فى آن واحد، تقصف أمريكاإيران بسلاح العقوبات والانسحاب من الاتفاق النووي، وتخطط لإسقاط «النظام» فى طهران، بينما يعرض ترامب لقاء القادة الإيرانيين فى «سنغافورة جديدة» لعقد «صفقة قرن» معهم، واصفا نفسه بأن «مفاوض بارع»، فى الوقت الذى يؤكد فيه الإعلام الأمريكي، وخصوم ترامب الديمقراطيون، بل وبعض الجمهوريين أنفسهم أن ترامب خسر المفاوضات مع كيم جونج أون وفلاديمير بوتين فى أقل من شهر واحد، فأين الحقيقة؟ إيران من جانبها تعتبر أن مجرد انسحاب واشنطن الأحادى من الاتفاق النووى عملا عدائيا، ولديها آليات للرد فى المنطقة وما حولها، فلديها أذرع ممتدة بأشكال مختلفة فى كل من لبنانوسوريا والعراق واليمن وقطر، وقادرة على الضرب تحت الحزام فى أماكن معينة وعلى تهديد الملاحة وحركة ناقلات البترول فى باب المندب ومضيق هرمز إذا شعرت بأن العقوبات الأمريكية ستتسبب فى تدميرها من الداخل، وهو ما ظهرت بشائره بالفعل فى صورة احتجاجات ضد الأوضاع المعيشية فى عدة مدن إيرانية تطورت إلى مصادمات وعنف وهتافات بإسقاط الحكومة والرئيس روحاني، ثم إسقاط «النظام». المواجهة احتمال وارد، وفى هذه الحالة ستكون حربا إقليمية، ولكن حديث «الصفقات» أقوي، فالضغط الهائل على الاقتصاد الإيرانى لن يرحم أحدا، واحتجاجات الإيرانيين باتت تركز على وقف إرسال قوات وأموال للخارج، وفى الوقت نفسه، بوادر الصفقة ظهرت فى سوريا قبل أيام، بتوافق إيرانى سورى إسرائيلى على عدم اقتراب الحرس الثورى الإيرانى من الحدود الإسرائيلية، وتزداد قوة فرضية الصفقة إذا علمنا أن ترامب يرغب فى عقد صفقة كبرى مع الإيرانيين على غرار ما فعله مع كوريا الشمالية، لتدعيم شعبيته وصورته كمفاوض بارع قبل انتخابات التجديد النصفى للكونجرس فى نوفمبر المقبل، وهو فى ذلك يتبع نهجه المعتاد مع خصومه «الأشرار سابقا»، بتصعيد التلاسن والتهديدات معهم، ثم الدعوة للحوار مع وصول لغة التهديد والوعيد إلى ذروتها، وهو ما فعله مع كيم جونج أون وفلاديمير بوتين، وغدا على الأرجح مع آيات الله، الذين سيجدون أنفسهم -هم أيضا- مضطرين تحت ضغط المصالح والاحتجاجات والخوف من سقوط النظام إلى الجلوس والابتسام أمام عدسات المصورين بجانب «الشيطان الأكبر»! والآن .. مع الاحتمالات .. والتفاصيل!