► خطورة الشائعة أنها تقود الرأى العام وتوقعه فى فخ التضليل ►تخبط المعلومات وتضارب البيانات المتوافرة لدى الرأى العام يجعله فريسة للأخبار الكاذبة ►لابد أن يخضع مروج الشائعة لعقوبة السجن إلا إذا أثبت حسن النية تسريح 2 مليون موظف من العاملين بالجهاز الإدارى للدولة.. إجراء حذف عشوائى للمواطنين من بطاقات التموين.. نقص شديد فى عقار الأنسولين بالتأمين الصحى والصيدليات.. حذف 200 ألف أسرة من معاش «تكافل وكرامة» لتقليل النفقات.. طرح بيض وأرز وسمك بلاستيكى فى الأسواق هذه بعض النماذج من الشائعات التى تم إطلاقها وترويجها خلال الآونة الأخيرة، بهدف إثارة الرأى العام واستغلال الظروف الصعبة للمواطن المصرى الذى يتحمل عبء فاتورة الإصلاح الاقتصادي، خاصة فى ظل تخبط المعلومات وتضارب البيانات المتوافرة لدى الرأى العام مما يجعله فريسة للمعلومات المغلوطة. الحكومة المصرية من جانبها قررت مواجهة الشائعات وتوضيح الحقيقة للمواطن المصري، بالإضافة إلى العقوبات القانونية لمواجهة هذه الظاهرة الخطيرة على المجتمع. فى البداية تعرف وتوضح د. نعايم سعد زغلول مدير الإعلام بمركز معلومات مجلس الوزراء، الشائعة «هى مجرد رسالة أو خبر أو مجموعة من الأخبار الزائفة التى تنتشر فى المجتمع بشكل سريع والهدف منها إحداث بلبلة أو فوضي»، والهدف منها تحريك الناس لتدمير بلدهم.. والتطور التكنولوجى الهائل والسريع الذى يشهده العالم حالياً فى وسائل الاتصال الحديثة، وارتفاع معدلات استخدام مواقع التواصل الاجتماعى ساعد على تهيئة بيئة خصبة لنشر الشائعات وترويجها بسهولة ويسر، بهدف محاولة إفقاد الشعب الثقة فى النظام الحاكم عبر استخدام وسائل تكنولوجية فى تركيب الأصوات، أو محاولة بث الفتن والشائعات عبر استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، كما أن الشائعات تمثل خطورة كبيرة على الأمن القومى للدولة، حيث تعمل الجماعات الإرهابية المتآمرة على بثها وترويجها بهدف زعزعة استقرار الأمن القومى ونشر حالة من اليأس والإحباط بين المواطنين وإثارة الفتنة بين طوائف المجتمع، وبالفعل فإن أكثر القطاعات تأثراً بالشائعات هو المجال الاقتصادي، خاصة عقب اتخاذ الدولة خطوات مهمة فى الإصلاح الاقتصادي، فمن الطبيعى أن مروجى الشائعات يستغلون صعوبة إجراءات الإصلاح الاقتصادى عن طريق نشر معلومات مغلوطة. وتؤكد د. نعايم سعى بعض وسائل الإعلام المعادية والمعروفة للجميع بتوجهاتها السياسية المعادية للدولة المصرية لنشر أخبار مغلوطة عن طريق اتباع آليات غير مهنية وغير متخصصة فى تعاملها مع الأخبار والبيانات الرسمية، فضلاً عن تخبط المعلومات وتضارب البيانات المتوافرة لدى الرأى العام مما يجعله فريسة للمعلومات المغلوطة. أما دور المركز من وجهة نظر د. نعايم فلا يتوقف فقط عند رصد الشائعات ونفيها، بل هناك حالات أخرى تمثلت فى توضيح الحقائق وتقديم معلومات تفيد المواطنين وترفع من وعيهم للتصدى لأى شائعات. معلومات مثيرة للجدل ويتم رصد الشائعات من خلال متابعة جميع وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعى لرصد أى أخبار أو معلومات مثيرة للجدل قد تُحدث بلبلة للرأى العام. وتم تخصيص أرقام تليفونية (0227927407) وبريد إلكترونى ([email protected]) لتمكين المواطنين من خلالهما الإبلاغ عن أى شائعات أو معلومات مغلوطة على مستوى جميع محافظات الجمهورية. وكذلك متابعة المواقع الإلكترونية غير موثوقة المصدر والتى تتعمد نشر عناوين إخبارية مثيرة دون التأكد من مصدرها، كما يتم متابعة مرحلة ما بعد اتخاذ قرارات حكومية مهمة أو إصدار قوانين، وطرق تداولها وانطباعات الرأى العام حولها، حيث إنه قد يتم فى كثير من الأحيان توضيح حقيقة قرار ما تم تداوله بشكل مغلوط. كما يتم التواصل مع الوزارات والجهات المعنية بهدف التحقق من مدى صحة الأخبار المتداولة وإمداد المركز بجميع المعلومات والحقائق التى سيتم نشرها، ثم يتم الإعداد النهائى للتقرير وحصر وإدراج جميع الشائعات وانتقاء الأكثر خطورة وانتشاراً وصياغتها إعلامياً، ويتم التركيز على الشائعات التى تمس المواطن بالدرجة الأولي، فمثلاً أكثر الشائعات تداولاً تتعلق بقطاع التموين نظراً لأنه يمس حياة المواطنين بشكل مباشر كنقص السلع الغذائية أو حذف المواطنين من البطاقات التموينية وغيرها، وكذلك قطاع التعليم نظراً لانشغال أولياء الأمور بأوضاع دراسة أبنائهم، فضلاً عن قطاع الصحة عند اتخاذ أى قرار يخصه، وكذلك الأمر فى قطاع التضامن، وقطاع الطاقة والوقود التى تكون مصاحبة القرارات التى تخص الطاقة، وأيضاً قطاع الإسكان. وهناك شائعات تتطلب سرعة الرد على الفور، ولا تحتمل الانتظار لأن عدم الرد يزيد من سرعة انتشارها وخطورتها، لذلك على الرغم من أن التقرير «أسبوعي»، يتم اصدار تقريرين فى نفس الأسبوع لملاحقة الأحداث ونفى الشائعات، أو لتوضيح الحقائق أولاً بأول. وهناك بعض الأوقات التى يتزايد فيها انتشار الشائعات بشكل مكثف جداً على سبيل المثال عند قرب حلول بعض المناسبات الرسمية كالأعياد وشهر رمضان تنتشر الشائعات الخاصة بارتفاع أسعار السلع، وكذلك عند إقرار القوانين المختلفة يتم الترويج لشائعات من شأنها عدم تمرير القوانين كقانون الخدمة المدنية والقيمة المضافة، وأيضاً عند اقتراب الامتحانات وبدء الموسم الدراسى تنتشر الشائعات المتعلقة بالتعليم، أما التأخير فى الرد على الشائعات نتيجة أنه فى بعض الأحيان يتم رصد مئات من الشائعات يومياً، وهنا يجب أن نتخير ونتحرى الدقة حتى لا يكون المركز أداة لترويج الشائعات، وفى بعض الأحيان التأخير يكون تريثا لحسن التعامل مع الشائعة. وللحد من انتشار الشائعات لابد من رفع الوعى المجتمعى وإتاحة المعلومات للرأى العام أولاً بأول، وكذلك أيضا من خلال الاستعانة بالشخصيات العامة ذوى التأثير على مواقع التواصل الاجتماعى فى رفع الوعى المجتمعى بخطورة الشائعات، وبالنسبة لحكومة الدكتور مصطفى مدبولى فهى تهتم ُبملف الشائعات إذ أن هناك تكليفا واضحا وصريحا لكافة المتحدثين الرسميين والمستشارين الإعلاميين للتصدى لها بشكل فوري، ولا يجب إغفال الدور الحيوى لوسائل الإعلام والجهود المشرفة فى سرعة نشر تقرير توضيح الحقائق على نطاق واسع. جريمة النصب الشائعة كما يقول الفقيه الدستورى الدكتور شوقى السيد تعنى بث معلومات كاذبة وغير صحيحة وإيهام الرأى العام أنها حقيقية وهو ما يمثل بالفعل أركان جريمة النصب والإيهام والتضليل وذلك عن طريق نشر واقعة غير حقيقية مما يؤدى إلى إيقاع الرأى العام فى فخ ووهم وتضليل، وتختلف الجريمة على قدر أهمية الشائعة واتصالها بمصالح الناس وأمن المجتمع وعلى قدر الخطورة للمساس بالأمن العام والرأى العام والمصالح العامة فى البلاد، الموضوع ليس سياسيا فقط بل جنائى أيضا حيث يقع فى دائر التضليل والنصب وهى درجة قصوى من درجات الكذب، الأمر الذى يمثل خطورة شديدة، حيث تستطيع الشائعة أن تقود الرأى العام والناس الى المساس بمصالح البلاد وإحداث خطر وضرر لا يحمد عقباه، ومن الأهمية إيقاظ الرأى العام وتوجيهه حتى لا يقع فى مثل هذه الكارثة، وفى الوقت نفسه يجب مواجهة الأمر بوسائل وأدوات وآليات قانونية تدخل فى دائرة التجريم والعقاب. التشهير والإضرار ويلتقط المستشار رفعت السيد رئيس محكمة الجنايات الأسبق خيط الحديث، مشيرا إلى أن الشائعات تعنى ترويج خطر قد يكون مختلقا من أساسه لا أصل له فى الواقع او أن يكون خبرا صحيحا ولكن يتم ترويجه بصورة مبالغ فيها للغاية. ويقترح فى حالة ما إذا كان إطلاق الشائعة أو ترويجها أو ترديدها بقصد انتشارها مستهدفا الإضرار بالأمن القومى فإن العقوبة يجب أن تصل إلى عقوبة الإضرار بالأمن القومى وهى عقوبة السجن لأن مختلق الشائعة أو مروجها عبر وسائل الإعلام أو مرددها بين أفراد المجتمع لابد أن يكون له هدف من هذا ، وبالتالى لابد أن يخضع تحت طائلة العقاب الا إذا اثبت أن ما اقترفه كان وليد حسن النية وعليه إثبات ذلك فالاصل فيمن يروج الشائعة هو انه يقصد الإساءة خلافا للأصل العام، حيث الأصل فى الإنسان البراءة، وبالتالى على كافة الأجهزة المعنية ان تتصدى بكشف هؤلاء المختلقين والمروجين للشائعات وتحويلهم للمحاكمة فورا كما يجب على أجهزة الدولة أن تتصدى لهذه الشائعات فور علمها بمضمونها وكشف الحقائق بشأنها وألا تتقاعس أو تتأخر فى الكشف عن حقيقتها وهدف المشاركين فيها، ويجب محاسبة كل مسئول يتوانى عن مجابهة هؤلاء فور علمه بالشائعة قبل أن تنتشر. المواجهة القانونية ومن جانبه، أكد المستشار الدكتور خالد القاضى رئيس محكمة الاستئناف أن المشرع المصرى استشعر خطورة الشائعة على المجتمع وضرورة مواجهتها والحد منها ومن آثارها، وذلك فى أكثر من موضع لمواجهتها ورصد الجزاء المناسب لمروجها و كل من تداولها ، ففضلا عما يقرره قانون العقوبات من جرائم وعقوبات على كل من نشر أخبارا أو بيانات أو شائعات كاذبة، فإن مجلس النواب أقر مؤخرا قانون مكافحة الجريمة الالكترونية، والذى يُعد الأول من نوعه فى مصر فى مجال مكافحة هذه الجريمة، فقد ألزم مقدم الخدمة «بحفظ وتخزين وتأمين تقنية المعلومات، ومحتوى النظم المعلوماتية لمدة مائة وثمانين يوما متصلة، وعلى الأخص البيانات التى تمكن من التعرف على مستخدم الخدمة والمتعلقة بحركة الاتصال وبأجهزته . وعرض القاضى لأهم معالم القانون الجديد فى مجال التجريم والعقاب فأشار إلى أنه يتضمن تجريم الممارسات الإلكترونية ، والتى لا يوجد ما يجرمها فى القانون المصرى من قبل، ومنها الاختراق والتزوير الإلكترونى وإنشاء مواقع للتشجيع على الإرهاب أو نقل المعلومات،إضافة إلى عقوبات بحجب مواقع أو إلغاء تراخيصها بأحكام قضائية، و أن القانون يعاقب المتورطين فى نشر معلومات عن تحركات الجهات الامنية، أو الترويج لأفكار التنظيمات الإرهابية، وعلى من يثبت تورطه فى سرقة واختراق البريد الإلكترونى لآخرين. وأكد أن القانون ينص كذلك على معاقبة من يثبت تورطه فى إتلاف بيانات رسمية ، كما أنه منح جهات التحقيق المختصة حق حجب موقع أو عدة مواقع أو روابط أو محتوي، إذا أمكن ذلك من الناحية الفنية، وفى حال وجدت أدلة على قيام تلك المواقع بوضع أية عبارات أو أرقام أو صور أو أفلام أو أية مواد دعائية تُشكّل تهديدا للأمن القومي، أو تُعرّض أمن البلاد أو اقتصادها القومى للخطر، وأجاز القانون للنائب العام، أو من يفوضه من المحامين العامين، أن يأمر بمنع المتهم من السفر خارج البلاد أو بوضع اسمه على قوائم ترقب الوصول. وطالب القاضى بضرورة إنشاء مركز علمى خاص لمكافحة جرائم ترويج الشائعات التى تستهدف الحياة الشخصية للمواطن أو الأمن القومى ونظام الدولة ومؤسساتها.