مما لا شك فيه أن فرحة أبنائنا المتفوقين فى الثانوية العامة تزيل كل المعاناة التى عشناها طوال العام كأسرة مصرية وخاصة نفقات الدروس الخصوصية ومراكزها، فضلا عن الإرهاق النفسى والذهنى سواء من الأسرة أو الأبناء.. هل ينتهى واجبنا نحو أوائل الثانوية العامة بتلك الفرحة عقب إعلان النتيجة؟ أم إنه يجب أن نرعاهم حتى يمكنهم الحفاظ على استمرارهم فى التفوق!؟ بداية تقول د. آية ماهر أستاذة الموارد البشرية بالجامعة الأمريكية وعضو المجلس الأعلى للثقافة: إن الدور الأساسى لدعم هؤلاء المتفوقين هو دور الأسرة اهتمام الأبوين لتهيئة المناخ اللازم الذى يساعد على استمرارهم فى التفوق، ومنحهم الحرية الكاملة فى اختيار ما يرغبون فيه فى استكمال دراستهم دون التقيد بمجموعهم المتميز حتى يستطيعوا استكمال حياتهم بشكل يرضيهم. لابد من النظر لهم على أنهم موارد بشرية مميزة ذات مهارات عالية لابد من تطويرها بمتابعتهم والاستفادة منهم فى التخصصات المختلفة. وترى د. آية أن الدولة يجب أن تدعم المتفوقين من خلال توفير المنح الدراسية لهم بالجامعات الخاصة المميزة فى مصر أو بعض الجامعات الأجنبية فى تخصصات معينة، وتقول: نجد أن الجامعات الخاصة فى مصر هى التى تقوم باستقطابهم للدراسة الجامعية عندها مثلما حدث مع الشاب المميز عبد الغنى (وهو كفيف) وكان من أوائل الثانوية العامة وقد اعطته الجامعة الأمريكية منحة دراسية وبرز تفوقه أكثر من خلال الاهتمام به وإرساله إلى بعثات علمية بالخارج، أما عن المنح الدراسية فى الجامعات الأجنبية خارج مصر فأغلبها يتم بجهود ذاتية من الطلاب الذين لديهم الوعى والرغبة فى خوض التجربة للدراسة بالخارج بكل ما فيها من تحديات، ولذلك أرى انه لابد أن يكون للدولة مسئولية إيجاد منح دراسية لهم فى الجامعات الخاصة داخل مصر أو خارجها فى التخصصات التى تحتاجها الدولة ومتابعتهم حتى تخرجهم للاستفادة منهم فى مصر.. وتستكمل د.آية ماهر رؤيتها قائلة: أما عن الرعاية اللاحقة لهؤلاء المتفوقين فيجب تشجيع هذه الشركات من قبل الوزارات التابعة لها بتقديم أنواع الدعم المختلفة للمتفوقين من خلال منح فى صورة دعم مادى شهري، وأجهزة لاب توب حديثة أو إشراكهم فى برامج تدريبية أو بعثات بالخارج أو فرص للتدريب الصيفى لديها أو العمل لديها بعد التخرج.. وتستكمل د.آية قائلة: وكذلك إدماج نظام التعليم عن بعد لذوى الاحتياجات الخاصة، وقد يجد بعض المتفوقين منهم صعوبة شديدة للالتحاق بالجامعات بسبب صعوبة التنقل من منازلهم إلى الجامعة أو داخل المبني، ولذا فمن الممكن توفير أساليب الدراسة لهم بنظام التعليم عن بعد مع الأخذ فى الاعتبار إدماجهم فى أنشطة الجامعة وإشراكهم فى عمليات التنظيم لمؤتمرات وندوات الجامعة، ولابد هنا من دور للمجلس القومى للإعاقة فى توفير سبل التنقل مثل السيارات الخاصة بهم أو جليس لبعض الوقت من خلال تبرعات رجال الأعمال أو زكاة المال.. أما المهارات الحياتية لديهم فيجب تطويرها حيث أصبحت لاتقل أهمية عن المهارات المهنية، فكثيرا ما نجد أن شريحة كبيرة من هؤلاء المتفوقين بسبب الفقر أو البيئة المحيطة به لا تسمح بتطوير بعض المهارات الحياتية لديهم التى تتوافر من خلال الأنشطة الاجتماعية المختلفة لديهم مثل أسلوب التحدث أو الملبس أو إتقان اللغة الانجليزية التى أصبحت ضرورة للالتحاق بالشركات الكبيرة، وهنا دور المجالس القومية المتخصصة مثل المجلس الأعلى للثقافة والمجتمع المدنى مثل ساقية الصاوى والمكتبات العامة فى توفير برامج مكثفة لهم فى تنمية مهاراتهم الحياتية والتى بدونها يصعب أن يجدوا أماكنهم المتميزة. وتختتم د. آية رؤيتها قائلة: لابد أيضا أن يكون لهؤلاء المتفوقين بما فيهم من الفقراء وذوى الاحتياجات الخاصة الأولوية للتعيينات والمراكز القيادية كمستشارين بمؤسسات الدولة ويفضل أن يتم تدريبهم أثناء سنوات الدراسة بهذه المؤسسات. ويقترح د. فراج سيد محمد فراج أستاذ علم الاجتماع السياسى بكلية الآداب جامعة قناة السويس أن يتم تشكيل جمعية لرعاية الطلاب المتفوقين فى كل محافظة تضم فى عضويتها مجموعة متميزة من خبراء التربية والتعليم وأساتذة الجامعات ويوضع تصور يكون قابلا للتطبيق لتنمية مهارات التفكير الابتكارى لديهم ويكون تمويل أنشطة تلك الجمعيات من صندوق خاص يشارك فى تمويله رجال الأعمال وأصحاب المصانع، مع تحقيق رغبات هؤلاء المتفوقين فى اختيار الكليات والأقسام التى يفضلون الالتحاق بها دون التقيد بقواعد مكتب التنسيق، وتتم متابعة هؤلاء الطلاب فى مراحل وأماكن دراستهم الجامعية وبالطبع سيكون دخول هذا الاقتراح حيز التنفيذ بمثابة حافز قوى جدا ليلحق بهم من يلتحقون بالثانوية العامة فى الأعوام المقبلة، مع الأخذ فى الاعتبار ضرورة دمج جميع الشرائح الاجتماعية لهؤلاء الطلاب المتفوقين من بسطاء وأغنياء وذوى احتياجات خاصة فى شريحة واحدة تحت مسمى الطلاب الفائقين وذلك سيقضى على كل الأحاسيس السلبية التى تؤثر سلبا على نجاح التجربة.