترقت أوراقها مع قواعد الحزب خاصة مع دخول البريكست مرحلة غامضة ومعقدة.
أما حزب العمال المعارض فدخل على خط الأزمة أيضاً كطريقة للفت الانتباه بعيداً عن أزماته الداخلية ومن بينها الجدل حول انتشار معاداة السامية داخله، والخلافات داخله حول استراتيجية البريكست.
بعبارة أخري، استغلت كل الأطراف قضية النقاب لتحقيق أهداف سياسية لا علاقة لها بموضوع البرقع نفسه.
«ترامب البريطانى»:
ووسط كل هذا انتشرت تقارير عن اتصالات تمت بين ستيف بانون، المستشار السياسى السابق للرئيس الأمريكى دونالد ترامب، وبوريس جونسون لمساعدة جونسون فى الوصول لزعامة حزب المحافظين ورئاسة الوزراء. وتمت الاتصالات خلال وجود بانون فى لندن لتأسيس تنظيم جديد اسمه «الحركة» يضم تيارات وأحزاب اليمين القومى فى أوروبا، يأمل بانون أن يحوله لحركة سياسية تقود أوروبا كلها نحو اليمين. كانت من النصائح التى وُجهت إلى جونسون هى أن يستلهم «النهج الترامبي»، أى تغذية القواعد اليمينية بمواقف وتصريحات شعبوية، حمائية، قومية، وحتى عنصرية.
وتسرب أنه خلال اتصال بين الطرفين قال بانون لجونسون: «سيصفونك بالعنصري. استمتع بالتسمية».
فالمطلوب الآن هو «ترامب بريطاني». وليس هناك من هو أفضل من جونسون للقيام بهذا الدور. فالرئيس الأمريكى أعرب مراراً عن إعجابه بجونسون وقال فى حوار مع صحيفة «الصن» خلال زيارته لبريطانيا الشهر الماضى إن وزير الخارجية السابق سيكون «رئيس وزراء ممتازا».
ويسير جونسون حالياً على خطى ترامب فى اتخاذ مواقف صادمة، والتعبير بطريقة فجة سياسياً لجذب الأنظار لخط سياسى شعبوى يلعب على حرمان وغضب الطبقات العمالية والفقيرة التى صوتت للبريكست وترى حلمها بعودة بريطانيا «نقية بيضاء بدون مهاجرين» فى مهب الريح مع تنازلات تيريزا ماى الأخيرة.
اللعب بالنار
ومع أن قضية النقاب فى أوروبا وبريطانيا ليست قضية ملحة لدى الشارع حالياً أخذاً فى الاعتبار أن عدة مئات فقط من المسلمات الأوروبيات يرتدين النقاب، وان هناك تحديات اقتصادية وسياسية جمة تواجه القارة، إلا ان تصريحات جونسون حيال النقاب تمهد الأرضية لقبول أطروحات أكثر يمينية فى عدد آخر من القضايا المهمة وعلى رأسها التعايش والتسامح والتعددية الثفاقية والدينية.
فأزمات من هذا النوع المفتعل لن تؤدى إلا إلى تعزيز الإسلاموفوبيا. وفى استطلاع للرأى لمحطة «سكاي» بعد مقالة جونسون، قال 60% ممن استطلعت آراؤهم إنهم يؤيدون حظر النقاب فى بريطانيا على غرار دول أوروبية أخرى من بينها فرنسا والسويد والدنمارك وهولندا وبلجيكا والنمسا. يأتى هذا بينما تشير منظمات حقوقية إلى تزايد الاعتداءات ضد المسلمين، سواء عبر خطاب الكراهية على الانترنت أو اعتداءات مادية على الأرض، خاصة ضد المسلمات المنقبات، بأكثر من 200% خلال 2017.
استغلال الإسلاموفوبيا كأداة لتحقيق أهداف سياسية لا ينم فقط عن عنصرية، بل أيضا عن جهل بالمخاطر التى تترتب على ذلك النوع من الخطاب. فتعبيرات تحقيرية وعدائية كثيراً ما تتحول إلى هجمات واعتداءات جسدية على فتيات ونساء فى شوارع بريطانيا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.