قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: ان كنتم تحبون أن يحبكم الله ورسوله فحافظوا علي ثلاث خصال: صدق الحديث, وأداء الأمانة وحسن الجوار ومعني صدق الحديث أن يصدق الانسان في كلامه الذي يتحدث به الي الناس ويتحري الصدق بكل مايتلفظ به لسانه ويتجنب الكذب, وقد حذر رسول الله من الكذب حتي ولو كان علي سبيل الاضحاك فقال عليه السلام: ويل للذي يحدث بالحديث ليضحك به القوم فيكذب, ويل له, ويل له بل ان الذي يحدث بكل مايسمعه من الناس كفاه كذبا, قال عليه السلام: كفي بالمرء كذبا أن يحدث بكل ماسمع أي يكفيه ذلك من الكذب فانه قد استكثر منه, لأن مايسمعه الانسان فيه الصدق وفيه الكذب, فاذا حدث بكل ماسمع حدث بالكذب لا محالة وقد أخبر الرسول أن من علامات المنافق: اذا حدث كذب, ولهذا حذر النبي من الكذب حتي لا يؤدي بصاحبه الي النار فقال عليه الصلاة والسلام: إياكم والكذب فان الكذب يهدي الي الفجور, وان الفجور يهدي الي النار, ومايزال الرجل يكذب ويتحري الكذب حتي يكتب عند الله كذابا. فهذا تحذير من الكذب والتساهل فيه, فانه اذا تساهل فيه كثر منه فعرف به وكتبه الله كذابا ان اعتاده واستحق صفة الكذابين وعقابهم, فاما أن يشتهر بهذه الصفة في الملأ الأعلي, واما أن يلقي ذلك في قلوب الناس وألسنتهم وحتي لا يقع المسلم في ذلك حث النبي صلي الله عليه وسلم علي الصدق وقصده والاعتناء به حتي يؤدي به الي الجنة ويستحق الوصف بمنزلة الصديقين وثوابهم ويشتهر بذلك في الملأ الأعلي. والخصلة الثانية: أداء الأمانة, وهي أن يقوم المؤتمن بتسليم المؤتمن ماأودعه عنده من مال أو غيره, وهي ضد الخيانة, وقد أمر الله تعالي ورسوله بأداء الأمانة فقال تعالي: أن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلي أهلها وقال رسوله: أد الأمانة الي من أئتمنك ولا تخن من خانك وأداء الأمانة من صفات المؤمنين. والخصلة الثالثة: حسن الجوار, وهو أن يحسن الانسان جوار من جاوره من الناس ومعاملتهم بالاحسان وملاطفتهم وكف طرق الأذي عنهم, ومن لم يحسن جوار جاره لا يحبه الله تعالي ولا رسوله بل هو بغيض عندهما, واسم الجار يشمل المسلم والكافر والعابد والفاسق والصديق والعدو, والنافع والضار والقريب والأجنبي, والأقرب داراوالأبعد, ولقد أمر الله عز وجل ورسوله بالاحسان الي الجار فقال: وبالوالدين إحسانا وبذي القربي واليتامي والمساكين والجار ذي القربي والجار الجنب فأكد سبحانه ذكر الجار بعد الوالدين والأقربين. وقيل أن من حق الجار علي الجار: ان استقرضك أقرضته, وان استعانك أعنته, وان مرض عدته, وان احتاج أعطيته, وان أصابه خير هنأته وأن أصابته مصيبة عزيته, واذا مات اتبعت جنازته ولا تستطيل عليه بالبناء فتحجب عنه الريح باذنه